رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها معظم المصريّين، تراهم يحاولون جاهدين التمسّك بالعادات البسيطة التي تُدخل البهجة إلى قلوبهم في كل عيد، منها الأضاحي، وملابس العيد الجديدة، والعيدية، والتنزه في الحدائق والمتنزهات العامة، وأحياناً مشاهدة فيلم في السينما. إلّا أنّ إلغاء الحكومة نسبة كبيرة من الدعم الذي كانت تقدمه للمواطنين، أثّر على تلك العادات.
عماد الطناني، هو موظّف حكومي وصاحب محل لبيع الملابس النسائية المستوردة في إحدى قرى مركز شبين القناطر في محافظة القليوبية. ولأنه ميسور الحال، اعتاد ذبح بقرة كبيرة في العيد. لكن هذا العام، سيكتفي بخروف صغير نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة. ولا مفرّ من ذلك، إذ إن الأضاحي تعد السمة الرئيسية لعيد الأضحى، إلا أن أسعارها ارتفعت بشكل كبير. ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّ البقرة التي يصل وزنها إلى 500 كيلوغرام، يقدّر سعرها بـ30 ألف جنيه (1700 دولار)، وهو مبلغ كبير بالنسبة إلى ما كان عليه سعرها. يضيف أن الارتفاع الكبير في الأسعار جعل كثيرين يتوقفون عن الذبح، ويلجأون إلى شراء اللحوم المستوردة التي عادة ما تكون أرخص، أو يدفعون ثمن الأضاحي بالتقسيط، وهي ظاهرة جديدة في المجتمع المصري.
وتؤمّن منافذ الشرطة والجيش والاستخبارات العامة في مصر لحوماً برازيلية وسودانية حمراء بأسعار تراوح ما بين 60 جنيهاً (نحو ثلاثة دولارات) إلى 80 جنيهاً (نحو أربعة دولارات ونصف الدولار) للكيلوغرام الواحد، من خلال شركات تابعة لتلك الجهات الثلاث تتولى استيراد اللحوم، وهو ما أثّر على مربي الماشية. ويقول رئيس شعبة القصابين في الغرف التجارية، محمد وهبة، إنه خلال عيد الأضحى يزيد الطلب على اللحوم، وهذا مؤشّر طبيعي لارتفاع الأسعار. ويؤكد وهبة أن الأسعار ترتفع بشكل عام.
من جهته، يقول سكرتير عام شعبة القصابين، شلبي جابر، إن وزارة الزراعة تتراخى في تنفيذ العمل الموكل إليها، من خلال توفير أعلاف كافية ومحاصيل محلية، بدلاً من الاعتماد بشكل كامل على الاستيراد، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار اللحوم. ووصل سعر الخروف إلى 65 جنيهاً للكيلوغرام الواحد، في مقابل 43 و45 جنيهاً العام الماضي. ويعزو مربو الماشية ارتفاع أسعارها إلى ارتفاع أسعار الأعلاف، لافتين إلى أن تدخّل الدولة وطرحها للّحوم أجبر التجار على وضع هامش ربح ضعيف.
ذبح الأضاحي في العيد ليس الظاهرة الوحيدة التي تراجعت في مصر بسبب الظروف الاقتصادية، بل تراجعت مظاهر أخرى، منها ثياب العيد. ويحرص المصريّون على شراء ملابس جديدة في العيد، إلا أن ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة حرم كثيرين من تحقيق هذه المتعة الصغيرة المرتبطة بالعيد. ولجأ البعض إلى شراء ملابس مستعملة، والتي عادة ما تستورد من أوروبا. وتعدّ منطقة "وكالة البلح"، في حي بولاق أبو العلا في القاهرة، أكبر سوق للملابس المستعملة.
كذلك، فإنّ مدينة بورسعيد هي أيضاً المصدر الرئيسي لـ"البالات"، ويقبل عليها مواطنون من مختلف المحافظات، بسبب رخص أسعارها التي تناسب إمكانياتهم المادية الضعيفة. ويعدّ سوق "الحميدي" و"التجاري" أشهر أسواق "البالة" في بورسعيد.
اقــرأ أيضاً
وكان شراء الملابس المستعملة يقتصر سابقاً على الفقراء ومحدودي الدخل، إلا أن الوضع تغير الآن ليشمل الطبقة المتوسطة والغنية. وتراوح أسعار الملابس المستعملة ما بين 10 جنيهات و250 جنيهاً، بحسب جودتها. حامد ع. وهو موظف في شركة الكهرباء في شمال القاهرة القريبة من وكالة البلح، لديه أربعة أبناء، يقول لـ"العربي الجديد": "حتى أسعار وكالة البلح أصبحت مرتفعة. لكن استطعت شراء الملابس لأبنائي". ويختار آخرون شراء ثياب العيد بالتقسيط، وهذه خدمة تقدمها بعض المحال، خصوصاً أن حلول عيد الأضحى هذا العام تصادف مع بداية العام الدراسي.
