ثمن حروب سورية المفتوحة

15 فبراير 2019
أحوال الشباب سيئة جداً في سورية(أحمد شفيع بلال/فرانس برس)
+ الخط -
الحروب المتناسلة التي تشهدها سورية بأشكالها المتنوعة: أهلية، إقليمية، دولية، والتي لم تترك زاوية من زوايا البلاد إلا ومرت عليها، تبدو الآن خارج أفق الحل المرئي، فلا العملية السياسية تتحرك، ولا إعادة اللاجئين والنازحين التي طرحها الروس تجري، ولا إعادة الإعمار تعرف طريقها إلى النور... والنتيجة تآكل مقدرات البلاد في شتى القطاعات، والأرقام هنا كارثية على صعيد الدمار والخسائر والكلفة المقدرة للإعمار المؤجل. ووسط هذه الحال، تغيب الإحصاءات الدقيقة، باعتبار أن الأجهزة الرسمية معطلة وغيرها بحاجة إلى مناخ من السلم لتنفيذها. مع ذلك، فإن بعض الأرقام المتداولة تعطي ولو فكرة وإن كانت غير دقيقة إلا أنها معبّرة. كل المؤشرات تؤكد أن النمو الذي كانت تعرفه سورية انعكس سلباً. ففي الأعوام 2004 ـ 2010 كان معدله 5 في المائة، أما الآن فهو سالب بنسبة 3.98. علماً أن هناك دراسات مقارنة تتحدث عن معدل نمو سلبي يبلغ 13.15 في المائة بين 2010 ـ 2016. ففيما كان معدل النمو الاقتصادي بحدود 3 في المائة (موجب) بداية عام 2011، تراجع بحدة إلى 26 في المائة (سالب) في 2012، وبقي كذلك في 2013، ليرتفع قليلاً في 2014، بحدود 12 نقطة، لكن بقي سالباً، حتى اليوم.

وينعكس مثل هذا الوضع، بالدرجة الأولى، على الشباب والبطالة. فقبل الأزمة، كانت نسب البطالة تتراوح بين 6 و8 في المائة، وهي نسبة مقبولة عالمياً. أما حالياً، وفي ظل الأزمة المستمرة منذ سبع سنوات، فقد ارتفعت النسبة إلى 53 في المائة، وهي النسبة الأعلى عالمياً. لكن العديد من المحللين الاقتصاديين يشككون في رقم البطالة السابق، ويؤكدون على نسبة بطالة قياسية بفعل شلل القطاعات الإنتاجية والخدمية، وتراجع الاستثمارات، وهروب رأس المال الداخلي والخارجي. وتشير الأرقام إلى أن نحو 150 ألف عامل استقالوا أو تم تسريحهم تعسفياً، حتى نهاية عام 2015. كما تشير التقارير إلى أن نحو 70 في المائة كحد أدنى عاطلون عن العمل، لكن المرجح أن النسبة تفوق 80 في المائة، بعد تهديم القطاعات التي تستوعب العمالة في سورية. ويقوم مثل هذا الرقم على احتساب حجم التدمير الذي طاول المنشآت الصناعية والزراعية والفندقية والحرفية والخدماتية وغيرها وهجرة الرساميل ورحيل الكفاءات وغلبة العوامل الطاردة على عناصر الجذب.

ومن المعلوم أن نسبة البطالة رسمياً في سورية كانت 8.8 في المائة عام 2010، ارتفعت عام 2014، وفق مراكز بحثية، إلى 57.7 في المائة، ما يعني وجود نحو 3.72 ملايين عاطل عن العمل، ما أدى إلى فقدان مصدر الدخل الرئيسي لـ12.22 مليون سوري.




ولا توجد إحصاءات رسمية لعدد الخريجين العاطلين عن العمل، ولكن وبواقع عدم وجود فرص عمل في سورية، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، فإن معظم أصحاب الشهادات عاطلون عن العمل، لكن معظمهم هاجر إلى دول الجوار وأوروبا.

*باحث وأكاديمي
المساهمون