تحوّلت خيم الاصطياف في ليبيا إلى ملجأ للتخفيف من الضغوط الاجتماعية. اعتادت بعض العائلات قضاء بعض أوقات الصيف كلّ عام في أحد المصايف، لكنّها في الوقت الحالي، تمضي أياماً أطول، محاولة تجاوز أزمات البلاد
الأزمات المتتالية تزيد معاناة الليبيين، في ظل نقص السيولة النقدية في مقابل ارتفاع الأسعار، وسوء الأوضاع الأمنية ونفوذ المليشيات وانقطاع الكهرباء لمدة 12 ساعة يومياً في بعض الأحيان، عدا عن مشاكل تأمين المياه. وهو ما يجعل الصيف فصلاً صعباً.
تستمرّ شركة الكهرباء في تبريراتها المتوالية حول تعرّض شبكات ومحطات التوليد إلى اعتداءات متكررة، بالإضافة إلى الارتفاع في درجات الحرارة والمطالبة بتأمين سيولة من قبل الحكومة لإنشاء محطات توليد جديدة، من دون التوصّل إلى حلّ يرضي المواطن الذي يتهم الجهات المتصارعة بالوقوف وراء أزماته المفتعلة. وشهدت طرابلس تظاهرات مؤخراً للمطالبة برحيل حكومة الوفاق، باعتبار أن النافذين في السلطة يتحمّلون مسؤولية الأزمات المتتالية.
اقــرأ أيضاً
وعلى امتداد طريق الشط في طرابلس تنتشر مئات المصايف المتشابهة، وهي عبارة عن أكواخ من سعف النخيل أو خيم كلٌّ منها يحمل اسماً يرمز إلى شهيد أو منطقة قريبة من الشاطئ فيها مليشيا معروفة. في الوقت نفسه، لا تتوفر في ليبيا مصايف منظمة وحديثة، باستثناء ثلاثة في منطقة القربولي القريبة من طرابلس، ومصيفين كبيرين في منطقة الخمس شرق العاصمة، بالإضافة إلى مصيف "تليل" في صبراته غرباً، المعروف بأسعاره المرتفعة، إذ تتجاوز كلفة الإقامة فيه 1500 دينار (نحو ألف دولار) يومياً. لذلك، معظم رواده مسؤولون في الدولة أو من العائلات المقتدرة.
ويؤكّد المسؤول في مكتب الاستقبال في مصيف قرية الكهف السياحية (مشروع استثماري خاص في منطقة القربولي)، محمد القاضي، أنه لم يعد الحجز لديهم ممكناً حتى نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. ويوضح أنّ الأسعار رخيصة، وبدل الإقامة لا يزيد على 300 دينار (نحو 216 دولاراً) يومياً. "نملك مولدات كهرباء خاصة تعوّض ساعات انقطاع الكهرباء، ما يزيد من الإقبال". ولدى سؤاله عن القرى الأخرى، يقول إن "معظمها محجوز بسبب الأسعار المقبولة وتوفّر الكهرباء".
وتؤكّد كريمة، التي تقيم في مصيف بصحبة زوجها وثلاثة من أبنائها منذ أسبوع، أن "انقطاع الكهرباء وارتفاع درجة الحرارة هو السبب الأول للجوء إلى المصيف". تضيف: "لم تعد الحياة تطاق في البيوت. هنا الأوضاع أكثر راحة ومناسبة للدراسة. ما ذنب أطفالي أن يعيشوا في ظل غياب العناصر الأساسية للحياة. سنسعى إلى تأمين الراحة والأمان لهم بحسب ظروفنا المادية".
وتتحدّث كريمة عن المآسي التي تعيشها أسرتها في حي غوط الشعال في طرابلس. تقول: "في بعض الأحيان، ينقطع التيار الكهربائي لمدة 16 ساعة. ولا يمكن للمولّد الصغير الذي نملكه تغطية كل هذه الساعات، علاوة على أزمة الوقود". تتابع: "اضطررنا إلى إلقاء محتويات الثلاجة في القمامة لفسادها بسبب عدم وجود الكهرباء الذي تسبب أيضاً في توقف المضخات عن تزويدنا بالمياه"، مؤكدة أن اللجوء إلى المصايف بات الحل الوحيد لدى أسرتها أسوة بمئات الأسر التي تختار هذا الحل.
