"بوكيمون" يتعاون مع الشرطة في هولندا

05 نوفمبر 2016
هنا "عاصمة البوكيمون" (ريمكو دي فال/ فرانس برس)
+ الخط -

نجحت شرطة مدينة فلاردينغن الهولندية في إلقاء القبض على سارق مطلوب، من خلال "فخّ البوكيمون". لكنّ ذلك لا يمنع الانتقادات التي توجّه إلى اللعبة المتمدّدة في البلاد.

أكثر من مليون وربع مليون هولندي، تتخطّى أعمارهم الثامنة عشرة، يواظبون على لعبة "بوكيمون غو". لكنّ هذه اللعبة الإلكترونية التي تلاقي رواجاً كبيراً تحوّلت إلى مادة لجدال قانوني يتعلق بالحريات الشخصية والإزعاج وانتهاك الخصوصية.

تفيد البيانات بأنّ 58 في المائة من عشاق "بوكيمون" تلك الشخصية الكرتونيّة التي تحوّلت إلى لعبة إلكترونيّة، يمارسون لعبتهم تلك مرّة يومياً على أقلّ تقدير، وهو ما يترك أثره في الشارع وساحات المدن وحتى عند مداخل المنازل والملكيات الخاصة. واحتشاد نحو عشرة في المائة من سكان البلاد في الشوارع، في هذا السياق، يرى فيه البعض تعزيزاً للأمن المجتمعي والاقتصادي، إذ تكثر العيون والعدسات التي تراقب مختلف الزوايا في طول البلاد وعرضها.

وكانت الشركة المشغّلة للعبة قد تلقّت تنبيهات من بلدية لاهاي بعد شكاوى عدّة رفعت أمامها تتعلق بالإزعاج العام وانتهاك الخصوصية، لا سيّما مع نزول مئات صائدي البوكيمون إلى أحد شواطئ المدينة في يوم مشمس من سبتمبر/ أيلول الماضي، الأمر الذي تسبّب في إزعاج مرتادي الشاطئ وهلعهم، فيما غضب أصحاب المقاهي والحانات وكذلك مرتادوها. فطلبت البلدية التي توجّهت إلى القضاء الهولندي، من الشركة الأميركية المصنّعة "ناينتيك" وقف ظهور الكائنات الافتراضية بين الساعة الحادية عشرة ليلاً والسابعة صباحاً، لا سيّما في الساحة التي أطلقت عليها تسمية "عاصمة البوكيمون" في هولندا، والتي خصّصت مع مرافقها وخدماتها للاعبين. فقد نُصبت في وسطها سارية علّقت عليها صورة للشخصية. أمّا الشركة فقد ردت بأنّها سوف تدرس إمكانية وقف اللعبة ليلاً، لكنّ ذلك غير ممكن تقنياً لغاية الآن.

تشير بعض استطلاعات الرأي إلى أنّ نحو تسعة في المائة من الهولنديين يفكّرون في تنزيل اللعبة على هواتفهم المحمولة وأجهزتهم اللوحيّة الذكية وتجربتها. وهذا ما يدفع السلطات المدنية والأمنية إلى محاولات بهدف إيجاد قواعد قانونية للتعامل مع اللعبة وآثارها المتعددة. وبالفعل، منعت بلديات عدّة دخول صائدي البوكيمون إلى مقابرها.




من جهة أخرى، فإنّ تقنية اللعبة من خلال التصوير تواجه رفضاً، إذ "من غير المقبول أن توجّه عدسة كاميرا هاتفك إلى وجوه الناس، أو أن تقف عند مداخل منازلهم، أو أن تعيق الحركة العامة". هذا ما صرّحت به شرطة أمستردام التي أضافت أنّ ذلك يحدث يومياً، عدا عن المشاجرات المتعددة وحوادث المرور التي تسببت فيها اللعبة. وعلى الرغم من أنّ الأرقام تتحيّز لصالح اللعبة الافتراضية، إلا أنّ ردود الفعل تجاهها متباينة. البعض يرى فيها تعبيراً عن حالة حنين بين اللاعبين إلى البرنامج الكرتوني الذي تابعوه قبل سنوات، فيما يرى آخرون أنّ اللعبة باتت سبباً للخروج من المنزل أو الحيّ لا أكثر. إلى ذلك، يرفض كثيرون اللعبة ويصنّفونها "فظاظة اجتماعية". لذا، من غير المستغرب أن تجد مقاهيَ أو مطاعم أو حانات علّقت عند مدخلها ملاحظة تقول بعدم وجود بوكيمون في داخلها. وهذا لا ينسحب على الكلّ.

أمّا في روتردام، فقد تقدّمت شرطة المدينة بطلبات عدّة أمام الشركة المشغّلة، لشراء وتخصيص عدد من شخصيات اللعبة الافتراضية لأماكن عامة، بناء على حاجتها، وذلك في محاولة منها لدرء عمليات السطو والسرقات التي تحدث يومياً تقريباً. وقد أشار متحّدث باسم شرطة المدينة إلى أنّها اشترت 180 "مخلوقاً" لتوزّعها في أماكن درستها. وقد أطلقت على العملية اسم "إغراء". وأضاف أنّ الشرطة لا تمانع احتشاد الناس في الأماكن التي تتكرر فيها حوادث السطو والسرقات، إذ إنّ ذلك من شأنه إرباك مخططات اللصوص ومنعهم من تنفيذ عملياتهم. وتابع المتحدث باسم الشرطة أنّها تعدّ لاعبي "بوكيمون غو" بمثابة "مراقبي أحياء"، وقد أدرجت أسماء البعض على قوائم اتصال خاصة بالشرطة المعنية بأحيائهم أو غيرها.

شرطة روتردام، كما أجهزة الشرطة في مدن أخرى، ترى في احتشاد الناس بمجموعات وإقبالهم على هذه اللعبة قد يساعدها في الحدّ من نسبة الجريمة المتصاعدة، من دون أن توضح أو تشير إلى مدى فعالية "تكتيك الغواية"، الذي تستهدف من خلاله تحويل السكان إلى مراقبين لأمن أحيائهم وممتلكاتهم الخاصة والعامة. هذا رأي منتقد لخطوة الشرطة يراها "غير مجدية" لأنّها تعتمد على مزاج اللاعبين وموضة اللعبة، وهما من العوامل المتقلبة التي تشبه طقس البلاد. فمن الممكن أن يمنع البرد القارس الناس من الخروج للعب أو حتى السرقة.