طوال أربعة أشهر تقريباً، انتظر اللاجئ السوري في الأردن أبو علاء (اسم مستعار) الاتصال الهاتفي الذي علّق عليه آماله، إذ إنه على أثره ينتقل وعائلته إلى كندا. وكانت العائلة قد حصلت في ديسمبر/كانون الأول الماضي على موافقة نهائية من قبل الجهات الكندية على السفر، من ضمن برنامج إعادة التوطين الذي أعلنت عنه السلطات الكندية، والذي كان يقضي باستقبال 25 ألف طالب لجوء سوري قبل نهاية فبراير/شباط الماضي، من بينهم 10 آلاف مقيم في الأردن.
الانتظار الطويل سبب كاف ليتسلل اليأس إلى أبي علاء وعائلته المؤلفة من خمسة أفراد يترقّبون اللحظة التي يستقلون فيها الطائرة. يسأل: "هل يعقل أنهم غيّروا رأيهم ولم يعودوا راغبين في أخذنا؟". لكنه يقاوم اليأس وهو يذكّر نفسه بتأكيد السفر الذي حصل عليه من الجهات الكندية عندما استفسر عن أسباب التأخر.
"موعد السفر قريب وربما قريب جداً". هذا ما أكده المسؤولون الكنديون لأبي علاء يوم حصل على الموافقة النهائية وخضع وعائلته للفحوصات الطبية المطلوبة، بعد ثلاث مقابلات ماراثونية لأفراد العائلة في مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومن ثم في مركز استحدثته وزارة الهجرة الكندية في العاصمة عمّان لهذا الغرض. يقول: "فكرت أن قريباً يعني أياماً، ونسافر بعد شهر على أبعد تقدير".
التوقعات الخاطئة لموعد السفر فاقمت أزمة أبي علاء، الذي تخلّص بعد قرابة شهر من حصوله على الموافقة، مما تملكه العائلة من مستلزمات ووزع جزءاً كبيراً من ملابس العائلة. هو كان يخشى عند تحديد موعد السفر، ألا يجد الوقت اللازم لذلك. واليوم، بعد نحو أربعة أشهر من حصوله على الموافقة، يدعو أن يكون سفره وعائلته "قريباً إن شاء الله".
اقرأ أيضاً: لاجئون عالقون.. سوريون ينتظرون في خيامهم المتهالكة
إلى ذلك، كانت وزارة الهجرة الكندية قد أكدت عبر موقعها الإلكتروني أن حكومة بلادها التزمت بتعهدها الذي قطعته بإعادة توطين 25 ألف لاجئ سوري على أراضيها قبل نهاية فبراير/شباط 2016، فيما تشير الأرقام المنشورة على الموقع إلى أن عدد اللاجئين السوريين الذين وصلوا كندا هو 26 ألفاً و175 لاجئاً، نقلوا في 23 رحلة جوية خلال الفترة الممتدة من التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وحتى 29 فبراير/شباط الماضي.
أبو علاء وأفراد عائلته من بين 22 ألفاً و63 لاجئاً حصلوا على موافقات نهائية في ما يخصّ طلبات إعادة توطينهم، لكنهم لم ينتقلوا لغاية الآن إلى كندا، في حين تشير سجلات وزارة الهجرة إلى 13 ألفاً و263 طلب إعادة توطين للاجئين سوريين يقيمون في الأردن ولبنان وتركيا ما زالت قيد الدراسة.
تجدر الإشارة إلى أن السلطات الكندية كانت قد أعلنت عزمها استقبال 50 ألف لاجئ في عام 2016، بمعدل يبلغ ضعفَي العدد الذي استقبلته في عام 2015 والذي كان كله من السوريين. لكن وزير الهجرة الكندي جون مالكولوم أعلن، في مؤتمر صحافي عقده في الثامن من مارس/آذار الجاري، أن خطة بلاده لا ترمي إلى استضافة لاجئين سوريين في كندا هذا العام، قائلاً "نسعى إلى فتح أبوابنا أمام لاجئين من مناطق أخرى في العالم".
حاولت "العربي الجديد" التواصل مع الجهات الكندية في الأردن لمعرفة الحصة المحددة للاجئين السوريين ضمن الخطة الكندية الجديدة وأسباب تأخر سفر اللاجئين الذين حصلوا على موافقة نهائية للسفر، لكنها لم تتلقَ أي رد.
وفي وقت سابق، كانت السفارة الكندية قد أكدت لـ"العربي الجديد"، رداً على أسئلة سابقة، أن "حماية سلامة الكنديين واللاجئين وأمنهم، تشكل عاملاً رئيسياً في إجراءات تنفيذ برنامج إعادة توطين اللاجئين السوريين". وقد كشفت حينها عن الاستعانة بضباط أمن لإجراء المقابلات مع جميع اللاجئين المتقدمين. بالنسبة إليها، "عند وجود أي شكوك، يُجرى المزيد من التدقيق الأمني".
كذلك، أرجعت السفارة أسباب التباطؤ في نقل اللاجئين الذين حصلوا على موافقة نهائية إلى تحديات لوجستية تتمثل في الجوانب الأمنية والفحوص الطبية، بالإضافة إلى الأحوال الجوية التي قد تعيق الرحلات، وأحياناً عدم جاهزية اللاجئين للسفر". لكنها شددت على أن جميع اللاجئين الذين حصلوا على موافقة نهائية سوف ينقلون إلى كندا.
وما زال أبو علاء ينتظر...
اقرأ أيضاً: "لاجئون اقتصاديّون" في الأردن