عرب أميركا... الانتخابات ومعادلة التصويت الصعبة

03 نوفمبر 2016
الجالية تسعى لأن تكون حاضرة وبقوة (العربي الجديد)
+ الخط -
"جاليات"-العربي الجديد

يبسط الباحث الفلسطيني المقيم في أميركا أسامة أبو ارشيد، معادلة العرب في الانتخابات الأميركية، وينظر إلي الآليات المتحكّمة في الصوت العربي.

لفهم السياقات التي يعيشها الأميركيون من أصل عربي في معمعة الانتخابات الأميركية أجرت "جاليات" لقاء مع أحد ناشطيها، أسامة أبو ارشيد عضو الهيئة الإدارية لمجلس المؤسسات الأميركية المسلمة، التي تضم ثمان من أكبر وأكثر تلك المنظمات تمثيلا.

 فأبو ارشيد المعروف بنشاطه وحضوره الإعلامي في أوساط الأميركيين العرب يقيم في العاصمة الأميركية واشنطن وله باع طويل في قراءة المشهد الأميركي والعربي. وعن الانتخابات والجاليات العربية يتحدث أبو رشيد لـ "جاليات" قائلا:" ثمة مستويات متعددة لشرح ما يجري. نحن لدينا جالية عربية غير موحدة بشكل كاف كما ينبغي، ورغم ذلك فهي إلى جانب المسلمين الأميركيين تسعى لأن تكون حاضرة هذه المرة وبقوة".

 الحديث هنا يدور عن حوالي 2 مليون عربي وفق تقديرات المؤسسات القائمة، بينما إذا نظرنا لعموم العرب والمسلمين "فلا يقل الرقم عن حوالي 10 مليون رغم غياب احصاءات دقيقة عنهم"، يقول أسامة أبو ارشيد.

 وبالنسبة لتأثيرهم الانتخابي في النظام الأميركي، ورغم أنهم قد لا يشكلون نسبة كبيرة على المستوى الوطني في مجتمع يتجاوز 320 مليونا، إلا أن النظام الانتخابي الاميركي يمكن أن يجعلهم أصحاب نفوذ حقيقي. ويشرح ابو ارشيد القضية قائلا:" يعتمد نظام الانتخابات على ما يسمى المندوبين. بمعنى أن الرئيس لا ينتخب مباشرة من قبل الشعب،فهذا النظام جرى اعتماده منذ أن كانت الولايات تحت سلطة التاج البريطاني، ولم ترغب في منح السلطة الفيدرالية سيادتها الولائية، وحتى لا يصبح للرئيس سلطة مطلقة بتفويض من الشعب. ما يجري في الواقع هو حصول المندوبين على أصوات تذهب لمن يجدونه قادراً على قيادة البلاد. وعليه هناك ولايات زرقاء محسومة للديمقراطيين وأخرى حمراء للجمهوريين، رغم استثناءات ككاليفورنيا التي منحت أصواتها لريغان رغم أنها ديمقراطية. وما نركز عليه اليوم كعرب ومسلمين هو العمل على الولايات المتأرجحة والترجيحية، سوينغ ستايتس، فالمسلمون موجودون في ولايات مثل فرجينيا وأوهايو وفلوريدا. من يعود بالذاكرة إلى العام 2000 سيتذكر بأن جورج بوش الابن ربح الانتخابات بفارق مئات أصوات العرب، الذين صوتوا له بعد أن وعد بإلغاء قانون الأدلة السرية". ما يأمل أبو ارشيد والمنظمات العربية والمسلمة هو إبراز الحضور العربي في الانتخابات القادمة من خلال القول صراحة لمندوبي الحزبين بأن "التصويت لن يكون تلقائيا".

تحركات الأميركيين العرب تجاه قضاياهم 

فهؤلاء يجرون مداولات جادة ويعملون بجد "لكي نصل إلى تسجيل مليون صوت مسلم، من خلال جهد جماعي تقوم به المؤسسات التي ننشط فيها". ورغم أنه يعتقد بأن خيار العرب والمسلمين سيكون للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، إلا أن أبو ارشيد له قراءة في وضع كلينتون "فهي لا يصوت لها العرب محبة بها وبمواقفها، بعد أن أصبحت على يمين أوباما وأقرب إلى يسار بوش. لكن الاختيار بينها وبين ترامب سيصب في مصلحتها".

ولا يترك العرب الأميركيون، بحسب ما يعتقد أبو ارشيد، الفرصة لحصد تلك الأصوات دون تفاوض ونقاش حول حقوقهم. فالمسلمون في أميركا يرون في مصلحة أميركا، إزدهارها وأمنها الداخلي ازدهاراً وأمنا لهم "فنحن لا ننظر إلى كلينتون سوى من زاوية أنها البديل المنطقي عن ترامب". حرية.. عدالة.. مساواة للجميع، هي القيم الأميركية التي يتمسك بها العرب الأميركيين في جهدهم المتواصل ليكونوا مواطنين بذات الدرجة التي تتعامل فيها المؤؤسات مع مواطنيها، وإن "كان لدينا خصوصيتنا كعرب" ، وفق ما يقوله الباحث أسامة أبو ارشيد. بالنسبة لأغلبية العرب الأميركيين، رغم أن الاستطلاعات تعطيه 7 بالمئة من أصواتهم حسب الاستطلاعات الأخيرة، فإن دونالد ترامب ليس سوى تهديداً لأميركا بكل ما تحمله من قيم "هو ليس عدو للمسلمين فحسب، بل لكل القيم الأميركية فمثل تلك الخفة والرعونة دفعت حتى بأعضاء بارزين في الجمهوري للخروج برسالة تقول بأنهم لن يصوتوا له. يرونه خطراً على أميركا ومصالحها".

