إنعام العشا: ناشطة حقوقية أردنية تناصر قضايا القاصرات

إنعام العشا: ناشطة حقوقية أردنية تناصر قضايا القاصرات

08 نوفمبر 2014
(العربي الجديد)
+ الخط -
إنعام العشا، حقوقية أردنية تبلغ من العمر 50 عاماً. وتركّز عملها على حقوق المرأة، بخاصة القاصرات. ولدت في عائلة مكونة من ثماني بنات وأربعة أولاد. وكانت المولودة الأنثى الأولى لأهلها. وبما أنّ التقاليد تفرض زواج البنت الكبرى من ابن عمّها، فقد زوّجت إنعام، بعمر 14 عاماً، لابن عمّها الذي كان يبلغ 28 عاماً. زواج اختارت العشا وضع حدّ له بعد 23 عاماً، بحكم قضائي على أساس عدم وجود تكافؤ في العلاقة الزوجية.

رضخ زوجها لإرادتها بالطلاق، بعد زواج طويل تصفه بـ"التأبيدة". وتقول: "كان لا بد له أن ينتهي". تقر العشا بأن زوجها أحبّها، وتمسك بها طويلاً، وحاول مراراً أن يقنعها باستمرار العلاقة بينهما. وتقول عنه: "هو إنسان صالح". لكنها مضت في قرارها لأنها لم تشعر بالتقارب معه، بخاصة أنّها أرغمت على الزواج. اليوم، يمنع قانون الأحوال المدنية في الأردن تزويج الفتاة دون سن الـ 18 عاماً، لكنه يجيز في حالات استثنائية للقاضي الشرعي حق عقد قران الفتاة التي أكملت 15 عاماً، بحضور وليّها، وفي حال أثبت أن الزواج في مصلحة الفتاة.

بعد زواجها في مرحلة الطفولة، لم يمنعها ذلك عن حلمها الكبير في التعلّم. واستمرت في محاولة إقناع زوجها بالسماح لها بإكمال تعليمها، حتى تمّ ذلك. وتأخرت 7 سنوات دراسية كاملة بعد سفر زوجها مباشرة بعد الزواج بها، للالتحاق بعمله في إحدى الدول الخليجية.
فقد اجتازت الثانوية العامة وهي في منتصف العشرينات. ويوم حصولها على شهادتها، بكت العشا طويلاً. وتقول عن ذلك: "هذا الحلم تأخر كثيراً". تضيف: "كنت أبكي من القهر، كلما أعلنت نتائج الثانوية العامة، لكنني يوم نلتها، ولو متأخرة 7 سنوات، بكيت من الفرح".
التحقت بالجامعة، من أجل دراسة القانون، وسط اعتراض من قبل أسرتها على الاختصاص الذي اختارته. تقول: "كانوا يعتبرون أنّ دراسة الفتاة للقانون عيب، وأنّ هذا الاختصاص يجب أن يكون حكراً على الذكور". ورغم ذلك تمكنت العشا من قهر إرادة أسرتها التي لم ترد لها إلّا التخصص كمعلمة.

وعندما أتمت العشا دراستها، باتت محامية ممارسة. وتشير بهذا الخصوص إلى أنّ "مهنة المحاماة كانت وما زالت تمثل لي العدالة التي لم تُطبّق يوم أرغمت على الزواج".
وبذلك، وجدت نفسها منحازة لقضايا حقوق الإنسان، وهي التي كانت عرضة لانتهاك حقها في الاختيار. فعملت على قضايا السجينات، والأحداث، واللقطاء، وضحايا تجارة الجنس، وأطفال الشوارع. وأصبحت تشكّل مرجعاً حقوقياً معروفاً في مساندة هذه القضايا.
كلّ شيء يبدأ لدى العشا من قضيتها بالذات. فتقول عن زواج القاصرات: "الفتاة القاصر في مجتمعاتنا مسلوبة الإرادة، وزواجها ليس سوى عقد إذعان تخضع فيه الزوجة الصغيرة لإرادة الزوج". وترى العشا أنّ العائلات التي تزوّج بناتها وهن قاصرات، تسعى الى إيجاد حارس عليها، يراقب سلوكها وتحركاتها دون مراعاة لشعورها.
واليوم، تدافع العشا من خلال مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية التي تنشط فيها، عن تعديل القوانين بما ينصف النساء، ويمنع انتهاك حقوقهن تحت غطاء القانون. وتعترف: "أبكي عندما أوكّل للدفاع عن الفتيات ضحايا الانتهاكات. ولا أتمكن من التحايل على الإحساس بالألم تجاههن".

كذلك تصبّ العشا جلّ جهدها في إنقاذ الفتيات الموقوفات في سجن النساء، دون أيّ تهمة. وذلك لمجرد حمايتهن من القتل الذي يتربص بهن حال خروجهن من السجن. فمعظم الموقوفات توعدتهن عائلاتهن بالقتل تحت مبرر الشرف، بسبب شبهات إقامتهن علاقات جنسية، أو تعرضهن للاغتصاب. وتشير الإحصائيات الى تعرض نحو 20 فتاة للقتل سنوياً بمبرر الدفاع عن الشرف.

ومن أجل حماية تلك الفئة، ساهمت العشا في مشروع بيوت صديقة الذي تأسس عام 2008. وتؤمّن هذه البيوت أماكن آمنة، للموقوفات إدارياً بعد خروجهن من السجن. وتقول عن ذلك: "استطاع المشروع وهب حياة جديدة لأكثر من 100 نزيلة، فتزوجت بعضهن وأصبحن أمهات".
وتضيف: "هو مشروع يحكي عن شريحة كنت أنتمي إليها. أعرف قضاياهن، ومعاناتهن، ومشاكلهن. حتى الجانحات منهن مظلومات. فالظروف تدفع البعض نحو السقوط. وتلك الفئة تحتاج إلى من يمد لها يد العون".
وبالإضافة الى ذلك، تخوض العشا نضالاً بالترافق مع مؤسسات المجتمع المدني، لتعديل المادة 308 من قانون العقوبات الأردني، الذي يسمح للمغتصب بالزواج بالضحية. وتسأل باستغراب: "كيف يُكافأ المغتصب بإعطائه عروساً مجانية".
وفيما ترفض وصف نفسها بالضحية، وتؤكد أنّها كانت "قرباناً للعادات الاجتماعية"، تصرّ اليوم، من خلال عملها، على عدم وجود "قرابين اجتماعية أخرى".

دلالات

المساهمون