وقد أوضحت الحملة أن رصد وتوثيق حالات "الإخفاء القسري والاحتجاز بدون تحقيق" قد تم بناء على متابعة الحملة بشكل مباشر، أو عبر بيانات حقوقية أخرى، أو من خلال بلاغات ذوي الضحايا أو معارفهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي كحالة إسراء الطويل، التي اختفت في 1 يونيو/حزيران الماضي، ولم يُستدل على مكانها إلا بالصدفة عندما شاهدتها صديقة لها في سجن القناطر رغم إنكار الداخلية اختطافها، في حين أن ظهور إسراء الطويل الأول كان أمام نيابة أمن الدولة العليا وتم اتهامها ببث أخبار كاذبة عن الأوضاع في البلاد وإرسال صور لجهات تتعامل معها خارج البلاد، وتم حبسها 15 يوماً على ذمة التحقيقات المتهمة فيها بالانتماء لجماعة محظورة أسست خلافاً لأحكام القانون والدستور والغرض منها تعطيل مؤسسات الدولة.
اقرأ أيضاً:مصر: اختفاء الطالبة إسراء الطويل
"الاختفاء القسري... مصر على خطى الأنظمة الشمولية"، عنوان تقرير صادر عن مركز "هدرو" لدعم التعبير الرقمي، منظمة مجتمع مدني مصرية، أكد أن "الاختفاء القسري" مستمر في الشوارع المصرية ولا يوقفه أي قانون دولي أو إنساني.
وفي نظرة تحليلية، أوضح التقرير أن "لجوء الدولة إلى ممارسة الاختفاء القسري هو غطاء لعجز أجهزتها عن القيام بالعمل المنوط بها، لذا فهي تلجأ إلى القمع والتعسف. وأشار إلى أن مصر في ذلك سلكت المسار الذي سلكته إيران وكوريا الشمالية في تحقيق الاستقرار على حساب كرامة المواطنين وسيادة القانون وهو الشيء غير المبرر على الإطلاق، حيث إنه لا سبيل لتحقيق تنمية سياسية واقتصادية، إلا في ظل نموذج ديمقراطي واحترام لحرية المواطنين وسيادة القانون".
وأشار التقرير إلى أن جميع الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان أقرّت أن "الاختفاء القسري" جريمة ضد الإنسانية، وأن ممارسته تعتبر خرقاً لسيادة القانون والدستور، إلا أنه في مصر يظل دائماً الوضع مختلفا، حيث إن مسلسل "الاختفاء القسري" هو عرض مستمر في الشوارع المصرية ولا يوقفه أي قانون دولي أو إنساني.
وأضاف التقرير "زادت حالات الإخفاء القسري في الفترة الماضية منذ أول إبريل/نيسان الماضي، حتى يونيو/حزيران الجاري، ذلك أن معظم الحالات المختطفة وجهت لها اتهامات بالانضمام لحركة 6 إبريل والدعوة إلى الإضراب وتكدير السلم العام، ومنذ ذلك الحين بدأ نزيف الاختفاء القسري للمواطنين ولم يقف حتى هذه اللحظة، وكما نرى في الوقائع اليومية للاختفاء القسري في مصر، فلم يسلم منه الشاب أو كبير السن أو المرأة أو الطفل أو حتى ذوو الاحتياجات الخاصة".
ويتابع التقرير"ها نحن نجد أن قضية الاختفاء القسري تزداد يوماً بعد يوم في شوارع المحروسة وتشمل معظم محافظاتها بدون أي وجه حق، ولا يقتصر الأمر فقط على اختطاف الأشخاص وعدم معرفة أماكن اختفائهم، بل يتعرض الضحايا إلى أبشع الانتهاكات النفسية والجسدية ويمكن أن تصل إلى فقدان الشخص حياته كلها".
وفي تقريره وضّح مركز "هردو" لدعم التعبير الرقمي تأثير الاختفاء القسري على الضحايا وأقاربهم وعلى المجتمع ككل، إذ يتعرض الضحايا للتعذيب وشتى أنواع العنف، كما تعاني أسرهم من الأزمات النفسية لاختفاء ذويهم وعدم الحصول على أي معلومات تفيد بأماكنهم، إضافة إلى الأزمات المادية إذا كان الضحية هو العائل الرئيسي لأسرته. ويشرح أن الاختفاء القسري يحرم الشخص من كافة حقوقه المدنية والسياسية ومنها حقه في الحرية والتعليم والصحة، ويصل إلى حدّ حرمانه من حقه في الاعتراف بشخصيته القانونية وهويته أو حتى الحق في الحماية القانونية التي يكفلها لهم الدستور.
ولفت التقرير إلى المواد 54، 55، 58 و99 من الدستور المصري، التي تؤكد حفظ وحماية حرية الفرد وكرامته، تلزم الدولة معاملة المقبوض عليهم بطريقة آدمية تحفظ كرامتهم وإنسانيتهم.
كما أشار إلى المواثيق والاتفاقيات الدولية وإعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي تنص جميعها على تجريم الاختفاء القسري تحت أي ظرف، وعدم وجود ما يبرر الاعتداء على الأشخاص وإفقادهم حريتهم، كما تقر بحق كل فرد في التمتع بالحماية القانونية والمحاكمة العادلة وحقه في المطالبة بالتعويض المناسب له ولأسرته حال تعرض لجريمة الاختفاء القسري من قبل أجهزة الدولة.
اقرأ أيضاً:مصر: استمرار جريمة الاختفاء القسري ولا حياة لمن تنادي