عز الدين من منطقة بئر العالم في تاجوراء، اختار قضاء الصيف في قرية العطايا السياحيّة في القربولي. ويشير إلى سبب آخر يدفع الليبيين للجوء إلى المصايف، قائلاً: "كما أن كلّ الجهات تحتمي بالمليشيات، فإن المصايف محمية من المليشيات. لذلك، نشعر بالأمان هنا". ويشير إلى أنّه ركن سيّارته بعيداً عن أنظاره في موقف للسيارات. "أفكر فيها وأراقبها بين الحين والآخر أمام بيتي. أترك عائلتي بأمان وأذهب للتبضع من أسواق المنطقة".
لكنّ العائلات ذات الدخل المحدود تلجأ إلى المصايف الأقل سعراً، لا سيما على طريق الشط، حيث لا يتجاوز تأجير الكوخ وبعض الكراسي 80 ديناراً (نحو 60 دولاراً). ويقول فراس الذي قدم إلى مصيف في تاجوراء بصحبة أسرته النازحة إلى طرابلس: "أضطر إلى المجيء إلى هنا أكثر من مرة أسبوعياً، هرباً من ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء". ويشير إلى أن الأسرة التي تتمكّن من تأمين بدل إيجار للكوخ يمكنها المجيء إلى هذه المصايف بسبب رخصها نسبياً.
اقــرأ أيضاً
وبمرارة، يقول فراس: "يسبح كثيرون في البحر، لكنهم لا يفكرون في الاستمتاع في البحر بل الهرب من المشاكل اليومية". يضيف: "أنا الأكبر بين أشقائي، وسوء الوضع المعيشي يجبرني على إقناعهم بالمجيء إلى هنا مرة في الأسبوع للتخفيف عنهم". يضيف أن "المسؤولين غير معنيين بنزوحنا عن مناطقنا وغربتنا عن أهلنا. وبدلاً من التفكير في الكهرباء وغلاء الأسعار، أبحث عن سبل لإلهاء أسرتي عن التفكير في هذه المعاناة. وتعاني العشرات بل مئات الأسر ما أعانيه"، مشيراً إلى أكواخ أخرى تقيم فيها عائلات نازحة للأسباب عينها.
الأزمات المتتالية تزيد معاناة الليبيين، في ظل نقص السيولة النقدية في مقابل ارتفاع الأسعار، وسوء الأوضاع الأمنية ونفوذ المليشيات وانقطاع الكهرباء لمدة 12 ساعة يومياً في بعض الأحيان، عدا عن مشاكل تأمين المياه. وهو ما يجعل الصيف فصلاً صعباً.
تستمرّ شركة الكهرباء في تبريراتها المتوالية حول تعرّض شبكات ومحطات التوليد إلى اعتداءات متكررة، بالإضافة إلى الارتفاع في درجات الحرارة والمطالبة بتأمين سيولة من قبل الحكومة لإنشاء محطات توليد جديدة، من دون التوصّل إلى حلّ يرضي المواطن الذي يتهم الجهات المتصارعة بالوقوف وراء أزماته المفتعلة. وشهدت طرابلس تظاهرات مؤخراً للمطالبة برحيل حكومة الوفاق، باعتبار أن النافذين في السلطة يتحمّلون مسؤولية الأزمات المتتالية.
وعلى امتداد طريق الشط في طرابلس تنتشر مئات المصايف المتشابهة، وهي عبارة عن أكواخ من سعف النخيل أو خيم كلٌّ منها يحمل اسماً يرمز إلى شهيد أو منطقة قريبة من الشاطئ فيها مليشيا معروفة. في الوقت نفسه، لا تتوفر في ليبيا مصايف منظمة وحديثة، باستثناء ثلاثة في منطقة القربولي القريبة من طرابلس، ومصيفين كبيرين في منطقة الخمس شرق العاصمة، بالإضافة إلى مصيف "تليل" في صبراته غرباً، المعروف بأسعاره المرتفعة، إذ تتجاوز كلفة الإقامة فيه 1500 دينار (نحو ألف دولار) يومياً. لذلك، معظم رواده مسؤولون في الدولة أو من العائلات المقتدرة.
