بابا والذئب

26 يونيو 2015
للرجل الحق بالاستمتاع العلني بكل المشاعر المصاحبة لـ "الوالدية"(Getty)
+ الخط -

صادف عيد الأب يوم الأحد الماضي. مرّ "العيد" كيوم عادي في عطلة نهاية الأسبوع، تخلّلته معايدات جميلة لآباء الأصدقاء على "فيسبوك". وخلاف ذلك، لم نشهد ازدحاماً ولا احتشاداً في محلات بيع الورود. ولم تتسابق محلات الحلويات على إنتاج أعداد مضاعفة من قوالب الحلوى. ولم تغالِ المحال بالإعلان والترويج لعروض وتخفيضات "لمناسبة عيد الأب". ولم تمتلئ الطرقات بإعلانات لتذكيرنا بأنه حان وقت "الشوبينغ" الخاص بعيد الأب. هذا التسويق التجاري لعيد الأب، لم يحصل. يا ليته حصل.

لو حصل، لفرحنا إذ إن النظام بمؤسساته وإعلامه وعقليته وأولوياته يلحظ دور الرجل كأب. لم يكن بالتأكيد ليروّج لمكانس كهربائية أو غسالات (النظام ليس تقدمياً إلى هذا الحد)، لكن ذلك كان ليكون بمثابة احتفالية وطنية - وإن سطحية - بالآباء. كنا لنعود وننتقد بالطبع الصبغة التجارية للعيد. لا بأس، لا بد من بداية من مكان ما. كان ذلك ليكسر النظرة التقليدية للأب ودوره. كان ليؤكد أن للرجل الحق بأبوة بدوام عمل كامل، وللاستمتاع العلني بكل المشاعر المصاحبة لـ "الوالدية". كان النظام ليعترف بأن "الوالدية" ليست مرتبطة بالنساء فقط. كل ذلك كان ليؤدي إلى تكافؤ ومساواة ما بين النساء والرجال أبعد من الأبوة والأمومة، مساواة قد تجد ترجمة لها في اتخاذ النساء موقعاً قيادياً في العمل أو في السياسة ربما.

لا بد من الإشارة إلى أن تغييراً تدريجياً بات يطال هذا الجانب من دور الرجال. لكن التغيير لم يتمأسس بعد، بقي على المستوى الفردي يترجمه رجال - آباء في علاقة غير تقليدية مع أبنائهم وبناتهم. هذا الأمر أشار إليه تقرير أطلق في 22 يونيو/ حزيران الجاري في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بعنوان: "أوضاع آباء العالم". وقد أشار التقرير إلى أن الرجال بدأوا يمارسون دوراً في الأبوة وفي الرعاية، لكن علينا أن ننتظر حتى العام 2055 لنشهد تغييراً في المنظومة يتجاوز المستوى الفردي.

على صعيد مختلف لكن متصل، نجد أن الإعلانات لا سيّما تلك التي تروّج لأطعمة وأغذية الأطفال ولحفاضاتهم، تتوجه للنساء بلغة مجندرة. "اختاري الأفضل لطفلكِ، فهو بحاجة لعناية وليلة جافة". تختفي اللغة المجندرة من الكتب المدرسية، ومن التقارير والخطابات، والقوانين، والمقالات، وتحضر فقط في الأمور التي يعتبرها النظام "نسائية"، كالأمومة (بارتباطها بطعام الطفل وحفاضاته) وبالفوط الصحية النسائية.

هذا هو النظام إذاً. وهذه هي الرسائل المباشرة التي يرسلها بشكل خبيث للنساء والرجال. لكل منكما دوره. ولكِ أيتها المرأة دور "قدسي" في الأمومة "ولن يتقاسمه البابا معك". يقرّر المجتمع، لكن إلى حين.

*ناشطة نسوية

اقرأ أيضاً: الرجل لم يدخل المنزل بعد
دلالات
المساهمون