أندرو ويث.. أميركا بيت رمادي تحت سماء شاحبة

25 ابريل 2019
(من أعمال أندرو ويث)
+ الخط -

خلال فترة الحرب العالمية الثانية، أعاد فنانون أميركيون صياغة لوحة رسم المناظر الطبيعية كما كانت تمارس في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث وسّعوا نطاقها من المحلي إلى العالمي ، ومن الرعوية إلى ضدّها.

اعتمد الكثيرون، بمن فيهم أندرو ويث (1917-2009)، لغات بصرية مائلة لاستحضار المشهد المدمّر، وللاستفادة من اعتماد الأخبار المتزايد على الكاميرا، ومفهوم شاهد العيان الذي أصبح معتمداً في إيصال أخبار الحرب العالمية الثانية إلى البلاد.

خلال الحرب، قام ويث بتنفيذ العديد من اللوحات من المناظر الطبيعية المحيطة به، سيطر عليها ليس فقط هاجس تعقيدات عالمه الشخصي والإنساني والفني، بل وأيضاً تدخّلت فيها صور الحرب العالمية الثانية.

حول تجربة ويث البصرية وعلاقتها بذاكرة الحرب وواقعها وتأثيرها عليه وتمثلاتها في عمله، تلقي الأكاديمية سيسيل وايتينغ، الأستاذة في قسم تاريخ الفن وبرنامج الدراسات العليا في الدراسات المرئية في "جامعة كاليفورنيا"، محاضرة عند الخامسة من مساء الإثنين المقبل، 29 من الشهر الجاري في "معهد كورتولد للفن" في لندن، وبتنظيم من منتدى "ساكلر للبحث".لوحة "عالم كريستينا"

وتحت عنوان "ويث ومناظر الحرب" تعود الأكاديمية المتخصّصة في تاريخ الفن، وصاحبة "الفن والمدينة في الستينيات"، إلى تجربة أحد الفنانين الأكثر الأميركيين شعبية، وتعدّ لوحاته بمثابة أفكار وآراء دقيقة وواقعية حول الحياة الريفية القاسية، حرض من خلالها على مناقشات لا حدود لها حول طبيعة الفن الحديث.

خلال معظم تجربته التشكيلية، قدّم ويث نظرة أولية لأميركا من خلال صور رمادية ومنازل مخيفة، وحقول جافة، وشواطئ مهجورة؛ وتضمنت أعماله دائماً قصة ما، وقد كانت اللوحة التي وضعته تحت الأنظار هي "عالم كريستينا" التي رسمها عام 1948، وجلبت له الانتقاد أيضاً بل التهكّم من إغراقه في الواقعية بالنظر إلى معاصريه من الفنانين، كما انتقد لاستخدامه أسلوباً سردياً في اللوحات، بحيث يظهر بعضها كأنه يصلح كرسم تصويري لقصة خرافية.

من ذلك "عالم كريستينا" التي تظهر فيها فتاة ريفية في حقل أعشابه غارقة في الاصفرار الخريفي، وتبدو كما لو أنها تزحف باتجاه منزل بعيد عنها يظهر مصمتاً رمادياً تحت سماء شاحبة.

حتى التقنية التي استخدمها ويث، كانت قديمة، فقد رجع إلى "التيمبيرا" التي كانت تستخدم في القرنين الثاني عشر والثالث عشر بشكل كبير، وتوقّف استخدامها تقريباً في القرن الخامس عشر في أوروبا، بعد أن استولى الزيت على عالم الرسم.

ظلّ هذا العمل يثير الجدل والأعجاب والتهكم وردود فعل متقلبة إلى أن عرف أن الفتاة في الصورة تدعى كريستنيا أولسون مصابة بشلل الأطفال ولا تستطيع المشي، عند ذلك بدأ النقاد يرون في اللوحة مسألة أخرى وهي فكرة التوق إلى الوصول إلى البيت.

ومن هناك، من "عالم كريستينا" أصبحت أعمال ويث توضع في سياق شديد الخصوصية، بعيد عن الثقافة التشكيلية الأميركية دون أن يقصى منها، وقريب من الشعبية والحكايات اليومية للناس العاديين دون أن يكون مبتذلاً، رغم أن شعبيته هذه ظلّت مأخذ النخبة الثقافية عليه. 

المساهمون