مونيتور في ذكرى "عرب شركس": مصر تستعيد المشانق

17 مايو 2016
خروج الجثامين من مشرحة زينهم (أرشيف - العربي الجديد)
+ الخط -

حذرت منظمة "هيومان رايتس مونيتور" من تكرار تنفيذ أحكام الإعدام في قضايا مُماثلة للقضية المعروفة إعلامياً في مصر باسم قضية "عرب شركس"، والتي تمر اليوم الذكرى السنوية الأولى لإعدام السلطات المصرية ستة شبان معارضين فيها.

وقالت المنظمة الحقوقية، والتي تتخذ من بريطانيا مقراً لها، في بيانها الصادر اليوم، بعنوان "عام يمر على الإعدام ظلماً لضحايا (عرب شركس) وتخوفات من سلسلة إعدامات جديدة في قضايا مُماثلة": "تُعد أحكام الإعدامات العشوائية جريمة جديدة من جرائم السلطة القضائية في مصر، والتي تعمل تحت مرأى ومسمع الدولة بل وبدعم كامل منها، وفي مصر ما زالت الأحكام القضائية تُثير جدلاً؛ ليس فقط لجهة الطعن في مساراتها القانونية، ولكن أيضاً في إمكانية التنفيذ والنوايا المبيتة مُسبقاً لإعدام الرئيس المعزول، محمد مرسي، وقيادات الإخوان".

وأضاف البيان: "تتحمل الهيئات القضائية التي تصدر مثل هذه القرارات المسؤولية القانونية عن هذه الأحكام، وكذلك يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه القضية لأنه يتمادى في غض الطرف عن جرائم السلطة الحالية في استعمال القضاء للتصفية الجسدية للخصوم السياسيين والمناهضين للسياسات الحالية".
واستنكرت "مونيتور" تحوّل أحكام الإعدام لوسيلة لتصفية الخصوم السياسيين في مصر، قائلة: "لم تعد عقوبة أو حكماً قضائياً، بل أصبحت قرارات تصفية سياسية مرتدية ثوب القضاء"، مطالبة بـ"وقفة دولية لمنع تنفيذ هذه القرارات".


في مثل هذا اليوم من العام الماضي، 17 مايو/ أيار 2015، أعدمت السلطات المصرية 6 من الشبان المصريين المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً باسم "عرب شركس"، والتي وقعت في عام 2014، وتمت الإعدامات دون إبلاغ أهالي المتهمين، ودون أن يُسمح لهم بمقابلة ذويهم قبل تنفيذ الأحكام.
وانتشرت صور الأهالي وهم يحتضنون ملابس الإعدام الخاصة بأبنائهم بعد وصول الجثث إلى مشرحة زينهم، جنوب القاهرة، حيث كانت محكمة عسكرية قد أصدرت حكماً نهائياً في أكتوبر/تشرين الأول 2014، بإعدام 6 من الشبان المتهمين في القضية التي كانت قد انعقدت على مدار ستّ جلسات، أحيطت بالسرية التامّة.


والمتهمون الستة الذين نفذ بحقهم الإعدام، هم: محمد بكري هارون (31 سنة)، محاسب، وهاني مصطفى عامر (31 سنة)، يعمل في مجال البرمجة، ومحمد علي عفيفي (33 سنة)، ليسانس حقوق وصاحب مطعم في الحلمية، وعبد الرحمن سيد رزق (18 سنة)، طالب بالثانوية العامة، وخالد فرج محمد (27 سنة)، خريج كلية التجارة، وإسلام سيد أحمد إبراهيم (26 سنة)، حاصل على بكالوريوس سياحة وفنادق.

وتعود وقائع القضية إلى مارس/ آذار 2014، حيث داهمت قوات من الشرطة والجيش المصري مخزناً للأخشاب في منطقة عرب شركس بمحافظة القليوبية، شمال القاهرة، ودخلت في اشتباك مسلح مع بعض المختبئين في المخزن أسفر عن مقتل ضابطين كبيرين، هما العميد ماجد صالح، والعقيد ماجد شاكر، وإصابة النقيب محمود عبد الهادي، وعدد آخر من المجندين، وعدد من المسلحين المختبئين أيضاً.

وتم تنفيذ الإعدام في أحد سجون القاهرة، وفقاً لتصريحات مسؤولين مصريين، وقالت مصادر من هيئة الدفاع إنه لم يتم إخطار أهالي المتهمين في قضية عرب شركس بتنفيذ حكم إعدام ذويهم لاستلام جثثهم، وقيل إن المتهمين بعضهم كان قيد الاعتقال وقت حدوث الواقعة، ما ينسف بنية القضية ويؤكد بطلانها.

واعتبر قانونيون أن هناك نية مبيتة لسرعة تنفيذ حكم الإعدام، خاصة أنه تم الإسراع بالتصديق على الحكم بعد رفض النقض، فيما اعتبر نشطاء سياسيون الحكم دليلا على اتجاه السلطات للتخلص من أي معارض.



ويُعد حكم الإعدام بقضية "عرب شركس" الثاني الذي يتم تنفيذه من السلطات المصرية بعد تنفيذ حكم إعدام صادر عن محكمة مدنية في 7 مارس/ آذار من العام الماضي، بحق محمود رمضان، عقب إدانته في قضية إلقاء صبي من بناية في الإسكندرية، وهي تهم نفاها رمضان.

واعتبرت "مونيتور" تنفيذ قرارات الإعدام مخالفة للمادة 4 من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تُعد مصر طرفاً مُصدقاً عليها وطرفاً فيها، واختتمت المنظمة بيانها بالتحذير من مخاطر أحكام الإعدام التي تصدر في قضايا مُلفقة تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير القانونية وتفتقر إلى العدالة الجنائية، حيث تم التصديق أخيراً على أحكام الإعدام الخاصة بمُعتقلي "ستاد كفر الشيخ" بمثل تلك الأحكام العاجلة، دون منح الدفاع الفرصة كاملة، حسب البيان.

وأشارت "مونيتور" إلى أن "مصر تُقبل على عهد المشانق لا عهد الاستقرار، حيث سقط مئات من الشباب الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوصول إلى الحرية وتكريسها وإغلاق صفحة الديكتاتورية والفساد إلى الأبد، كما أن عدم الاهتمام بإجراء محاكمات عادلة فيها مقومات الدفاع سيلحق الظلم بأفراد لا ذنب لهم، ما يوسع نطاق الإرهاب ويزيد منه".

دلالات