جدليّة المساواة في الإرث

جدليّة المساواة في الإرث

07 نوفمبر 2015
الحقوق لا تتجزأ (فرانس برس)
+ الخط -
يحتدم الجدال في المغرب حول موضوع الإرث، بعد دعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة دستورية) إلى المساواة ما بين المرأة والرجل وتعديل مدوّنة الأسرة بشكل يمنح للمرأة حقوقاً متساوية مع الرجل. وارتكزت الدعوة على أن "المقتضيات القانونية غير المتكافئة المنظمة للإرث تُسهم في الرفع من الهشاشة والفقر بالنسبة إلى الفتيات والنساء، كما أن الوقف والقواعد التي تحكم الجموع تساهم في تجريدهنّ من حقهنّ في ملكيّة الأرض أو الإرث".

ويُدعّم المجلس توصيته بالفصل 19 من الدستور والمادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ويؤكد على ضرورة تطبيق أحكام مدوّنة الأسرة المتعلقة بالنفقة، وتوسيع نطاق الدعم المقدم في إطار تدابير محددة تتوخى توعية وتحسيس وتدريب جميع المعنيين في قطاع العدالة وتحميلهم المسؤولية.

أثارت هذه الدعوة ردود فعل متباينة بين مؤيد ورافض، وقد أعدّت تدخلاً صريحاً في اختصاصات المجلس العلمي. وذكرت مصادر مطلعة أن أعضاء المجلس العلمي الأعلى يدرسون كيفية الرد على ما صدر عن رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليزمي، في الوقت الذي يرى البعض أنهم ليسوا في حاجة إلى الرد، خصوصاً أن مجلس العلماء سبق وأكد على أن أحكام الإرث قطعية ولا مجال لفتح أي نقاش حولها.

في هذا السياق، يقول الشيخ السلفي حسن الكتاني إن هذه الدعوة "تأتي لنسف إمارة المؤمنين وشرعية الدولة ومؤسساتها". ويرى أن "إثارة موضوع المساواة بين الجنسَين في الإرث وفتح النقاش حوله يكتسي خطورة كبيرة، نظراً لما يتضمنه من فرض قرارات غريبة على الأمة الإسلامية في ظل وجود إمارة المؤمنين التي تستمد شرعيتها من الإسلام ومن الانتساب للرسول". ويشدد الكتاني على أن هذه الدعوة "مرفوضة تماماً من الشعب المغربي ولا يمكن لقلة قليلة من العلمانيين واليساريين تعميمها". وهو ما يؤيّده الشيخ السلفي محمد الفيزازي، الذي استغرب الدعوة وطالب بمحاكمة القائمين على هذا المجلس بسبب إساءتهم وإهانتهم للدين الإسلامي.

أما نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح (الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية) الدكتور مولاي عمر بن حماد، فيوضح أن هذه الدعوة تتصادم بشكل صريح مع النص القرآني قائلاً إن "الأمر لا يتعلق باجتهاد فقهي أو وجهات نظر واختلاف تمكّنه من التأقلم مع المعطيات والظروف الجديدة. هذا تعارض مع النص".

وإذا كان بعض العلماء وأعضاء الحركة الإسلامية استهجنوا دعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وعدّوها تدخلاً واضحاً في اختصاص المجلس العلمي الأعلى، إلا أن الحركة النسائية وبعض الأحزاب المغربية استحسنت فتح النقاش في موضوع المساواة في الإرث وعدّت الأمر في غاية الأهمية. وقد ناصرت بعض المنظمات النسائية الدعوة، مشيرة إلى أنها "توصية جد متقدمة ويجب الثناء على الذين تحلوا بالشجاعة وطرحوها". وترى رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة فوزية العسولي أن "هذه الدعوة تدخل في صميم الأهداف التي بُني عليها المجلس، أي مناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة والالتزام بها في كل العهود والاتفاقيات التي تساوي بين المرأة والرجل في الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها".

من جهته، حاول الصحافي توفيق بوعشرين شرح "خلفيات دعوة المجلس وتوقيتها وتزامنها مع الوقت الضائع من عمره". وكتب في صحيفة "أخبار اليوم" المغربية أن "المجلس الوطني لحقوق الإنسان ألقى حجراً كبيراً في البركة السياسية والفكرية والفقهية المغربية في هذا التوقيت وبهذه الطريقة الفجة، ومن دون حوار مجتمعي، وفي هذا الظرف، حيث الحقوق الأساسية ما زالت بين قوسين، وحيث التوتر على أشده بين السلطة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، وحيث المخاوف المتزايدة من الرجوع إلى الوراء في الملف الحقوقي".

20 % من المغربيات في وضعيّة هشّة
في سياق الجدال الدائر في المغرب حول الدعوة إلى المساواة في الإرث ما بين الرجل والمرأة، ترى رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة فوزية العسولي أن "احتياجات المجتمع الحالي والتطور الذي يعرفه تقتضي الإقرار بالمساواة في إطارها القانوني، علماً أن 20% من النساء يعشن وضعية هشّة لأنهن يشتغلن في قطاعات من دون هيكل، وهو ما يفرض إعادة نظر في عديد من القوانين المجحفة بحق المرأة".

إقرأ أيضاً: مغربيات يُعِلنَ أسرهن.. مرغمات

المساهمون