سلامة كيلة: الماركسية راهنة عربياً

27 يونيو 2014
+ الخط -
"كراسات ماركسية" مشروع نشر نصوص ماركسية أساسية تبنّته دار "روافد" المصرية ويشرف عليه الكاتب الفلسطيني الماركسي سلامة كيلة من منطلق قناعته بأن الأزمة الاجتماعية هي سبب الثورات الأخيرة في البلدان العربية.

مع صدور كراسيه الأولين، يقول كيلة إن المشروع ليس محاولته الأولى، إذ بدأ عام 2007 بإصدار سلسلة كراسات ماركسية، صدر منها 13 كراساً، ثم توقف بعد إبعاده عن دمشق. لكن الكراسات ستُطبع من جديد قريباً لاتفاقه مع دار نشر على ذلك. كما سبق أطلق كيلة سلسلة دفاتر ماركسية مع دار "الفارابي"، صدر منها كراسان قبل أن يتعثر المشروع، ليعود من جديد مع دار "روافد".

السبب الأساسي الذي دفع الكاتب إلى إصدار هذه السلسلة هو انهيار النظم الاشتراكية، ما أفضى إلى تراجع قراءة الفكر الماركسي، وتلمّسه بأن الأمور تسير نحو تفاقم الصراعات الطبقية، مع انهيار الأحزاب التي كانت تعتبر ذاتها ماركسية، وتلاشيها؛ وصل كيلة إلى استنتاج مفاده أن الشباب سيلعب دوراً في المرحلة القادمة، وسيكون الفاعل الجديد. لكن بما أنه لا يمتلك وعياً فكرياً نتيجة مجمل الأزمة العامة، بدأ كيلة العمل على تقديم كراسات صغيرة الحجم يمكن أن تشكل مدخلاً لإعادة قراءة وفهم الماركسية.

وفي رأي الكاتب، فرضت الثورات الأخيرة في البلدان العربية ما يمكن تسميته عودة الماركسية، لأن الشباب الذي كان محرّك الثورات وذخيرتها توّصل بتجربته إلى ضرورة تطوير وعيه، وإلى أن الصراع يفرض الاتجاه نحو اليسار، كون الأزمة الاجتماعية هي سبب هذه الثورات. لهذا شعر الكاتب بضرورة توسيع مشروعه ليشمل سلسلة أخرى.

وعن العناوين المطروحة، يخبرنا كيلة أن السلسلة غير محددة، حيث جرى الاتفاق مع دار النشر على طباعة كراسين كل شهر، وتوزيع جزء من نسخهما على أكشاك الجرائد وبيعها بسعرٍ زهيد. وقد صدر الكراسان الأولان ويتم التحضير لإصدار كراسين آخرين الشهر المقبل. ومن بين الكراسات التي ستطبع خلال السنة الأولى، "المسألة اليهودية" و"الأجور والأسعار والأرباح" لكارل ماركس، و"في التناقض" لماو تسي تونغ، و"إصلاح اجتماعي أم ثورة" لروزا لوكسمبرغ، و"خطتا الاشتراكية الديمقراطية في الثورة الديمقراطية" لإيليتش لينين.

أما عن الجديد الذي ستقدمه هذه الكراسات في نشرها اليوم، فيشير كيلة إلى أنها كراسات كلاسيكية، يحاول في مقدمة كل منها أن يوضح أهميتها أو يشير إلى الزاوية التي يمكن تناول الكراس منها. فبالنسبة إلى كتاب لينين "الدولة والثورة" الذي صدر هذا الشهر، وكان يجري تداوله لإظهار أن الماركسية تؤكد حتمية "دكتاتورية البروليتاريا"، حاول كيلة أن يشير إلى الهدف الذي دفع لينين إلى كتابته.

وفي هذا السياق، يوضح كيلة أن لينين كان يحارب الاتجاه الإصلاحي الذي يرفض الثورة، ليؤكد حتمية هذه الأخيرة، في وضع كان الغليان الثوري يتصاعد. وبالتالي، كان يؤكد ضرورة الانخراط في الثورة بدلاً من الذهاب بعيداً في الميل الإصلاحي. وما كشفه الطابع الطبقي للدولة ودكتاتوريتها إلا للقول بأن الطبقة المسيطرة لا تتغير بالإصلاح بل بإسقاطها من خلال الثورة. ووفقاً لكيلة، تأخذ هذه الأفكار قيمتها وراهنيتها في سياق الثورات العربية الأخيرة.


على الغلاف الخلفي للكراسات نقرأ الهدف الجوهري الذي أُصدرت هذه الكراسات من أجله، وهو فهم الماركسية وتملّك منهجيتها. وحول هذه النقطة، يقول كيلة إن ما كان رائجاً في السابق هو التلقين وليس الفهم، ما أدّى إلى جهل أسس الماركسية، أي الجدلية المادية، فظل معظم "الماركسيين" (في الغالب) أسرى المنطق التقليدي في التفكير (المنطق الصوري). ولهذا يعتبر كيلة أنهم ليسوا ماركسيين، لأن أهمية ماركس تكمن في تأسيس منهج تفكير جديد، وكل القوانين التي توصّل إليها، وكل الأفكار والتصورات التي طرحها، قامت على هذا المنهج. بالتالي، ما من ماركسية خارجه.

المساهمون