محمد الصالحي.. دافع عن بيته فقتله جنود الاحتلال

10 يناير 2017
استشهد برصاصات جنود الاحتلال
+ الخط -
لا يلتفت الجنود إلى الوسيلة التي سيستخدمونها في سبيل الوصول إلى غايتهم التي أمرت بها حكومة الاحتلال، فالغاية تبرر الوسيلة، حتى لو اضطروا للقتل، وهو ما حدث فجر اليوم، الثلاثاء، في مخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين، عندما أعدم الجنود شابا فلسطينيا داخل منزله، وهم في طريقهم لاعتقال أحد جيرانه.

الكثافة السكانية، والمساحة المحدودة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، تجبرهم على بناء منازلهم محاذية لبعضها البعض، وخلال اقتحام جنود الاحتلال لأحد بيوت مخيم الفارعة، جنوبي مدينة طوباس، إلى الشمال من الضفة الغربية المحتلة، لتنفيذ حملة اعتقالات، أفاق الشاب محمد صبحي الصالحي ليجد جنود الاحتلال داخل غرفته، وحاول أن يدافع عن منزله وهو مصدوم بما يجري، إلا أن أيادي جنود الاحتلال المجهزة دائما على الزناد أطلقت النار نحوه لتصيبه بـ11 رصاصة، رحل على أثرها شهيدا وهو داخل المنزل أمام عيني أمه.

الناشط في مخيم الفارعة والمقرب من الشهيد، ياسر أبو كشك، قال لـ"العربي الجديد": "هذه جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال، أن تعدم شابا طموحا جميلا يحبه كل أهل المخيم، فقط لأن جبن جنود الاحتلال يقودهم دوما لإطلاق النار على من يقف أمامهم، فقد أعدم بشكل متعمد".

الشهيد محمد والبالغ من العمر 32 عاما، وهو أسير محرر أمضى في سجون الاحتلال ثلاث سنوات، وأفرج عنه عام 2007، وحيد عائلته، يعيش مع أمه في منزل متواضع بمخيم الفارعة، يعمل بائعا للسكاكر على عربة يضعها أمام مدرسة الوكالة في المخيم، كان محبوبا يبتسم في وجه من يراه.


وتابع كشك، وهو مدير عام المخيمات في دائرة شؤون اللاجئين: "العائلة تعيش في مخيم الفارعة منذ عشرين عاما، وطيلة هذه السنوات استطاعت أن تحبب أهل المخيم بها، فهي عائلة فقيرة وطيبة وحسنة السمعة، توفي والده منذ سنوات، وظل هو وأمه في المنزل وحدهما، بينما شقيقته تعيش مع زوجها في مخيم عسكر للاجئين الفلسطينيين، شرق مدينة نابلس".

وأشار إلى أن والدة الشهيد كانت تخطط وتحلم بأن تجهز مكانا ليعيش فيه محمد، وهي ترسم في خيالها ذلك اليوم الذي تراه فيه عريسا وتزوجه وتفرح فيه، كونه الابن الوحيد لها، إلا أن رصاصات المحتل الذي لا يرحم، سبقت كل هذه المخططات والأحلام، لتراه محملا على الأكتاف يُزف شهيدا إلى مثواه الأخير.

والدة الشهيد، الشاهدة على إعدام نجلها الوحيد، ودعته بكلمات من الصبر، وما زالت صابرة على استشهاد نجلها، تدعو له، وتستذكر فوق رأسه الجنة وما سيعطيه إياه ربه من خير في الجنة بدل الدنيا، وشهد لها أهل المخيم بقوتها وثباتها على مصابها.

ورجّح كشك أن محمد أفاق من نومه على صوت جلبة الجنود، حيث هاجمهم ليدافع عن بيته وعن أمه، ربما ظن أنهم لصوص، وحتى إن كانوا جنودا، فكيف يدخلون البيوت دون استئذان، دون مراعاة حرمتها، فآثر الدفاع عن بيته حتى وإن كان على حساب دمه، ونال الشهادة.

لا أقارب من الدرجة الأولى في مخيم الفارعة للشهيد وأمه، إلا أن المخيم جميعه يحب محمد، فمنذ سماع الخبر، هرع الأهالي جميعهم لبيت الشهيد، النساء ذهبن إلى والدته للوقوف بجانبها ومساندتها في مصابها، فلم يكن أحد يتوقع أن يرحل محمد فجأة، وأن تُترك العربة أمام المدرسة بلا محمد، وأن لا يشتري طلاب المدارس منه ما يحبونه، إلا أن ذعر الجنود ورصاصهم الذي يسبق كل شيء غيّب محمد.