أفاد تقرير بحثي صادر عن مركز الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، حول تكاليف المعيشة في دول الاتحاد، يشمل بريطانيا التي تفاوض على الخروج منه، بأن الدانمارك تحتل المرتبة الأولى في مقياس الاتحاد بالنسبة لتكاليف معيشة المواطنين مقارنة بالدخل، بينما تتذيّل بلغاريا اللائحة.
وأخذت الدراسة الأوروبية بعين الاعتبار، قياس مصاريف المواطنين الشهرية، والتكلفة الخاصة بالحياة اليومية من طعام وشراب (باستثناء الكحول) والتبغ والملابس والمواد الإلكترونية والطاقة والمواصلات، فاستنتجت أن الدنمارك تقع في مرتبة متقدمة من حيث التكاليف، وتتجاوز فهرس الاتحاد الذي يضع 100 نقطة لقياس القوة الشرائية للمواطنين في المتوسط، لتصل الدنمارك إلى 141.5 نقطة بمقارنة نحو ألفَي سلعة وخدمة لقياس صرف المواطنين لمداخيلهم وأجورهم.
واحتلت لوكسمبورغ المرتبة الثانية بـ126 نقطة، تليها ثالثا السويد بـ125 نقطة، فيما جاءت بلغاريا لتصنف الأقل تكلفة وبفارق كبير يقع تحت متوسط المعيار الأوروبي بـ48.4 نقطة.
هذا القياس الأوروبي يعني بشكل مباشر أن المواطن الدنماركي يدفع تكاليف حياته اليومية بأكثر من 42% من مواطني باقي دول الاتحاد، فيما مواطنو بلغاريا يدفعون أقل من المتوسط بنحو 52%.
وعلى رغم الغلاء المعيشي الدنماركي، مقارنة أيضا بنسب الضرائب التي يدفعها مواطنو هذا البلد الاسكندنافي، حيث تصل في المتوسط إلى 42%، وتتصاعد مع تزايد منسوب الدخل، إلا أن السويد تعتبر أغلى بالنسبة للكسوة البدنية للمواطنين مما هي عليه لدى جارتهم، وفيما يدفع الدنماركيون مبالغ أكبر للغذاء والشراب، فإن الأيرلنديين يصرفون أكثر على شراء التبغ والمشروبات.
وإذا ما قورنت تكاليف المواصلات بين هولندا، التي يوجد فيها عبارات مجانية للتنقل، وقطارات بتكلفة 10 يورو لـ24 ساعة لكل الخطوط في أمستردام، أو ألمانيا مع الدنمارك، فإن الأخيرة ستتربع على عرش الغلاء على مستوى اضطرار البالغ لدفع نحو 400 كرونه للتنقل بين مدينتي كوبنهاغن وآهوس (حوالي 360 كيلومترا) في تذكرة باتجاه واحد فقط عبر القطار، مع استثناءات بتخفيضات على تذاكر المتقاعدين والطلبة وأوقات معينة بحافلات تأخذ وقتا أطول، والتنقل عبر السيارة لا يقل تكلفة إذ سيضطر الإنسان لدفع تكلفة المرور على جسر "الحزام الكبير"، الواصل بين جزيرتي شيلاند وغوتلاند، مرورا بمدينة أودنسه.
وإذا أراد الألماني زيارة الدنمارك من برلين، عبر الحافلة، فلن يكلفه ذلك ما يكلف المواطن الدنماركي في التنقل الداخلي. وتعتبر التكلفة الباهظة في الدنمارك أمرا معيقا اجتماعيا لمحدودي الدخل الذين لا يستطيع بعضهم قضاء إجازة مع أطفالهم، فيضطر بعضهم للتقدم بطلب الحصول على منحة إجازة من بعض الجمعيات الخيرية، ناهيك عن عزوف بعضهم عن تسجيل الأطفال في أندية رياضية وترفيهية بسبب التكلفة الإضافية.
وأكثر ما يؤرق الطبقة الفقيرة، أو محدودة الدخل على الصعيد الطبي، مقارنة بدول أوروبية أخرى، هو علاج الأسنان وشراء الأدوية، إذ على الرغم من أن الدعم الحكومي متوافر، فإنها تبقى أيضا من التكاليف المزعجة للجميع، ولا سيما بالنسبة إلى محدودي الدخل، حتى من أصحاب المداخيل الجيدة في الطبقة المتوسطة.
ويختار مواطنون دنماركيون "سياحة العلاج" في عدد من الدول الأوروبية الأخرى، ومن بينها بلغاريا والمجر، وكانت تركيا سابقا مقصدا لعلاج الأسنان.