ولطالما حرص معظم المصريّين، الفقراء والأغنياء، على إعطاء "عيديات" للأطفال. لكن في ظل الأحوال الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب المصري، تراجعت هذه العادة بشكل لافت. إيمان حسن، وهي موظفة علاقات عامة في إحدى شركات الدعاية، وتقيم في القاهرة، تقول: "كنت أدفع العيديات لأبناء وبنات أشقائي حين أسافر إلى قريتنا لقضاء إجازة العيد. لكن في الوقت الحالي، لا أستطيع دفع ما كنت أدفعه، وقد كثر عدد الأطفال. لذلك، قررت خفض المبلغ".
سابقاً، كان عدد كبير من المصريّين يسافرون إلى إحدى المدن الساحلية عندما يصادف العيد في فصل الصيف، لكن اختلف الأمر اليوم مع ارتفاع الأسعار. وتعدّ مدينة الإسكندرية أشهر تلك الوجهات، خصوصاً أنّ فيها شواطئ تتناسب مع أصحاب الدخل المنخفض، إضافة إلى صالات السينما. ومن أشهر المتنزهات والمصايف في مدينة الإسكندرية، حدائق المنتزه والمعمورة، وفيها أشجار وأزهار، لكن لا يستطيع الفقراء دخولها.
وتعدّ حديقة الحيوان الواقعة في منطقة النزهة، شرق الإسكندرية، الوجهة الرئيسية للأسر المصرية في الأعياد، إذ إن الدخول إليها مجاني، ولا يتطلب دفع أية رسوم. ويأتي مصريون من مختلف المحافظات لقضاء إجازة العيد في الإسكندرية، علماً أن في المدينة نحو 44 شاطئاً، منها ما هو سياحي ومجاني.
ولم تصرف الحكومة المصرية الرواتب قبل عيد الأضحى كما كانت تفعل في السابق، نتيجة عدم توفر السيولة. ويؤكد رئيس صندوق التأمينات العام والخاص، سامي عبد الهادي، أنه يتعذر صرف رواتب شهر سبتمبر/ أيلول قبل إجازة العيد.
اقــرأ أيضاً
عماد الطناني، هو موظّف حكومي وصاحب محل لبيع الملابس النسائية المستوردة في إحدى قرى مركز شبين القناطر في محافظة القليوبية. ولأنه ميسور الحال، اعتاد ذبح بقرة كبيرة في العيد. لكن هذا العام، سيكتفي بخروف صغير نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة. ولا مفرّ من ذلك، إذ إن الأضاحي تعد السمة الرئيسية لعيد الأضحى، إلا أن أسعارها ارتفعت بشكل كبير. ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّ البقرة التي يصل وزنها إلى 500 كيلوغرام، يقدّر سعرها بـ30 ألف جنيه (1700 دولار)، وهو مبلغ كبير بالنسبة إلى ما كان عليه سعرها. يضيف أن الارتفاع الكبير في الأسعار جعل كثيرين يتوقفون عن الذبح، ويلجأون إلى شراء اللحوم المستوردة التي عادة ما تكون أرخص، أو يدفعون ثمن الأضاحي بالتقسيط، وهي ظاهرة جديدة في المجتمع المصري.
وتؤمّن منافذ الشرطة والجيش والاستخبارات العامة في مصر لحوماً برازيلية وسودانية حمراء بأسعار تراوح ما بين 60 جنيهاً (نحو ثلاثة دولارات) إلى 80 جنيهاً (نحو أربعة دولارات ونصف الدولار) للكيلوغرام الواحد، من خلال شركات تابعة لتلك الجهات الثلاث تتولى استيراد اللحوم، وهو ما أثّر على مربي الماشية. ويقول رئيس شعبة القصابين في الغرف التجارية، محمد وهبة، إنه خلال عيد الأضحى يزيد الطلب على اللحوم، وهذا مؤشّر طبيعي لارتفاع الأسعار. ويؤكد وهبة أن الأسعار ترتفع بشكل عام.
