أسامة نصار.. المتاهة وتكويناتها الساخرة

11 يناير 2017
مقطع من أحد أعمال المعرض
+ الخط -

في معرضه "لطخات من دمشق إلى دبي" الذي يُفتتح في السادس عشر من الشهر الجاري في "غاليري كويا" في دبي ويستمر لستة أسابيع، يقدّم الفنان السوري الشاب أسامة نصار (1989)، عبر خمس عشرة لوحة مختلفة الأحجام والقياسات، مسارات تجربته خلال السنوات الخمس الماضية بين دمشق وبيروت وأخيراً دبي.

استطاع نصار خلال وقت قصير الانتقال في أعماله من الواقعية إلى التعبيرية حيث انتقل تدريجياً إلى رسم الوجوه في حالات انفعالية مختلفة والشخوص التي تترقّب حدثاً ما، مطوّراً خلال المرحلة السابقة إمكاناته التقنية واللونية.

تتصف أعمال نصار بحضور التكوينات الساخرة التي تمتاز تعابيرها بالتخبّط والتعثّر ضمن جوّ لوني خاص يسود معظم أعماله، وهذا ما يجعل أيضاً من معاينة التدريجات الواسعة للألوان المنتظمة مع الاهتمام بالشكل العام مبتغى الفنان بعيداً عن إغراق العمل وإرهاقه بالتفاصيل.

وعن عوالم بناء اللوحة يقول نصار في حديثه لـ "العربي الجديد" إن "محيطنا مزدحم بالإشارات والايحاءات التي لا تنتهي، لحظة البدء في بناء اللوحة هي لحظة تصارع وتحاور هذه الإيحاءات في الذهن، لذلك أقوم بالبناء والهدم متنقّلاً بين مراحل كثيرة من التعثّر والغضب والفرح"، ويستطرد متابعاً "لحظة إنجاز اللوحة هي بالنسبة إليّ، ترجمة واعية وغير واعية في ذات الوقت، للصورة غير المكتملة في الذهن لمحاولة تجسيدها بالألوان على قماش أبيض ريثما تجلس تلك الشخوص التي لا أعرفها بصمت وتنتظر معي كل شيء".

ضمن الفضاءات اللونية التي تُشكّل الألوان الحادة ركائزها الأساسية ومداراتها التي تبدو متصارعة بغية هدف يبدو أساسياً ألا وهو تقديم شخصياته على أنها صانعة الفضاء المحيط بها، وكأن كل ما حولها نابع من انفجار داخلي لتلك الشخصيات. الأخيرة، غالباً ما تكون عيونها محدقة بعيداً عن الأفق أي بما يشبه الهروب. لكن الهروب السابق عند نصار ليس إلا جزءاً من جو احتفالي عبثي كما في إحدى اللوحات التي نرى فيها رجلاً على دراجة هوائية يظهر كأنه بواسطتها يعقد خيوط حياته ويشعبها أكثر، أي كأنه يعلم بأن هذا الهروب سيقوده نحو متاهة لا سبيل للخروج منها ومع ذلك تحتلّ الابتسامة مساحة واسعة من وجهه.

على الرغم من تعدّد الموضوعات التي يقدّمها نصار في أعماله (الانتظار والحلم والترقّب والخيبة)، إلا أن هذا لا ينفي تلك الابتسامة آنفة الذكر؛ الجامدة والملوّنة والتي تعرّي الابتذال والرياء حيث نجدها تتكرّر في عدد من لوحات المعرض، عنها يقول الفنان السوري: "أعتقد أنها تبتسم للمجهول، لكن على الرغم من مظهرها الجامد إلا أن حركة داخلية تجتازها لتمتلك القدرة على الكلام عن كثير من الأشخاص الذين مرّوا في حياتي وتركوا بصماتهم بشكل أو بآخر".

المساهمون