مهجرو الغوطة الشرقية يحكون لـ"العربي الجديد" تفاصيل رحلة تهجيرهم

26 مارس 2018
تهجير أهالي الغوطة يتواصل (عمر حاج خدور/فرانس برس)
+ الخط -
ظَنَّ السوري أبو محمد، أن رحلة التهجير لن تنتهي، فقد كان يشعر أن الوقت يمر بطيئا، حتى أنه استعرض نحو أربعين سنة من عمره قضاها ببلدته في الغوطة الشرقية، قبل أن يتم تهجيره منها لأنه لم يقبل العيش تحت سيطرة النظام.

بغصة لا تغيب عن صوته، يقول أبو محمد، لـ"العربي الجديد": "لم تكن الـ18 ساعة التي قضيناها على الطريق في مأساة التهجير متعبة جسدياً، إلا أنها كانت مؤلمة نفسيا بقدر السنوات السبع الماضية كلها".

ويتابع: "خرجت من القبو إلى منزلي المدمر عسى أن أجد بعض الحاجيات لاصطحابها معي في رحلتنا نحو شمالي سورية، كان الركام يطمر كل شيء تقريباً. بالصدفة وجدت مجموعة من الصور العائلية القديمة ومفاتيح المنزل، وكذا ما نرتديه من ملابس. هذا كل ما بقي لي من الغوطة، عرفت شعور الفلسطينيين الذين يحتفظون كما فعل أجدادهم بمفاتيح منازلهم على أمل العودة، وأدعو الله ألا يتكرر الأمر معنا وأن نتمكن من العودة".

وأضاف: "في الطريق، قصد النظام أن يجعل الحافلات التي تقلنا تمر في مناطق موالية له، من دمشق وحمص إلى طرطوس والساحل، ثم سهل الغاب وريف حماة باتجاه قلعة المضيق، وفي كل منطقة كنا نجد الموالين للنظام في انتظارنا ليكيلوا لنا الشتائم والتشفي والشماتة، وأعتقد أن الغرض كان أن نرى كيف هي الحياة في تلك المناطق، مقارنة بمناطقنا المدمرة".

وقالت سعاد، وهي مهجرة من الغوطة الشرقية في عقدها الثالث: "لم يبق لي شيء في الغوطة، فعائلتي قتلت في القصف الذي دمر منزلنا، ولم تعد الغوطة كما أعرفها. لقد حولوها إلى مقبرة جماعية ومدينة أشباح. لم أعد أذكر سوى القبو والجوع والعطش والموت".

وأضافت: "الوضع في إدلب صعب أيضا. صحيح أنه لا يوجد قصف، لكن المناطق تغص بالمهجرين، وبات مسكننا الجديد أحد الجوامع، حتى أنه لا يوجد منازل للإيجار، وإن وجدت فالإيجارات مرتفعة، في حين أن المهجرين شبه معدمين، وهناك عائلات تجمع مدخراتها لتستأجر منزلا، لكنهم قلة".

بدوره، يقول الخمسيني أبو فؤاد، لـ"العربي الجديد": "في الغوطة حاصرونا وجوعونا ودفنونا تحت بيوتنا وبقينا صامدين، وقلنا لسنوات لا نريد مساعدات. كل ما كنا نريده أن يفك الحصار لنعمل ونعيش بكرامتنا، واليوم في إدلب أيضا نريد أن نعمل ونعيش بكرامتنا".


ولفت إلى أن "أصعب ما يواجهنا اليوم، هو إيجاد مكان نأوي إليه، فأعداد المهجرين كبيرة في إدلب، ولا أعلم كيف يمكن أن تستوعب هذه المنطقة كل هؤلاء البشر وتؤمن لهم سبل العيش"، معربا عن مخاوفه من أن "تتكرر تجربة الغوطة في إدلب، وأن يعود القصف والحصار بعد أن يفرغ النظام من الغوطة ومحيط دمشق".

وقال مسؤول عمليات التتبع والتقارير الإنسانية ضمن "منسقي الاستجابة" في إدلب، طارق الإدلبي، لـ"العربي الجديد"، إن "عدد المهجرين الذين قدموا من الغوطة الشرقية اليوم الاثنين، بلغ 5314 شخصا، ما رفع عدد المهجرين من الغوطة والقدم إلى 12972 مهجرا، في حين أنه من المزمع أن تصل قافلة جديدة خلال الساعات المقبلة لا نعلم كم عدد المهجرين فيها".

ولفت إلى أن "هناك نقصا شديدا في مناطق الاستقبال، ما أجبرنا على استخدام الجوامع كمراكز إيواء، في حين أن بعض المناطق أمنت استقبال أعداد محدودة من المهجرين، كالأتارب ومعرة النعمان وأريحا وقرية الهداية، ومخيمات الحدود".

وأشار إلى أن "هناك العديد من المنظمات العاملة في المنطقة، وهناك تنسيق مع مكتب الأمم المتحدة في تركيا، ولكن التحدي الأكبر هو إيواء المهجرين، وهذا يحتاج إلى دعم أكبر، ودعم دولي لإيجاد مخيمات توفر مقومات العيش الأساسية، وخاصة أنه من المرجح أن تتضاعف الأعداد في المرحلة المقبلة".



المساهمون