الإلهاء الاقتصادي في رمضان

19 يونيو 2015
يجب أن يكون رمضان شهر محاسبة الشعوب للحكومات(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
مع قدوم شهر رمضان، اعتادت حكوماتنا على إلهاء شعوبها بمداخل اقتصادية، لكي تعفي نفسها من المحاسبة، فمع بداية الشهر تعلن الحكومات عن استيراد سلع غذائية ومستلزمات رمضان، وأنها يسرت الإجراءات الجمركية لدخول المكسرات.
وكان الأصل ألا تنتج شعوبنا احتياجاتها، وأن تعيش عالة على غيرها، كما أن التيسيرات الجمركية، يجب أن تكون لصالح مستلزمات الإنتاج وليس للمكسرات والسلع الاستهلاكية والترفيهية.
ثم تتبع الحكومات مشروعها الإلهائي، بالحديث عن زيادة الرقابة على الأسواق لمراقبة الأسعار وجودة المنتجات، في حين أن الأصل أن تؤدي الحكومات هذا الدور طول العام ولا تخصه بمناسبة، ولا يتعدى الأمر أكثر من تصوير المسؤولين في جولات إعلامية، بينما الأسواق تغص بالمخالفات، مما يجعل الصائمين في مشكلات صحية واقتصادية بقية العام، وليس خلال رمضان.
ومن باب زيادة الأعباء الاقتصادية على كاهل الناتج المحلي، تتخذ الحكومات قرارات في غاية الغرابة، بتقليل عدد ساعات العمل خلال رمضان، بل يصل الأمر ببعض الحكومات بإعطاء إجازة لموظفيها خلال العشر الأواخر من الشهر، لكي يهنأ الصائمون بالاعتكاف.
تتخذ الحكومات الإجراءات السابقة وغيرها، وموازناتها تأن بالعجز المزمن، كما أن ناتجها يتسم بالخلل وتعظيم الاستهلاك على حساب الإنتاج، وزيادة الواردات على حساب الصادرات، فضلًا عن التكريس لمشكلة اعتبار الصوم مبررًا للكسل والزهد في قيمة العمل.
الوضع الاقتصادي في دولنا يتطلب زيادة ساعات العمل، أو الإبقاء على ما هو قائم، بسبب انخفاض إنتاجية العامل.
وإن كانت حكوماتنا تمتلك رؤية اقتصادية تحترم الشعائر الإسلامية، فعليها أن تعيد تنظيم ساعات العمل لتكون في ساعات الإفطار، أو في أوقات لا تعرض الصائمين للحرارة والعطش والجوع، لتحافظ على معدلات الإنتاج بها.
يجب أن يكون رمضان شهر محاسبة للحكومات من قبل شعوبها، على الصعيد الاقتصادي، فتقدم الحكومات جهودها في زيادة الإنتاج، ومواجهة البطالة والقضاء على الفقر، وزيادة كفاءة الموارد البشرية.
فإن أحسنت الحكومات الأداء فقد أحسنت عبادة الصيام عن التخلف والتبعية، وإن أخفقت في إدارة الاقتصاد راجعت صومها، وسلمت الراية لمن يحسنون ذلك.
لا يعني ذلك أننا ضد التوسعة على المسلمين في رمضان وغيره من المناسبات، لكن أن يكون ذلك من سعة، وألا تتستر الحكومات في تلك المناسبات بمجموعة من الإجراءات الإلهائية اقتصادياً.

اقرأ أيضا: اقتصدوا يرحمكم الله
المساهمون