وضع الأردن، بالشراكة مع البنك الدولي والحكومة البريطانية، اللمسات الأخيرة على خطة لاستقطاب استثمارات أوروبية لمشاريع إنتاجية يديرها لاجئون سوريون كفوئين، بعدما شرّعت السلطات الأردنية، أخيراً، وجودهم في سوق العمل تمهيداً لدمجهم في المشاريع المنتظرة.
هذه الخطّة المنتظر الإعلان عنها، خلال مؤتمر الدول المانحة، الذي تستضيفه العاصمة البريطانية لندن غداً، كانت قد وضعت تصوراتها الأولية، مطلع سبتمبر/أيلول عام 2015، كما علمت "العربي الجديد" من مصادر مطلعة، وتهدف إلى تحقيق أهداف عدة تتمثل بدعم الاقتصاد الأردني الذي يشكو من "بخل" المجتمع الدولي في مساعدته على تحمل عبء اللجوء السوري، شرط أن يأتي الدعم من خلال بوابة اللاجئين. أمر سيشكّل مبرراً أخلاقياً للدول الأوروبية لإغلاق أبوابها في وجه اللاجئين بعد تنامي هواجسها الأمنية حيالهم.
ووفقاً للمعلومات المتوافرة، تنص الخطة على إقامة "مناطق صناعية" في الأردن، من خلال استثمارات أوروبية، شرط أن يكون للاجئين السوريين حصة من الأيدي العاملة، التي ستدير عجلة الإنتاج في تلك المناطق مع الأيدي العاملة الأردنية. ويلتزم الأردن، وفقاً للخطة، بتقديم تسهيلات استثمارية وحوافز للشركات الأوروبية الراغبة في الاستثمار في تلك المناطق، على أن تفتح دول الاتحاد الأوروبي أسواقها وتخفّف القيود على الصادرات الأردنية المصنعة بأيدي أردنية وسورية، الأمر الذي سيعود بالنفع على الاقتصاد الأردني من جهة، ويحقق دخلاً معقولاً للاجئين السوريين يقلل من حاجتهم إلى المساعدات الطارئة التي تقدمها الدول الأوروبية لإغاثتهم من جهة أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن نسبة اللاجئين الذين سيعملون في المدن الصناعية التي ستبنى بموجب الخطة، يتوقف على حجم الاستثمار وفرص العمل. وتعكس خطة تشغيل اللاجئين مخاوف الأردن التي يعبر عنها صناع القرار، والمتمثلة في احتمال عدم عودة اللاجئين إلى بلادهم بشكل نهائي أو في المدى المنظور على الأقل. وسبق لرئيس الوزراء الأردني، عبدالله النسور، أن أعلن صراحة أن تقديرات بلاده الزمنية لعودة اللاجئين، في حال التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة السورية، هو خمسة عشر عاماً، وأن الدراسات الدولية تكشف أن 25 إلى 40 في المائة من اللاجئين لن يعودوا إلى بلادهم.
وفي ظل خشية الأردن من أن تؤدي الأزمة المستمرة إلى تنصل المجتمع الدولي من التزاماته في مساعدة اللاجئين السوريين، والبالغ عددهم وفقاً للإحصاءات الحكومية مليون و260 ألف لاجئ، تراهن السلطات على نجاح الخطة في خلق دعم مستدام للاقتصاد الوطني، يعود بالنفع على خزينة الدولة الخاوية، ويوفر فرص عمل للأردنيين الذين تسجل البطالة في صفوفهم نحو 14.9 في المائة بحسب التقديرات الرسمية، وفرص عمل للاجئين السوريين تمكنهم من تأمين حياة ملائمة لأسرهم.
وتستوجب الخطة قوننة عمل اللاجئين السوريين بشكل يضمن تنظيمهم والحد من مزاحمتهم العمالة الأردنية في الأسواق المحلية، من خلال توجيههم إلى العمل في المشاريع التي ستنتج عن الخطة. وتقدر منظمات دولية ومحلية عدد اللاجئين السوريين المنخرطين في سوق العمل الأردنية بأكثر من 50 ألفاً، غالبيتهم من الأطفال. فيما تشير إحصائيات وزارة العمل الأردنية إلى أن عدد اللاجئين السوريين الحاصلين على تصاريح عمل لا يتجاوز الستة آلاف فقط.
وبدأت الحكومة الأردنية، من خلال رئيسها ووزرائها، بحملة تسويقية ضخمة، من خلال
الحديث عن الأعباء الاقتصادية بفعل اللجوء السوري، علماً أن الأردن تحمّل، خلال العامين الماضيين، 62 في المائة من فاتورة اللجوء، فيما تحمل العالم مجتمعاً 38 في المائة من تلك الفاتورة، مع تأكيدهم أن بلادهم تتحمل عبء اللجوء نيابة عن الإنسانية جمعاء. ثم انتقلوا لشرح رؤيتهم حول شكل الدعم الدولي الذي يريدونه لبلادهم، والمتمثل في دعم اقتصادهم الوطني والمجتمعات المضيفة للاجئين، وصولاً إلى دعم مستدام بدلاً من المساعدات الطارئة للاجئين.
وأشار رئيس الوزراء، عبدالله النسور، وعدد من المسؤولين إلى العنوان الرئيسي للخطة في الشق المتعلق بتشغيل اللاجئين السوريين، وتوفير استثمارات، من دون الإشارة إلى تفاصيل الخطة. لكن عند وضعها على الطاولة، يجب أن تجيب الخطة عن عدد من الأسئلة، وهي: هل سينزع الأردن عن اللاجئين السوريين صفة اللجوء الإنساني ويحولهم إلى لاجئين اقتصاديين؟ وهل سيكون التوطين في الأردن مصير غير العائدين منهم بحسب التقديرات الحكومية، وخصوصاً بعد تحويلهم إلى جيش من العمالة المنتجة؟
اقرأ أيضاً: على الحدود الأردنيّة السوريّة