تسببت الأمطار الغزيرة والرعدية التي تهطل منذ أسبوع بلا توقف على العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في البلاد، بركود في الأسواق التجارية المنتظمة، فضلاً عن تعثر عشرات الآلاف ممن يمتهنون البيع عبر التجول في الشوارع.
ويشهد اليمن منذ مطلع الأسبوع الماضي موجة من الأمطار الغزيرة والرعدية تكاد لا تتوقف طوال ساعات الليل والنهار.
وقال تجار وباعة جائلون، إن الأمطار أدت إلى تراجع حركة البيع والشراء وتوقف مهن عديدة، حيث يفضل الناس المكوث في منازلهم وعدم الخروج إلا للضرورة.
وقال رائد جميل 35 عاماً، ويعمل في مسح وتنظيف السيارات بشارع حدة في صنعاء، لـ "العربي الجديد": "الأمطار المستمرة منذ أسبوع أدت إلى توقف عملي تماما. لا أعمل وأظل أنتظر أن تتوقف الأمطار لكنها لا تتوقف، لا يمنحنا المطر فرصة للعمل وأصحاب السيارات لا ينظفون سياراتهم في موسم الأمطار".
وأوضح جميل أنه حقق عائدا جيدا خلال شهر رمضان مكّنه من شراء ملابس جديدة لأولاده الثلاثة ولوح شمسي لإنارة منزله في ظل انقطاع الكهرباء العمومية، لكنه يعاني هذه الفترة بسبب الأمطار ولا يستطيع توفير مصاريفه الشخصية.
ويزدحم الباعة الجائلون أثناء هطول الأمطار على جانبي شارع "هائل"، وهو مركز التسوق الرئيس في صنعاء، يقفون أمام المحلات التجارية وتحت مظلات العمارات الكبيرة مع عرباتهم.
يقول سامي محمد، بائع "آيس كريم"، لـ "العربي الجديد": "الصيف هو موسم انتعاش مبيعات الآيس كريم، لكن تأثرت مبيعاتنا بالوضع المعيشي وتدني القدرة الشرائية للناس، وتضررنا كثيرا من الأمطار الغزيرة التي تهطل بدون توقف".
وأضاف: "نظل في الشارع في انتظار هدنة مع المطر، لكن منذ أسبوع تهطل أمطار غزيرة، وعندما تحاصرنا المياه نترك أماكننا ونقف أمام مظلات المحلات التجارية، وهو ما يؤدي إلى تضايق البعض ويطلبون رحيلنا".
وقال عمال في محلات للملابس الجاهزة، إن الأمطار الغزيرة أدت إلى ركود السوق وتوقف عمليات البيع والشراء، خصوصاً في منطقة باب اليمن شرق صنعاء، حيث فاضت الأمطار على المحلات التجارية وأدت إلى إغلاقها مؤقتاً.
ودفعت فيضانات الأمطار في صنعاء عشرات السكان إلى مغادرة منازلهم بعد ارتفاع منسوب السيول إلى مستوى قياسي، وخصوصاً في منطقة السائلة الواقعة وسط صنعاء، والتي تتجمع فيها السيول القادمة من الضواحي.
وشكلت السلطة المحلية في صنعاء غرفة طوارئ تستقبل بلاغات السكان عن غرق السيارات أو دخول سيول الأمطار إلى المنازل.
وتوقع مركز الأرصاد اليمني، استمرار حالة عدم الاستقرار في الأجواء على معظم محافظات اليمن، وخاصة على سلسلة المرتفعات الجبلية، وحذر من استمرار هطول الأمطار الرعدية وتدفق السيول خلال الأسبوع الجاري.
وتشهد محافظات الجوف (شرق البلاد) والمحويت وحجة (شمال) وحضرموت وشبوة (جنوب شرق)، أمطاراً غزيرة أدت إلى أضرار متفاوتة في المنازل والأراضي الزراعية.
وقال ناشطون محليون في محافظة حضرموت، إن سيول الأمطار الغزيرة أدت إلى تضرر عدد من المنازل والمحلات التجارية وممتلكات المواطنين.
