مثّل واقع القضاء في تونس محور اهتمام أطراف عدة اجتمعوا أمس، الخميس، لتحديد أهم العراقيل والصعوبات التي تحول دون استقلالية هذه المؤسسة العمومية، خلال يوم أشرفت عليه منظمة "أنا يقظ".
وقال يوسف بن بلقاسم، أحد منسقي المشاريع بالمنظمة، لـ"العربي الجديد"، إن "المنظمة عقدت هذا اليوم اجتماعاً بمشاركة عدة أطراف لمناقشة مختلف الصعوبات والتحديات، التي يواجهها القضاء التونسي، وخصوصا صعوبة تنفيذ الأحكام القضائية ومحدودية الموارد المادية المرصودة للقضاء للقيام بعمله".
وشدد على أهمية هذا القطاع الذي اعتبره "من أهم الركائز لمكافحة الفساد في تونس، وإنهاء عقلية الإفلات من العقاب"، كما رأى منسق المشروع أن بإمكان القضاء أيضا أن يدعم بقاء الفساد في تونس، إن لم يقم بدوره أو لم يكن مستقلا".
وأفاد بلقاسم أنهم يحاولون معرفة هذه الصعوبات والخروج بجملة من التوصيات لرئاسة الحكومة ونواب مجلس الشعب، لإصلاح القضاء في تونس، ومنحه المزيد من الاستقلالية، واستغرب اعتذار قاض طلبت المنظمة مشاركته كممثل عن القطب القضائي المالي، بعلّة التحفظ.
وشهد اليوم مشاركة دائرة المحاسبات والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ودائرة الأملاك المصادرة، والهيئة الوقتية للقضاء العدلي، وممثل عن مجلس نواب الشعب.
من جانبه، تحدث نجيب القطاري، رئيس غرفة في دائرة المحاسبات، لـ"العربي الجديد"، عن الصعوبات التي اعترضتهم بخصوص التحقق من قضية "أوراق بنما"، قائلا: "إذا اعتبرنا قضية بنما موضوع تهرب جبائي فمن المفروض أن تقوم الأطراف الأخرى في وزارة المالية والبنك المركزي التونسي بواجبها، وعلى أثر ما تتوصل إليه من نتائج، فبإمكان دائرة المحاسبات التثبت منها."
وأضاف:"يجب توفير إمكانيات بشرية ومادية حتى نتمكن من مواصلة العمل والتثبت من النتائج، التي توصلت إليها الأطراف الأخرى في هذا الشأن"، منتقدا "إغراق دائرة المحاسبات بمهمات ثانوية على حساب مهامها الأصلية والأساسية المنصوص عليها في الدستور"، والذي اعتبرها من أكبر الصعوبات التي تعترضهم. "أينما وجد المال العام، توجّبَ على دائرة المحاسبات أن تتدخل ولا يمكن أن نطلب منها القيام بالكثير، إذا لم تتوفر لها موارد بشرية كافية".
أما على مستوى التشريع القانوني، فأكد القطاري أن دائرة المحاسبات، وحسب القانون المنظم لها، يمكن أن تصل إلى المعلومة أينما وجدت داخل الحدود التونسية، لكن ليست لديها إمكانيات لتتحصل على المعلومات خارج البلاد.
وقالت نجاة باشا، مستشارة مقرر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، لـ"العربي الجديد"، إنهم في السابق كانوا يتحدثون عن العديد من الصعوبات، التي تعرقل عملهم، لكن اليوم تم التخفف منها نظرا لوجود استجابة نسبية من الحكومة لتوفير الضروريات للهيئة، حتى تقوم بدورها وتحقق نتائج مرجوة، وذلك من خلال دعمها بالوسائل المادية والبشرية والتقنية، وترسانة من النصوص التشريعية على غرار قانون الكسب غير المشروع، وقانون حماية المبلغين عن الفساد وقانون التصريح بالممتلكات، وكلها آليات فعالة تعمل بها الهيئة.
وعن علاقة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالقضاء، رأت نجاة باشا أنها علاقة طيبة للغاية بعدما شابتها في البداية سلبيات.
وتوقفت القاضية المكلفة بملف الأملاك المصادرة، ليلى عبيد، عند الصعوبات في تطبيق قانون المصادرة في تونس، والمشاريع البديلة التي تدعمها بعض الأطراف السياسية، مؤكدة لـ"العربي الجديد"، أن "أهم الصعوبات تتمثل في عدم استقلالية النظام القضائي حتى الآن، وخاصة في مسألة تنفيذ الأحكام"، مستغربة في السياق ذاته، الجدل الذي يدور حول قانون المصادرة، مؤكدة أن "الكل أصبح يشكك فيه وفي مشروعيته وحتى في إنسانيته"، متسائلة عن توقيت هذا التشكيك بعدما أخذت المحكمة زمام الأمور وأصبحت تتلقى الملفات.
وترى عبيد أن مشروع المصالحة المدنية المطروح كبديل لقانون المصادرة هو تأسيس لدولة الفساد، ولهذا جاءت هذه الحملة للتشكيك في قانون المصادرة، بحسب قولها.