يبدو أن قرار النظام السوري طيّ دعوة أكثر من 800 ألف شاب للخدمة الاحتياطية ضمن قواته، دفع كثيرين منهم عانوا لسنوات من رهاب الاعتقال وتقييد الحركة، للتفكير بالسفر جدياً وبأسرع وقت ممكن، خشية أن يجدد النظام طلبهم للاحتياط بأي وقت.
بدا نادر (40 عاماً) فرحاً للغاية اليوم، فبعد نحو ثلاث سنوات قضاها حبيس الشارع الذي يسكنه في دمشق، خرج منه يتجول في شوارع دمشق، يتفقدها وكأنه يراها للمرة الأولى. وقال في حديث لـ"العربي الجديد": "كانت سنوات صعبة للغاية، في كل لحظة كنت أشعر بأنهم سيقتحمون منزلي لاعتقالي، أو أن توقفني دورية عابرة وتأخذني معها".
وأضاف: "حققت إنجازات اليوم، جددت إجازة السوق، وركبت سيارتي التي لم تتحرك من مكانها منذ سنوات، ووعدت أطفالي بأن أقلهم في نزهة كانوا محرومين منها أيضاً". ولفت إلى أنه سيحاول أن يعوض سنوات "الإقامة الجبرية" كما يسميها ليزور عائلته، لأنه يحنّ إلى المنزل الذي ولد فيه، كما سيزور بعض الأصدقاء، ويخرج ليسهر معهم كما كان يفعل قبل أعوام.
أما زياد (38 عاماً) فأرسل إلى شقيقه المغترب في إحدى دول الخليج العربي، يطلب منه أن يؤمن له عملاً، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد": "تسيطر عليّ فكرة السفر كثيراً، لا أريد أن أعيد تجربة السنوات الأخيرة، قليلة هي الليالي التي عرفت فيها طعم النوم، كنت أمضي ليلي على الشرفة أو وراء الشباك فكلما سمعت صوتاً اعتقدت أن هناك دورية أتت لتعتقلني".
وأضاف: "يزيد من قلقي أن تأمين فرصة للسفر ليس بالأمر اليسير اليوم، وأخبرني أخي أن تأمين فرصة عمل لشخص يحمل الجنسية السورية أمر في غاية الصعوبة، وإذا كان الشخص يريد أن يشتري تأشيرة دخول حرة، فستكلف نحو 6 ملايين ليرة سورية (الدولار الأميركي يساوي نحو 450 ليرة)، وهذا مبلغ ليس قليلاً بالنسبة لنا".
وقال مالك (35 عاماً) إنه سيحاول السفر إلى لبنان ليشعر بأنه خرج من "دائرة الخطر"، مضيفاً: "السفر إلى لبنان حالياً هو الأكثر توفراً، فالإقامة تكلف الشخص الواحد نحو 1300 دولار أميركي، وهناك مكاتب خاصة تؤمن تلك الإقامات".
وتابع: "بالرغم من سوء الأجور في لبنان والإساءات التي يتعرض لها السوريون بالعموم، يبقى الحل الوحيد لمن هو في وضعي المادي، إلى حين يتاح لي أن أسافر إلى أوروبا".
ورأى الناشط رضا الشامي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "شريحة كبيرة من الشباب فكرت بالسفر أولاً بعد إلغاء طلبات الاحتياط، والرغبة تزداد كلما صغر سنهم". وأعاد ذلك إلى أن "الشباب عموماً لا يثقون بأن النظام لن يعيد طلبهم بعد أسابيع أو أشهر مقبلة".