ويؤكّد المسؤول في مكتب الاستقبال في مصيف قرية الكهف السياحية (مشروع استثماري خاص في منطقة القربولي)، محمد القاضي، أنه لم يعد الحجز لديهم ممكناً حتى نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. ويوضح أنّ الأسعار رخيصة، وبدل الإقامة لا يزيد على 300 دينار (نحو 216 دولاراً) يومياً. "نملك مولدات كهرباء خاصة تعوّض ساعات انقطاع الكهرباء، ما يزيد من الإقبال". ولدى سؤاله عن القرى الأخرى، يقول إن "معظمها محجوز بسبب الأسعار المقبولة وتوفّر الكهرباء".
وتؤكّد كريمة، التي تقيم في مصيف بصحبة زوجها وثلاثة من أبنائها منذ أسبوع، أن "انقطاع الكهرباء وارتفاع درجة الحرارة هو السبب الأول للجوء إلى المصيف". تضيف: "لم تعد الحياة تطاق في البيوت. هنا الأوضاع أكثر راحة ومناسبة للدراسة. ما ذنب أطفالي أن يعيشوا في ظل غياب العناصر الأساسية للحياة. سنسعى إلى تأمين الراحة والأمان لهم بحسب ظروفنا المادية".
وتتحدّث كريمة عن المآسي التي تعيشها أسرتها في حي غوط الشعال في طرابلس. تقول: "في بعض الأحيان، ينقطع التيار الكهربائي لمدة 16 ساعة. ولا يمكن للمولّد الصغير الذي نملكه تغطية كل هذه الساعات، علاوة على أزمة الوقود". تتابع: "اضطررنا إلى إلقاء محتويات الثلاجة في القمامة لفسادها بسبب عدم وجود الكهرباء الذي تسبب أيضاً في توقف المضخات عن تزويدنا بالمياه"، مؤكدة أن اللجوء إلى المصايف بات الحل الوحيد لدى أسرتها أسوة بمئات الأسر التي تختار هذا الحل.
عز الدين من منطقة بئر العالم في تاجوراء، اختار قضاء الصيف في قرية العطايا السياحيّة في القربولي. ويشير إلى سبب آخر يدفع الليبيين للجوء إلى المصايف، قائلاً: "كما أن كلّ الجهات تحتمي بالمليشيات، فإن المصايف محمية من المليشيات. لذلك، نشعر بالأمان هنا". ويشير إلى أنّه ركن سيّارته بعيداً عن أنظاره في موقف للسيارات. "أفكر فيها وأراقبها بين الحين والآخر أمام بيتي. أترك عائلتي بأمان وأذهب للتبضع من أسواق المنطقة".
لكنّ العائلات ذات الدخل المحدود تلجأ إلى المصايف الأقل سعراً، لا سيما على طريق الشط، حيث لا يتجاوز تأجير الكوخ وبعض الكراسي 80 ديناراً (نحو 60 دولاراً). ويقول فراس الذي قدم إلى مصيف في تاجوراء بصحبة أسرته النازحة إلى طرابلس: "أضطر إلى المجيء إلى هنا أكثر من مرة أسبوعياً، هرباً من ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء". ويشير إلى أن الأسرة التي تتمكّن من تأمين بدل إيجار للكوخ يمكنها المجيء إلى هذه المصايف بسبب رخصها نسبياً.
وبمرارة، يقول فراس: "يسبح كثيرون في البحر، لكنهم لا يفكرون في الاستمتاع في البحر بل الهرب من المشاكل اليومية". يضيف: "أنا الأكبر بين أشقائي، وسوء الوضع المعيشي يجبرني على إقناعهم بالمجيء إلى هنا مرة في الأسبوع للتخفيف عنهم". يضيف أن "المسؤولين غير معنيين بنزوحنا عن مناطقنا وغربتنا عن أهلنا. وبدلاً من التفكير في الكهرباء وغلاء الأسعار، أبحث عن سبل لإلهاء أسرتي عن التفكير في هذه المعاناة. وتعاني العشرات بل مئات الأسر ما أعانيه"، مشيراً إلى أكواخ أخرى تقيم فيها عائلات نازحة للأسباب عينها.