النسخ هذه من تنسيق وتنظيم القيّمة المغربية ثريّا الكلاوي، مسؤولة الـ "آرت فير"، وهي باحثة وناقدة فنية قادمة من خلفية الأعمال المصرفية، متعددة الثقافات والهويّات، فقد ولدت لأم فرنسية وأب مغربي، ودرست في نيويورك وتقيم منذ عشرين عاماً في لندن.
دخولها الفن جاء من ملاحظتها ندرة ما يقدّم من الفن الأفريقي، في صالات العروض العالمية، واقتصارها على نوع محدد منه يتفق مع المزاج الغربي، وانطباعاته التاريخية عن الفن في القارة السوداء، فقامت بترك وظيفتها وأسّست هذه التظاهرة التي تنطلق دورتها للسنة الخامسة على التوالي هذا العام.
الكلاوي واحدة من النساء القليلات اللواتي احترفن مهمّة القيّمة، وربما تكون كريسيتين طعمة مؤسسة جمعية "أشكال ألوان" من أوائل من حققن نجاحاً واضحاً في هذا المجال، بالإضافة إلى الكاميرونية كويو كوش التي أصبحت من أبرز الأسماء، في ما يسمى "صناعة" المعارض والإنتاج الثقافي، إلى جانب اهتمام متزايد، يكاد أن يكون ظاهرة، من قبل فنّانات ومعماريات برزن في الفترة الأخيرة، من خلال تقديم أبحاث ومحاضرات وعروض ليست فنية بقدر ما هي تحليلية لعلاقة الفن بالمدينة والتاريخ والمجتمع والسياسة.
تشارك في التظاهرة 41 صالة عرض أساسية، تُعنى بتقديم الفن الأفريقي المعاصر من 18 بلداً أوروبياً وأفريقياً ومن "الشرق الأوسط" وشمال أميركا.
ومن بين هذه الصالات 18 غاليري من بلدان أفريقيا، حيث ستتاح الفرصة في لندن لـ 130 فناناً من 32 بلداً، لتقديم أنفسهم للمتلقين وصالات العرض خلال التظاهرة "1:54"؛ ومن هذه البلدان الجزائر ومصر وتونس والمغرب وزمبابوي ومدغشقر وكينيا وغانا وفرنسا وكندا وإيطاليا وغيرها، بحيث يجمع المعرض فنانين من "الدياسبورا الأفريقية" إن جاز التعبير، للتعرف على الاتجاهات والسبل التي أخذها فنانون مختلفون وفقاً لأماكن استقرارهم وخلفياتهم.
تتيح تظاهرة الـ "آرت فير" بشكل كبير مشاهدة ومراقبة أثر سوق الفن على محتوى الفن نفسه، أي محاولة التمييز بين الذي يجري تضخيمه من قبل السوق، وذلك الذي يجري تهميشه بغض النظر عن قيمة ومستوى العمل الفني نفسه.
يمكّن "1:54" من متابعة لحظة الفن الأفريقي الراهنة، والاتجاهات المختلفة فيه، وكشف التعدّد والمؤثرات التي تدخّلت في هذا الفن وتداخلت معه؛ فهناك هويات مختلفة من بينها: العربية، والأفريقية، والقبلية، والعرقية، وكذلك الأثر الكولونيالي الذي لا يمكن تجاهله.