المنح حلم شباب غزة

07 اغسطس 2018
حلوى النجاح (محمد الحجار)
+ الخط -

عدد كبير من شباب غزة يتقدمون للحصول على منح دراسيّة بسبب ظروفهم المادية الصعبة، التي تجعلهم عاجزين عن تأمين رسوم الجامعات. وكان عدد التلاميذ الذين التحقوا بامتحانات الثانوية العامة بلغ 31,755، ووصلت نسبة النجاح إلى 66.6 في المائة، بحسب وزارة التربية والتعليم العالي.

كانت لحظات إعلان نتائج الثانوية العامة في قطاع غزة مليئة بالبهجة لدى عائلات التلاميذ الناجحين، الذين يحتاجون إلى الفرح وسط كل الأزمات النفسية والاقتصادية. إلا أن هذه اللحظات لا تستمرّ طويلاً حين يبدأ التفكير في مستقبل التلاميذ والتخصّص الذي يرغبون في دراسته، بالإضافة إلى همّ الرسوم الجامعية وسط الظروف الصعبة التي تقف عائقاً أمام تدبيرها.

وتعيش غالبيّة خريجي الثانوية العامة في حالة توتر كبيرة، بعد انتهاء دراستهم الثانوية من دون أن يكون مستقبلهم واضحاً. ويتحدّث بعضهم عن مصير مجهول، خصوصاً أن عائلات قليلة استطاعت تدبير المال، من خلال الاستدانة أو القروض الحسنة. أما المتفوقون منهم، فبدأوا البحث عن منح جامعية من خلال مؤسسات خيرية أو منظمات لمساعدة التلاميذ. بالتالي، فإن المشكلة أكبر بالنسبة للذين لا يستطيعون تدبر المال للالتحاق بالجامعات.

وتشهد بعض الجمعيّات والمؤسسات الخيرية التي أعلنت عن منح دراسية للمتفوقين أو الذين يعانون ظروفاً اقتصادية صعبة نسبة طلبات غير مسبوقة منذ إعلان نتائج الثانوية العامة في الثامن من يوليو/ تموز الماضي. وتبيّن مدى تعلق عدد كبير من التلاميذ بـ "قشة المنح".




في هذا الإطار، يقول مسؤول البرامج التعليمية في مؤسسة الصلاح الخيرية، نافذ حماد: "بعد إعلانهم في منتصف يوليو/ تموز الماضي فتح باب المنح الدراسية الجامعية لخريجي الثانوية العامة، الذين يعانون ظروفاً اقتصادية صعبة، وعائلات الشهداء والجرحى، استقبلوا في أقل من أسبوع أكثر من 11 ألف طلب للحصول على منح مخصصة لـ 500 طالب فقط". ويقول لـ "العربي الجديد": "ضمن الملاحظات التي كنا نستقبلها في ملفات طلبات الحصول على منح، كان تلاميذ الثانوية يكتبون رسائل يطلبون فيها النجدة والحصول على منح من جراء شدة الفقر. للأسف، كثير من المؤسسات الخيرية التي فتحت باب التقدم لمنح تستقبل عشرات آلاف التلاميذ أسبوعياً. لكن كلنا لن نستطيع تخطي العدد المعلن عنه".

خالد عبد المجيد (18 عاماً)، حصل على معدل 92.4 في المائة في الثانوية العامة، ويحلم بدراسة هندسة البرمجيات. وحتى اليوم، قدّم طلبات إلى ست جهات أعلنت عن استقبالها طلبات منح، بعدما فقد الأمل في قدرة عائلته على توفير الرسوم الجامعية. كان والد عبد المجيد يملك مصنعاً لمواد التنظيف في المناطق الشرقية لمدينة غزة، ودمر بالكامل منذ عام 2014. ولم يحصل على أي تعويض حتى اللحظة، وينتظر إدراج اسمه ضمن أصحاب المنشآت الاقتصادية المدمرة بهدف إعادة إعمار المصنع. وفي الوقت الحالي، تعيش أسرته في حالة فقر شديد ولا تستطيع تدبّر اللوازم المنزلية.

تفكّران في التخصصات (محمد الحجار)

ويقول عبد المجيد لـ "العربي الجديد": "أملي الأخير هو متابعة دراستي حتى أتمكّن من تحقيق ذاتي علّني أعود إلى الحياة. أُدرك تماماً أن المشاريع والمباني في غزة يمكن ألا تعود موجودة كما حصل مع والدي. لكن العلم والدراسة هما ما يبقيان لنا. لذلك، أحارب للحصول على منحة دراسية أستحقها نظراً لمعدلي. وفي كل صباح، أنتظر أي رسالة أو اتصال ينقل إلي خبراً جميلاً، يتعلّق بحصولي على منحة".

من جهته، لا يبدو محمد علوية (18 عاماً) متفائلاً في الالتحاق بالجامعة هذا العام، بعدما حصل على معدّل 78 في المائة، ووجد أن غالبية إعلانات المنح عبر مؤسسات خيرية وتعليمية تشترط معدلات ما بين جيد جداً وممتاز كشرط أساسي، إضافة إلى الحالة الاجتماعية، عدا عن مراحل دراسة الحالة الاجتماعية واختيار الفئات الأشد فقراً وحاجة. حاول البحث عن عمل لتأمين نسبة من الرسوم الدراسية، وبعدها تسديد المال بالتقسيط للجامعة، لكنه لم يجد أي فرصة. يقول: "ما من فرص عمل. وفي حال وجدت، فإنّ الراتب لا يكاد يساهم في تأمين مصاريفنا اليومية. وفي الحد الأدنى، الطالب الجامعي مضطر إلى تأمين 350 ديناراً أردنياً (نحو 500 دولار) سنوياً. هذا المبلغ ومبالغ أخرى، ستحرم كثيرين الدراسة في الجامعة هذا العام".




محمد المجدلاوي (18 عاماً) صدم بعد زيارة خمس جامعات غزية بهدف الاستفسار عن التخصّصات المتعلقة باللغة الإنكليزية، بعد حصوله على معدل 71.3 في المائة. ووجد أسعار الدراسة متقاربة بعضها مع بعض، وهي مبالغ لا يمكن تدبيرها لأن والده موظف يتبع للسلطة الفلسطينية، ولا يتقاضى سوى 50 في المائة من راتبه. وما يبقى من الراتب مخصّص لسداد قرض مصرفي. يضيف المجدلاوي: "الجامعات لا تستطيع تخفيض الرسوم كما هو مطلوب، وبالتوافق مع أحوالنا الاقتصادية. كما أن البحث عن منح دراسية لن يجدي نفعاً، خصوصاً أن معدلات التلاميذ ليست كلّها مرتفعة. ومن الواضح أن أحلامنا مرهونة بتحسين الظروف الاقتصادية، ومن الواضح أن هذا الشيء بعيد المنال في غزة".
دلالات
المساهمون