ووفقا للتقارير التي تستند إليها مختلف الأحزاب في حملات انتخابية مشتعلة، تحضيرا للانتخابات الحاسمة في 9 سبتمبر/أيلول القادم، ومع محاولة الحزب الاجتماعي الديمقراطي تحويل النقاش عن التركيز اليميني على قضايا الهجرة، فإن السويد تضم نحو ربع مليون فقير، أغلبهم من كبار السن.
ويعيش 245 ألف متقاعد فوق 65 عاماً على خط الفقر، وفقا لأكبر منظمة "متقاعدي السويد" PRO. وتفيد هذه الأرقام التي أبرزتها الدعاية الانتخابية بأن السنوات العشرين الماضية شهدت قفزة كبيرة من 100 ألف إلى ذلك الرقم الكبير في 2018، مقارنة بمتوسط مداخيل البلد المحسوبة على أساس ما يحصل عليه نحو 60 في المائة من سكان السويد.
ووفقا لتفاصيل أرقام الفقر المنتشر بين هذه الفئة من المجتمع السويدي، فإن النساء هن أكثر معاناة مع المداخيل المتواضعة، بعد سنوات في سوق العمل والتطلع للتقاعد في مجتمع يولي الرعاية والرفاهية أهمية كبيرة.
وبحسب ما ينقل التلفزيون الرسمي السويدي عن المسؤولة في منظمة المتقاعدين، كريتسينا تالبيرغ، فإن معاناة الفقر بين النساء تسبق مرحلة التقاعد "بسبب حصولهن على رواتب أقل من الرجال خلال سنوات عملهن". وتضيف تالبيرغ: "إن واحدة من كل اثنتين من النساء في سوق العمل في طريقها للتقاعد ستنضم إلى أعداد الفقراء السويديين".
ويبدو أن خشية اليسار من خسارة الأصوات لمصلحة يمين الوسط في حزب الاعتدال الليبرالي المحافظ واليمين المتشدد، في حزب ديمقراطيي السويد، دفعته للتركيز على قضايا اجتماعية أخرى بدل اعتبار مسألة الهجرة هي الأولوية، والتي لم تنقذه من استغلال اليمين لهذه الأرقام والانشغالات التي يجري ربطها أيضا بالمهاجرين واستغلال الأثرياء الثروات الوطنية.
وبات اليمين يلعب على وتر "تراجع دولة الرعاية ومحدودية فعاليتها"، بادعاء أن سياسات "استقبال اللاجئين والمهاجرين تجعل كبار السن غير قادرين على زيارة أحفادهم أو مراجعة أطباء الأسنان"، بحسب ما يشيع حزب ديمقراطيي السويد بزعامة جيمي أوكسون.
ويسوق اليمين في برنامجه الانتخابي، ضمن خطابات وحملات أخرى، لما يصفه بـ"تزايد حالات اغتصاب النساء" و"العنف وانتشار العصابات"، إضافة إلى قضية "خفض الضرائب وتعزيز وضع كبار السن" بربطها بسياسة الهجرة تعويلا على كسب هذه الفئة التي تمثل نحو 25 في المائة من مجمل ناخبي البلد، لمن هم فوق 65 سنة.
ويزاحم اليسار ويسار الوسط على استقطاب المتقاعدين بوعود انتخابية منافسة تتعلق بـ "سياسات الإثراء والهيمنة على المداخيل وغياب العدالة والمساواة". ويقدم هذا المعسكر وعودا بإصلاح نظام التقاعد، "بحيث لا يمنح الأثرياء فرصة قشد الزبدة من غياب عدالة توزيع الثروات".
ويبدو أن عدم تردد زعيم حزب ديمقراطيي السويد في انتقاد سياسات الهجرة و"صرف مليارات على اللاجئين بدل كبار السن الذين أفنوا حياتهم لبناء مجتمعنا"، بات يلقى استحسانا بين كبار السن وبعض فئات سويدية ناقمة على تحول السويد أخيرا إلى مجتمع تكثر فيه المشاكل المربوطة بالمجتمعات المهاجرة في الضواحي.
الفقر النسبي في السويد، خصوصا بين الفئات التي تعيش على المعاشات، يضع هذا البلد في وضع متأخر على قائمة منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي خلال 12 سنة الماضية. فلم تكن نسبة الفقراء لدى هذه الفئة العمرية في 2006 تتجاوز 11 في المائة، ويبدو أن الجارة الدنمارك انخفضت فيها النسبة من 17 في المائة إلى 8،5 لدى المتقاعدين، مقارنة بالسويد التي يحرص اليمين المتشدد على الدفع نحو تقليد سياساتها المتشددة تجاه اللاجئين والمهاجرين، والتي أدت في المقابل إلى انتشار الفقر أكثر بين القادمين الجدد تحت سقف محدد للإعانة التي يتلقاها اللاجئون، وهو ما يسعى اليمين المتشدد إلى إدخاله في تشريعات معدلة يعد بها "لجعل السويد أقل جاذبية للأجانب"، على ما يذهب إليه حزب "ديمقراطيي السويد".