عطلة الربيع في الجزائر قصاص مدرسي للتلاميذ

25 مارس 2018
العطلة تعني الترفيه... لكن (العربي الجديد)
+ الخط -
العطلة المدرسية تعني التوقف عن الذهاب إلى المدرسة والتمتع بإجازة ترفيهية بعيداً عن الروتين اليومي، لكنّها في الجزائر ليست كذلك هذا العام، إذ تسببت نتائج التلاميذ السيئة في حرمانهم داخل بيوتهم من العطلة

هذه السنة لم تكن العطلة المدرسية الربيعية التي بدأت قبل أيام في الجزائر، مثل عطلات السنين السابقة، بسبب ما يصفها كثيرون بحالة القلق التي عاشتها الأسر منذ بداية العام الدراسي في سبتمبر/ أيلول الماضي، سواء بسبب الإضرابات والمشاكل التي عرفتها المدارس، أو بسبب النتائج غير المرضية لأبنائهم، والتي تسببت بها إضرابات نقابات التربية والتعليم لفترات متقطعة ما أثر سلباً على التحصيل المدرسي.

مع بدء عطلة الربيع، واجهت عائلات جزائرية مأزقاً في التعامل مع الإجازة، ما بين برمجة فترة راحة لأبنائها ودفعهم إلى مراجعة الدروس والإقبال على الدروس الخصوصية. عائلات عدة حسمت أمرها باتخاذ الخيار الثاني، وتبرير ذلك بأنّ مصلحة الأبناء فوق كلّ اعتبار. يقول نور الدين، وهو أب لثلاثة أولاد، يتهيأ ابنه البكر لامتحان البكالوريا، وابنه الثاني لشهادة التعليم المتوسط لـ"العربي الجديد" إنّ العطلة لا تهم ابنه بالقدر الذي يهمه أن يراجع بعض الدروس في الرياضيات والفيزياء التي تعطل عنها خلال تلك الإضرابات وشوشت ذهنه: "أدخله ذلك في حالة من الخوف والتوجس من صعوبة الامتحانات في يونيو/ حزيران المقبل".

وإذا كانت العطلة في عرف العائلات هي المخرج الوحيد أمام التلاميذ، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لاستيعاب الدروس، فإنّهم يظلون ضحية باعتبار أنّ العطلة في العادة تستلزم تغيير الأجواء الدراسية نحو الترفيه والسياحة وأخذ قسط من الراحة. تعلق إحدى الأمهات: "أنا مقتنعة أنّ العطلة هي للراحة، لكنّ النتائج التي حصل عليها ابني تجعلني أقول إنّ الفائدة من العطلة تظل في استدراك الدروس، خصوصاً في ظلّ الإضرابات الأخيرة التي شوشت كثيراً على أبنائنا وعلينا".

الأزمة التربوية التي عاشتها الجزائر خلال الفترة الأخيرة لعبت دوراً سلبياً كبيراً لدى التلاميذ، والنتائج الكارثية التي انتهى إليها الفصل الدراسي الأخير قبل العطلة، تؤشر إلى مشكلة كبيرة في استيعاب الدروس، فالأرقام بحسب وزارة التربية تشير إلى أنّ مليون تلميذ من بين سبعة ملايين تلميذ في الجزائر حصلوا على نتائج راسبة مصنفة في خانة "إنذار وتوبيخ" وهو العدد الأكبر في تاريخ البلاد.

مع كلّ هذه المعطيات، تحاول الجمعيات ودور الشباب تغيير أجواء الدراسة وإزالة الضغوط النفسية عن التلاميذ عقب امتحانات الفصل الثاني من السنة وتأهيلهم للفصل الثالث (النهائي) والامتحانات المصيرية. يقول المدرّس شويح عبد القادر إنّ "الأسر تبدو في حالة إرهاق كبير نتيجة ما شاب العام الدراسي من مشاكل. لذلك، فإنّ الكرة في مرمى دور الشباب والمراكز الثقافية وجمعيات المجتمع المدني لتلعب دورها الفعال بفضل النشاطات الثقافية والترفيهية التي تنظمها خلال العطل المدرسية ونهاية السنة، وحتى خلال أيام الراحة ونهاية الأسبوع أيضاً".



في هذا السياق، وضع العديد من دور الشباب المنتشرة عبر بلديات الوطن وغيرها من جمعيات المجتمع المدني والكشافة الجزائرية، برامج تثقيفية وترفيهية، الهدف منها تحفيز التلاميذ. وأخذت الكشافة الجزائرية على عاتقها تنظيم العديد من الرحلات الترفيهية للمنتسبين إليها ضمّت أيضاً تلاميذ المدارس. وهي رحلات لحظت زيارة بعض المراكز الثقافية والمتاحف وحضور عروض مسرحية فضلاً عن التخييم في المناطق الجبلية، وتنظيم مسابقات وألعاب فكرية وفترات مطالعة كتب وتلخيصها، ونشاطات أخرى من شأنها أن تفتح ذهن التلميذ على آفاق أوسع بعيداً عن الأقسام والدروس الإجبارية. كذلك، عمد العديد من دور الشباب إلى وضع برامج غنية لعروض أفلام ومسرحيات وحصص غناء وشعر ورسم، ومسابقات فكرية لتحفيز التلاميذ على التعلم، بالتنسيق مع المراكز الثقافية، فضلاً عن تنظيم عدد من الرحلات نحو المتاحف بالعاصمة الجزائرية وغيرها من المدن.

في بلدة أحمر العين قرب العاصمة الجزائرية، نظم دار الشباب رحلة للأطفال والتلاميذ الى المركز العلمي بمدينة تيبازة. يقول مدير الدار حلاج علي مهدي إنّ الرحلة التي شارك فيها عشرات التلاميذ، تستهدف إخراجهم من الظروف الصعبة والضغوط التي عاشوها خلال الفترة الأخيرة من الفصل الدراسي، إذ يمكنهم من خلالها تجاوز هذه الضغوط والتحضير لعودتهم بعد أسبوعين إلى المدارس وهم في حالة نفسية جيدة".




تبقى بعض العائلات التي فضلت أن تبقي على برنامج العطلة في كونها عطلة حقيقية، فسافر أفرادها بمن فيهم التلاميذ إلى مناطق ريفية داخل البلاد أو لزيارة الأقارب، وغيرها من الرحلات الداخلية، خصوصاً مع الحالة الاقتصادية السيئة التي تمنع السفر إلى تونس على سبيل المثال.
المساهمون