وأكد سكان محليون بمحافظة الجوف، أن سيول الأمطار ألحقت دمارا كبيرا في منازل ومزارع المواطنين بمنطقة (دبيس) ووداي رحوب بمديرية (برط العنان). وفي محافظة المحويت أدت سيول الأمطار إلى جرف أراضٍ زراعية وعدد من السيارات.
وقال سكان محليون بمحافظة مأرب (شرق)، إن السيول أدت إلى أضرار في منازل وممتلكات المواطنين وجرفت شاحنة و4 سيارات لمواطنين في الخط الرئيس الرابط بين المحافظة والعاصمة.
وقال شهود عيان إن سيولاً متدفقة ناتجه عن الأمطار جرفت شاحنة و4 سيارات في الخط الرئيس الرابط بين (مأرب – صنعاء – البيضاء) والواقع بمديرية ماهلية بمحافظة مأرب.
وتسببت سيول الأمطار في تهدم خمسة منازل في منطقة الجنات بمدينة عمران شمالي صنعاء، كما تسببت في نزوح مئات الأسر في مديرية عبس بمحافظة حجة شمالي غرب اليمن.
وأعلن مدير مؤسسة المياه بمديرية حرض في محافظة حجة عبد المجيد صبار، أن السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة، تسببت في جرف مزارع بمديرية حرض، وقطعت المياه عن عاصمة المديرية.
وقال صبار، في تصريحات، إن السيول التي اجتاحت المديرية جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت عليها خلال اليومين الماضيين، قد جرفت عدداً من مزارع المواطنين في المنطقة، كما تسببت في تعطيل أنابيب نقل المياه، ما أدى إلى انقطاعها عن الأهالي والمنشآت السياحية والخدمية بمدينة حرض.
كما أفاد مصدر محلي بأن أربع نساء لقين حتفهن الأسبوع الماضي، جراء سيول الأمطار الغزيرة التي هطلت على محافظة شبوة شرقي اليمن. وأوضح أن السيول تسببت أيضاً بطمر عدد من آبار المياه في الوادي نفسه، مع تضرر عدد من المزارع.
وفي سياق غير بعيد عن الأزمات التي تحاصر اليمن، دق المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ناقوس الخطر بشأن الوضع الاقتصادي في اليمن، مشيراً في البيان الختامي لمشاورات الكويت، إلى أن البلاد مهددة بكارثة إنسانية واقتصادية إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي في أقرب وقت.
ودعا ولد الشيخ، مجدداً إلى "وقف العمليات القتالية واتخاذ إجراءات لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى نحو 3.6 ملايين مواطن".
وتأتي تصريحات المبعوث الأممي، في الوقت الذي تقول فيه الحكومة اليمنية، إنه لا يمكنها مواجهة الانهيار الاقتصادي والمالي في ظل الحرب ومعالجة الأزمات المعيشية بدون استئناف المانحين دعمهم واستكمال تنفيذ المشاريع المتوقفة في المناطق المستقرة أمنياً.
وأدّت الحرب والصراعات الجارية في اليمن وما رافقها من تعليق دعم المانحين للبرامج الاجتماعية ومشاريع التنمية إلى تعميق التحديات التنموية وتفشي الفقر وتفاقم الأوضاع المعيشية للسكان وحرمانهم من الوصول للخدمات الاجتماعية الأساسية.
وفي سبيل معالجة الانهيار الاقتصادي، طالبت الحكومة اليمنية وعلى نحو عاجل، أمس السبت، المؤسسات النقدية الدولية والمصارف التي تحتفظ بأموال للجمهورية اليمنية بوقف التصرف بها من قبل إدارة البنك المركزي الحالية، والذي يسيطر عليه الحوثيون والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
وحسب تقرير حديث للبنك الدولي، فإن عدد الفقراء زاد من 12 مليون نسمة في أبريل/ نيسان 2015، إلى أكثر من 20 مليوناً الآن، من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 26 مليون نسمة.