"أمك طنقو" تطلب المطر للتونسيين

14 فبراير 2020
"أمّك طنقو" في إحدى المدارس (عن فيسبوك)
+ الخط -
يقاوم التونسيون الخوف من الجفاف باسترجاع عادات تراثية لطلب المطر، فيُستخدم الأطفال وتسخّر المواشي للاستسقاء. وهكذا تعتبر عادتا "أمك طنقو" ووزيعة اللحوم من الطقوس الأبرز في هذا الإطار، لدى سكان المناطق الزراعية. تكاد العادتان تختفيان بفعل التمدن، لكنّ سكان جهات في الداخل التونسي يصرّون على الاحتفاظ بهما، نظراً للقدسية التي تملكانها في المخيال الشعبي.

يعتقد التونسيون أنّ دعوات الأطفال، أحباب الله، أقرب للاستجابة، وتعجّل بنزول المطر بعد انقطاعه فترة طويلة، فيستنجد سكان المناطق الزراعية بـ"أمك طنقو"، وهو هيكل مصنوع من الخشب توضع عليه ملابس امرأة، فيحمل الأطفال الهيكل ويجوبون به الأحياء في المدينة مرددين أغاني لطلب المطر، وهي: "أمك طنقو شهلولة إن شالله تروّح مبلولة"، "أمك طنقو بسخيبها طلبت ربي لا يخيبها"، "أمك طنقو يا الولاد إن شالله تروّح بالواد". وعند المرور بالبيوت تخرج النساء ليرمين دمية "أمك طنقو" بالماء. وعندما لا تمطر السماء، يحرق التونسيون الدمية، لكن عند الهطل، يغنّون: "يامطيرة خالتي صبّ على قطايتي".

ترمز "أمك طنقو" تاريخياً إلى الإلهة الفينيقية تانيت، حامية مدينة قرطاج، وهي ترمز إلى الخصب والرخاء. هذه الإلهة، بحسب الاعتقاد الشعبي، كانت تحمل الأمطار النافعة، وتواصل الاعتقاد بها حتى اليوم، لكن مع تغيير الاسم من تانيت إلى طنقو، فدخلت إلى المخيال الشعبي التونسي بهذه الصورة.

وزيعة لحوم للاستسقاء في منطقة زراعية (عن فيسبوك) 












طلب المطر لا يقتصر على "أمّك طنقو" بل يمتد إلى وزيعة اللحوم، وفيها يتجمع أهالي المناطق الزراعية، آتين ببعض الخراف، في ساحة عامة، فيذبحونها ويجري توزيع لحومها بين جميع الأهالي، لا سيما ضعيفي الحال، كنوع من الصدقة والتكفير عن الذنوب التي قد تكون وراء انحباس المطر. يتجه المزراعون بعدها، نحو القبلة (الكعبة)، فيتلون الأدعية ويتضرعون إلى الله أن يحميهم من الجفاف. وغالباً ما تكون هذه العادات بحسب حاتم القلعي، الناشط في المجتمع المدني، بمحافظة باجة الزراعية، سبباً في نزول الأمطار وتبدد شبح الجفاف، كما يؤمن الأهالي. يضيف حاتم لـ"العربي الجديد" أنّ "التمسك بطقوس طلب المطر مصدر طمأنينة للنفوس المتخوفة من الجفاف، كما أنّها غالباً ما تؤتي أكلها بنزول الغيث باستجابة إلهية لدعاء الأطفال والأهالي".

تمرّ تونس منذ أسابيع بفترة جفاف وانحباس للأمطار، فضلاً عن ارتفاع قياسي في درجات الحرارة، مقارنة بالمعدلات العادية في شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط. ويؤثر انحباس الأمطار، بشكل كبير، على المحاصيل الزراعية، وحياة الفلاحين ممن يربطون نشاطاتهم بالعوامل المناخية التي تشهد تقلبات كبيرة في السنوات الماضية.

المساهمون