بينما المسلمون في أغلبهم لم يكن لديهم مشكلة في اختيار بيرني ساندرز اليهودي "كونه رجل دعا إلى ترسيخ القيم الأميركية ودعا لضمان صحي لجميع المواطنين مثلما هو يقف ضد خلط المال الأسواق في تحديد الفارق في الانتخابات.. فالصوت هو الذي يصنع الفرق وليس المال وهذا مبدأ نؤمن به إلى جانب عدم انخراط أميركا يف الحروب... نحن ندعم الأوكرانيين رغم أننا لسنا كذلك، لكننا بنفس الوقت لا نريد لأميركا أن تغرق في حروب مع روسيا بل أن تدعم حقوق الشعوب وحريتها دون حروب".

ولشرح ما يفكر به أسامة وعدد كبير من منظمات عرب أميركا يستفيض في الأمر متسائلا عن كيفية تركيز "الدعم على مسائل تتعلق بتدعيم الديكتاتوريات والقمع عبر مد الأنظمة بالسلاح وأدوات القمع بدل الاستثمار كما في دول أخرى، فلما لا تستثمر أميركا بعيدا عن دعم الديكتاتورية في عالمنا العربي؟".

أما عن سبب تأييد بعض الأميركيين العرب لترامب فيرده أسامة أبو ارشيد لعوامل عدة "منها ما هو اقتصادي وهم يرونه رجل اعمال ناجح، رغم انه لم يقدم لليوم أوراقه الضريبية. وبعضهم يرونه شخصا من خارج المؤسسة التقليدية بينما كلينتون ابنة المؤسسة". عما يروج حول الاضطهاد للمسلمين في أميركا يرى أبو رشيد بأن الواقع هو أن الأمر مبالغ فيه "السؤال هو عما اذا كان هناك تجاوزات، فالجواب بالتأكيد يوجد كما يوجد تجاوزات من قبل رجال الأمن، لكن كل ذلك لا يعني قطعياً بأنها ممارسات تجري باسم المؤسسة أو يقبلها الشعب.. زوجتي ترتدي الحجاب في أميركا، ولم تتعرض لأذى بسبب ذلك. النساء يتصورن لجواز السفر ورخصة القيادة بحجابهن، ثم لن يكون غريبا أن ترى بعض المسلمين يرتدون ثيابهم التقليدية كالباكستانيين وغيرهم ولا حتى أن تقابل منقبة في الشارع. بالتأكيد هناك من يحاول الاعتداء على المساجد باطلاق النار أو محاولة تفجيرها، لكننا نتحدث عن قلة قليلة من أصل مئات ملايين البشر هم سكان الولايات المتحدة الأميركية".

ويتخذ الناشط أبو ارشيد من رفع وزارة العدل شكاوى على الشركات التي قامت بفصل بعض الموظفات المحجبات كدليل على شيوع دول القانون والحقوق، بينما من جهة أخرى يقول "ورغم ذلك نستطيع القول بأن الملاحقة للنشطاء تتم وخصوصا للمدافعين عن القضية الفلسطينية، وذلك يرتبط بنفوذ اللوبي الصهيوين الذي يريد أن يحيل حياة هؤلاء إلى جحيم باغتيال معنوي وجعل الحياة غير مطاقة. لكننا نعيش ما نسميه سنة التدافع وتلك ميزة في أميركا، فدفعنا يتم من داخل النظام وعلى الرأي العام لمعرفتنا بأن كل التجاوزات لن تمر بوجود التزام دستوري وحقوقي أعلى حتى من الرأي العام لو تحول بنسبة مئة بالمئة ضدنا..".

نشاط عرب أميركيين 

وعما يمكن أن تسفر عنه نتائج التصويت القادمة يشرح أبو ارشيد: "أولا هناك الآن دفع باتجاه أن تصبح الحياة السياسية باتجاه تعددية حزبية عبر مرشحين ليسا مقتصرين على الجمهوري والديمقراطي، كما في تجربة نادر السابقة، لكن الآن نحن أمام خيارين: ترامب أم كلينتون.. بكل الأحوال ترامب خسر الأقليات كلها تقريباً، اللاتينيون والسود والمسلمون والعرب والنساء بالعموم، والبيض منقسمون أيضاً فمهما يكن يبدو أن السباق هو لمصلحة كلينتون رغم أنها أيضا قد تخسر نتيجة عوامل عدة تتعلق بشخصيتها وبأخطاء كثيرة مارستها".

المساهمون