يعاني النازحون في إقليم كردستان من ظروف معيشية قاسية، في ظل ارتفاع أسعار إيجارات السكن وقطع رواتبهم، فضلاً عن سكن أغلبهم في بيوت طينية ومخيمات لا تقيهم من الأمطار والعواصف الرعدية، التي بدأت ليل أمس واليوم، الإثنين، تتسع بشكل كبير في كردستان.
ويحاول النازح من الأنبار، محمد عامر، أن يلملم سقف منزله الطيني المكون من غرفتين فقط في إحدى قرى شقلاوة التابعة لمدينة أربيل، ليقضي ليله بتغطية السقف الطيني بقطع "النايلون" لمنع نزول المطر على أطفاله، ويقوي السقف من الأسفل بأعمدة خشبية، منعاً لسقوطه خلال اشتداد العواصف في المنطقة.
يقول عامر:" كلما بدأت العواصف الرعدية والأمطار ندخل نحن، القاطنين في البيوت الطينية المتهالكة، في مرحلة الإنذار، إذ لا نعرف في أية لحظة تسقط علينا وعلى أطفالنا، فنحن لا نستطيع استئجار شقة أو منزل صالح للسكن بسبب ارتفاع الإيجارات في الإقليم بشكل كبير"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنهم لا يستطيعون الخروج من المنزل في موسم الأمطار "فالمياه والأطيان تحاصرنا من كل جهة، فالأمطار في كردستان شديدة جداً وتستمر أحياناً لأيام متواصلة".
ولا تختلف حال عادل الجميلي، فهو الآخر يعيش وأطفاله على مساعدات الأمم المتحدة الشهرية من أغذية ومستلزمات. ويحكي لـ"العربي الجديد" قائلاً " الإيجارات مرتفعة جداً في الإقليم، وليس لديّ مورد مادي، فاضطررت للسكن في أحد الهياكل قيد الإنشاء وهو عبارة عن محالّ تجارية سمح لي أصحابها بالسكن فيها مع عائلتي، وكلما بدأت العواصف، بدأت الأمطار بالنزول علينا من السقف، كما أحاول مع أطفالي إقامة ساتر ترابي صغير لمنع مياه الشارع من الدخول إلينا ".
أما النازحون في المخيمات فحالهم أشد وطأةً، خصوصاً خلال موسم الأمطار والثلوج في الشمال.
اقرأ أيضاً:علاوي: تقصير وتلكؤ بملف إعادة النازحين
ويوضح ماضي مزاحم، نازح من الموصل، أنَّ " الخيمة لا تقي من المطر وأحياناً تقتلع الرياح الشديدة العديد من الخيام، فضلاً عن الفيضانات التي تحصل في مخيمات النزوح، ونقوم بالتعاون لإحاطة كل خيمة بساتر ترابي أو طيني بارتفاع ربع أو نصف متر منعاً لدخول المياه إلى الخيمة، ورغم هذا تغمر المياه معظم الخيام خلال موسم الأمطار".
وأدى قطع رواتب النازحين الموظفين منهم والمتقاعدين إلى إخلائهم الشقق والمنازل التي كانوا يستأجرونها، والسكن في "كرافانات" من الخشب أو مخيمات أو بيوت طينية، مما اعتبره مراقبون مرحلة خطيرة تنذر بكارثة إنسانية، إذا ما توقف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
اقرأ أيضاً:النزوح إلى إقليم كردستان زاد سكانه وضاعف فقره
وقال الناشط المدني، عمر الدليمي، إنَّ" البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة على وشك التوقف، وهذا يعني انقطاع المساعدات الغذائية الشهرية لعشرات آلاف العائلات النازحة، إذا عرفنا أنَّ هذه العوائل لا تمتلك أي مصدر للدخل وسط قطع الحكومة العراقية رواتب الموظفين والمتقاعدين منهم، مما يعني أننا أمام كارثة إنسانية كبيرة يجب تلافيها من قبل الدول بأسرع وقت ".
وأوضح الدليمي، لـ"العربي الجديد": " شاهدنا خلال جولاتنا التفقدية للنازحين في كردستان حالات مأساوية، وجدنا مثلاً عائلات بأكملها لم تأكل منذ يومين لشدة الفقر، والمصيبة أن لا أحد من السياسيين، أو شيوخ العشائر، أو علماء الدين، زار هؤلاء وتفقدهم على الإطلاق".