ضجة في تونس بسبب عنصر أمن مرتش

09 يونيو 2016
عناصر من الشرطة التونسية (GETTY)
+ الخط -

أثار سلوك عنصر أمن تونسي، خلال طلب رشوة من عائلة ليبية، انتقادات واسعة في تونس، مخلفاً استياء النقابات الأمنية، وتدخل وزارة الداخلية، التي وصفت هذا التجاوز بالخطير، لأنه يمس هيبتها، وقد يكون محفزاً للإرهابيين لتمرير الأسلحة والممنوعات.


وظهر عون الأمن المرتشي في أول أيام رمضان، في فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع، بعد أن تم تصويره من قبل امرأة، كانت ترافق السائق، مهددا إياهم بضرورة دفع مبلغ مالي قدره 40 دينارا تونسيا (20 دولاراً) مقابل السماح لهم بالمرور أو احتجاز السيارة، بينما كان العون الثاني يقف بالقرب من السيارة، ويتفاوض مع زميله، الأمر الذي أثار تعليقات واسعة.
وأكدّ الناطق الرسمي لنقابة موظّفي الإدارة العامّة لوحدات التدخّل، مهدي الشاوش، لـ"العربي الجديد"، أنه تم إيقاف عون الأمن ومرافقه، وإحالتهما إلى العدالة، مبينا أنهم طالبوا كنقابة بتسليط العقوبات اللازمة ومعاقبتهما إداريا وجزائيا ليكونا عبرة لكل من تسوّل له نفسه القيام بمثل هذه التجاوزات.
ووصف الشاوش الحادثة بـ"الصادمة والخطيرة"، مبينا أنه عندما يسمح لسيارة بالمرور دون خضوعها للتفتيش في ظرف حساس تمر به البلاد، فإن ذلك قد يكون مدخلا لتمرير الأسلحة، والقيام بعمليات إرهابية في تونس، مما يشكل تهديدا على الأرواح.
واعتبر الناطق الرسمي للنقابة أنّ هذا التصرف، وإن كان معزولا، إلا أنه يعيد المؤسسة الأمنية خطوات إلى الوراء بعيدا عن أمن الجمهور، الذي يراد ترسيخه، مبينا أن هناك عدة أطراف تتربص بالأمنيين، وتكنّ لهم العداء ومن شأنها استغلال وتوظيف هذه الحادثة.

وأكدّ الشاوش أنهم كنقابة قاموا بدورهم من خلال جلسات التفاوض التي عقدت منذ 2015 مع الحكومة، وعلى ضوئها تم إقرار زيادات هامة للأمنيين، وخاصة العاملين في المناطق الحدودية والصحراوية وعلى الطرقات.
وحول العنصر المرتشي، قال الشاوش إنه عزل سابقا بعد تلقيه رشوة، ولكن تمت إعادته إلى العمل بعد الثورة، وإنه نال خلال الفترة الأخيرة عقوبة تأديبية ليتم إلحاقه بوحدات التدخل، والفرق العاملة بالطرق، لكنه للأسف أساء إلى كل الأمنيين بسلوكه، مؤكدا أن هناك حالة من الاستياء والغضب في صفوف الأمنيين بعد الحادثة، والتي تزامنت مع أول أيام شهر رمضان.

وعبرت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي، في بيان على موقعها الرسمي، عن استيائها من "التصرفات الفردية غير المسؤولة لبعض منتسبي المؤسسة الأمنية، والتي تمس الجميع، وتستنكر وتدين مثل هذه الأفعال التي من شأنها أن تعطي صورة سيئة عن الأمن الجمهوري الجديد، الذي ناضلت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي من أجل تحقيقه، والدفاع عن الحقوق المادية والاجتماعية والمهنية لمنتسبي المؤسسة الأمنية، والسجنية".
من جهته، دعا رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد، إبراهيم الميساوي، إلى إقرار إصلاحات تقطع الرشوة، وتحدّ من مثل هذه السلوكيات، وقال الميساوي لـ"العربي الجديد"، إنّه أمام خطورة الحادثة، وما قد ينتج عنها من عواقب غير محمودة، فإنه يجب إعادة النظر في مقاييس اختيار الأشخاص العاملين بالمناطق الحدودية وعلى الطرقات، مبينا أن هذا الاختيار يجب أن يكون نوعيا، وعلى أساس وازع أخلاقي وديني ووطني.

وطالب الميساوي بضرورة إقرار حوافز لكي لا تتلوث أيدي الأمنيين بالرشى، ومن ذلك الحصول على نسبة من محاضر المخالفات التي يمسكونها، فمهما كانت المبالغ التي ستقدم إليهم فإنهم يرفضونها طالما أنهم سيتحصلون على عمولة قانونية من إدارتهم، وهو ما يحد من طلب الرشاوى ويشجع على ضبط المخالفين.

وقال الميساوي إنّ شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دورا مهما في توثيق التجاوزات صوتا وصورة، وهو ما يساعد في التصدي لهذه الممارسات، مبينا أن المواطن أصبح لديه وعي، ويبادر إلى التصوير وهو ما يجعل السلطات أمام الأمر الواقع، لأنه لا مجال أمام المرتشي لإنكار فعلته.
ولم يُخفِ أن الرشوة مترسخة في تونس، وخاصة في المجال الأمني، حيث أصبحت هناك شبه ثقافة للحصول على المال بوسائل عديدة وتحت عناوين مختلفة، مبينا أن المواطن أيضا يساهم في الظاهرة، فكلما كان هناك راشٍ فإن هناك مرتشياً يرغب في قضاء مصالحه أو ربح الوقت.
يذكر أنها المرة الثانية، التي يتم فيها تصوير عنصر أمن يطلب رشوة، مما دفع السلطات التونسية إلى التحرك واتخاذ الإجراءات الضرورية ضد المخالفين.