من جهته، يقول سكرتير عام شعبة القصابين، شلبي جابر، إن وزارة الزراعة تتراخى في تنفيذ العمل الموكل إليها، من خلال توفير أعلاف كافية ومحاصيل محلية، بدلاً من الاعتماد بشكل كامل على الاستيراد، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار اللحوم. ووصل سعر الخروف إلى 65 جنيهاً للكيلوغرام الواحد، في مقابل 43 و45 جنيهاً العام الماضي. ويعزو مربو الماشية ارتفاع أسعارها إلى ارتفاع أسعار الأعلاف، لافتين إلى أن تدخّل الدولة وطرحها للّحوم أجبر التجار على وضع هامش ربح ضعيف.
ذبح الأضاحي في العيد ليس الظاهرة الوحيدة التي تراجعت في مصر بسبب الظروف الاقتصادية، بل تراجعت مظاهر أخرى، منها ثياب العيد. ويحرص المصريّون على شراء ملابس جديدة في العيد، إلا أن ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة حرم كثيرين من تحقيق هذه المتعة الصغيرة المرتبطة بالعيد. ولجأ البعض إلى شراء ملابس مستعملة، والتي عادة ما تستورد من أوروبا. وتعدّ منطقة "وكالة البلح"، في حي بولاق أبو العلا في القاهرة، أكبر سوق للملابس المستعملة.
كذلك، فإنّ مدينة بورسعيد هي أيضاً المصدر الرئيسي لـ"البالات"، ويقبل عليها مواطنون من مختلف المحافظات، بسبب رخص أسعارها التي تناسب إمكانياتهم المادية الضعيفة. ويعدّ سوق "الحميدي" و"التجاري" أشهر أسواق "البالة" في بورسعيد.
وكان شراء الملابس المستعملة يقتصر سابقاً على الفقراء ومحدودي الدخل، إلا أن الوضع تغير الآن ليشمل الطبقة المتوسطة والغنية. وتراوح أسعار الملابس المستعملة ما بين 10 جنيهات و250 جنيهاً، بحسب جودتها. حامد ع. وهو موظف في شركة الكهرباء في شمال القاهرة القريبة من وكالة البلح، لديه أربعة أبناء، يقول لـ"العربي الجديد": "حتى أسعار وكالة البلح أصبحت مرتفعة. لكن استطعت شراء الملابس لأبنائي". ويختار آخرون شراء ثياب العيد بالتقسيط، وهذه خدمة تقدمها بعض المحال، خصوصاً أن حلول عيد الأضحى هذا العام تصادف مع بداية العام الدراسي.
ولطالما حرص معظم المصريّين، الفقراء والأغنياء، على إعطاء "عيديات" للأطفال. لكن في ظل الأحوال الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب المصري، تراجعت هذه العادة بشكل لافت. إيمان حسن، وهي موظفة علاقات عامة في إحدى شركات الدعاية، وتقيم في القاهرة، تقول: "كنت أدفع العيديات لأبناء وبنات أشقائي حين أسافر إلى قريتنا لقضاء إجازة العيد. لكن في الوقت الحالي، لا أستطيع دفع ما كنت أدفعه، وقد كثر عدد الأطفال. لذلك، قررت خفض المبلغ".
سابقاً، كان عدد كبير من المصريّين يسافرون إلى إحدى المدن الساحلية عندما يصادف العيد في فصل الصيف، لكن اختلف الأمر اليوم مع ارتفاع الأسعار. وتعدّ مدينة الإسكندرية أشهر تلك الوجهات، خصوصاً أنّ فيها شواطئ تتناسب مع أصحاب الدخل المنخفض، إضافة إلى صالات السينما. ومن أشهر المتنزهات والمصايف في مدينة الإسكندرية، حدائق المنتزه والمعمورة، وفيها أشجار وأزهار، لكن لا يستطيع الفقراء دخولها.
وتعدّ حديقة الحيوان الواقعة في منطقة النزهة، شرق الإسكندرية، الوجهة الرئيسية للأسر المصرية في الأعياد، إذ إن الدخول إليها مجاني، ولا يتطلب دفع أية رسوم. ويأتي مصريون من مختلف المحافظات لقضاء إجازة العيد في الإسكندرية، علماً أن في المدينة نحو 44 شاطئاً، منها ما هو سياحي ومجاني.
ولم تصرف الحكومة المصرية الرواتب قبل عيد الأضحى كما كانت تفعل في السابق، نتيجة عدم توفر السيولة. ويؤكد رئيس صندوق التأمينات العام والخاص، سامي عبد الهادي، أنه يتعذر صرف رواتب شهر سبتمبر/ أيلول قبل إجازة العيد.