مخاوف من نزوح مليون سوري في إدلب

27 ابريل 2019
نزوح خلف نزوح (محمد عبد الله/ الأناضول)
+ الخط -
"حياة تشرد ومعاناة... تركنا كلّ شيء خلفنا... الأرض والأشجار والبيوت، ونحن اليوم نازحون"، رأي يختصر فيه النازح عبد الرحمن ياسر، ما حلّ به بعد مغادرة بلدته الواقعة في المنطقة المنزوعة السلاح في معرة النعمان بريف إدلب. ياسر يتحدث إلى "العربي الجديد" عن نزوحه من البلدة: "فقدنا كلّ شيء، ومنذ أشهر تتعرض بلدتنا للقصف. نحاول العودة إليها مرة بعد مرة، لكن من دون جدوى. والآن نعيش حالة من الترقب، لكن من الواضح أنّ العودة بعيدة عنا في الوقت الحالي، لذلك علينا أن نعزي أنفسنا بالصبر".

محمد حلاج، مدير فريق "منسقو استجابة سورية"، زوّد "العربي الجديد" بإحصائيات وتفاصيل عن حركة النزوح من المنطقة العازلة: "29 ألفاً و900 عائلة نزحت من المنطقة المنزوعة السلاح، أي نحو 186 ألف نسمة، وذلك بسبب الحملة العسكرية الأخيرة". يضيف: "شهدت المنطقة قبل ذلك حملتين عسكريتين منذ توقيع اتفاق سوتشي؛ الأولى في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2018، والثانية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، ونزح خلال الحملتين نحو 76 ألف نسمة. هذه الأعداد من النازحين ما زالت قيد التحديث، وفي فريقنا نصدر تقريراً أسبوعياً في هذا الخصوص. بالنسبة للتدابير المتخذة لإعانة النازحين، لا يتوافر غير ما تعرف بمساعدات الطوارئ. مهمتنا فقط توثيق حركة النازحين وأعدادهم، بالإضافة إلى توثيق أعداد الضحايا في المنطقة المنزوعة السلاح، كما تتولى المنظمات عمليات الاستجابة، ونرفع تقاريرنا سواء على وسائل الإعلام أو عبر رسائل بريدية إلى المنظمات والجهات المانحة، وتستجيب المنظمات بقدر استطاعتها. حالياً، لدينا 200 نقطة لتمركز النازحين، ونقصد بها القرى والبلدات، وأكثر من 60 في المائة من النازحين جرت تغطيتهم من قبل المنظمات، لكنّ هذه التغطية غير كاملة".




يتابع حول الصعوبات التي يتعرض لها الفريق والمنظمات كافة: "الصعوبة الأولى تتمثل في الوضع الأمني غير المستقر، خصوصاً لجهة عمليات الخطف والقتل والاغتيال والعبوات الناسفة، سواء كانت عشوائية أو ممنهجة. هناك أيضاً الاستهداف من خارج المنطقة المحررة، فلدينا 9 فرق على الأقل تعمل في المنطقة المنزوعة السلاح، ويحدث تكرار في استهداف المنطقة وهو ما يتسبب في خوف على الكوادر في المنطقة. النقطة الثالثة التي نعاني منها هي عدم استقرار النازحين في مكان واحد أو ما يسمى النزوح المركّب أو المتكرر أكثر من مرة".

يضيف حلاج: "التواصل دائماً يجري عبر تقديم المعلومات والإحصائيات المتضمنة للحاجات الأساسية الصادرة في كلّ تقرير للفريق، وهذه الحال هي مرحلة طوارئ لا تجري فيها الاستجابة إلا في ما يتعلق بالموادّ الغذائية والخيام، فيما المساعدات الأخرى المستدامة لا تبدأ إلا بعد استقرار النازح في المنطقة لمدة ستة أشهر". وعن حاجة الأهالي، يقول حلاج: "يحتاج النازحون في حال استقرارهم في بيت أو خيمة، إلى موادّ غذائية وفرش وغيرها. توفير المياه ضرورة قصوى، بالإضافة إلى الخبز في المرحلة الأولى على الأقل، وهي التي قد تستمر شهرين، حتى يتمكن النازح من التقاط أنفاسه، ويعرف كيفية التصرف".

يتابع: "لا بوادر عن عودة فورية للأهالي إلى مناطقهم، ونحن من جهتنا لا يمكننا إرغام أيّ نازح على العودة أو البقاء في المنطقة التي نزح إليها، وهذا يعود إلى النازح نفسه. في الوقت الحالي لا أحد بأمان في حال عاد، والمنطقة المنزوعة السلاح تضم 212 بلدة، يسكن فيها نحو 460 ألف نسمة، ونحن متخوفون من نزوحهم جميعاً، بالإضافة إلى المنطقة الواقعة خلف المنطقة المنزوعة السلاح، وتضم نحو نصف مليون نسمة، أي إنّ هناك تخوفاً من وصول عدد النازحين إلى مليون نسمة تقريباً، خصوصاً مع تصعيد النظام حملته".



بدوره، يقول حمدو مصطفى، وهو أحد المواطنين من المنطقة المنزوعة السلاح، الذين نزحوا إلى المنطقة الآمنة، لـ"العربي الجديد"، إنّ الأهالي خسروا محصولهم بالكامل، أو جزءاً كبيراً منه لهذا العام، لكون النظام يبدأ حملته مع موسم الزراعة من كلّ عام، وهو ما يتسبب أيضاً في مشكلة كبيرة؛ فمعظم سكان المنطقة المنزوعة السلاح يعتمدون على الزراعة ومردودها حصراً، وليست لديهم أيّ موارد اقتصادية أخرى. يضيف مصطفى، تعليقاً على الأوضاع الراهنة وما تستتبعه من كوارث على المواطنين: "يبدو أنّ ما بعد اتفاق المنطقة المنزوعة السلاح، لا يقل سوءاً عما كان قبلها بالنسبة للأهالي، فالقصف مستمر والاستهداف مستمر والحياة بأكملها، تتجه نحو الأسوأ".
المساهمون