العالم واقتصاده وماله واستثماراته في حيرة

11 اغسطس 2015
اتساع رقعة الإرهاب والاضطرابات يخفض الاستثمارات (أرشيف/Getty)
+ الخط -

هل نستثمر في الذهب أم الدولار أم العملات الأخرى كاليورو والإسترليني، أم النفط والمعادن، وهل نستثمر في الأسواق الناشئة التي بدأت تعاني من اضطرابات سياسية واقتصادية ومالية، أم نستثمر في اقتصاديات الدول الثمانية الصناعية الكبرى وسنداتها وبنوكها رغم أنها لم تودع بعد تأثيرات الأزمة المالية العالمية التي ضربت الأسواق الأميركية وبعدها الأوروبية في أغسطس من العام 2001، أم نودع أموالنا في بنوك وأدوات مالية تمنح عائداً ضعيفا؟

بات العالم في حيرة شديدة، ليس فقط على المستوى السياسي والأمني، ولكن على المستوى الاقتصادي والاستثماري أيضا، وتزداد الحيرة مع ارتفاع منسوب ودرجة المخاطر الجيوسياسية، وتنامي موجة الإرهاب التي تجتاح العديد من دول العالم، واشتعال الحروب الاقتصادية بين روسيا والغرب، وتفاقم مشاكل منطقة الشرق الأوسط خاصة في سوريا والعراق واليمن، وغموض الموقف بالنسبة لمستقبل الاقتصاد الصيني المحرك الرئيسي للاقتصاد والنمو العالمي، وعدم التوصل لحل ناجز لأزمة ديون اليونان يريح قلق دول منطقة اليورو ويرضي متطلبات الدائنين وفي مقدمتهم ألمانيا وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي.

وانتقلت هذه الحيرة من الحكومات والدول إلى المستثمرين والمؤسسات المالية التي فشلت في معرفة اتجاهات الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة، أو التنبؤ بمسار النمو في الاقتصاديات المتقدمة والصاعدة والنامية على حد سواء، أو التعرف إلى ملامح حركة رؤوس الأموال والعملات والذهب وأسواق المال والنفط، أو التكهن بموعد رفع الفائدة على الدولار.

حتى البنوك العالمية الكبرى، مستشار المستثمرين حول العالم والناصح الأمين لهم، باتت في حيرة، ولذا باتت توقعاتها وتوصياتها تخرج متناقضة وصارخة، وأحدث مثال على ذلك توقعات اثنين من أكبر البنوك الأوروبية لأسعار النفط في الفترة المقبلة، فبنك سوسيتيه جنرال الفرنسي خفض قبل يومين توقعاته لأسعار النفط في العامين 2015 و2016، مستنداً لعدة عوامل منها مرونة إنتاج النفط الأمريكي، وقفزة متوقعة في إنتاج أوبك من النفط، وزيادة متوقعة لصادرات إيران النفطية المتوقع أن تصل لأربعة ملايين برميل، وفي المقابل توقع بنك "يو بي إس" السويسري لإدارة الثروات، أمس الأثنين، تعافي أسعار النفط بحلول عام 2016، متوقعا أن تتراوح الأسعار ما بين 67-72 دولار أميركي للبرميل مع نهاية 2015

وفي الوقت الذي تحدث فيه كثيرون خلال الأسابيع الماضية عن إفلاس اليونان، وبعدها إفلاس فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها من الدول الأوروبية التي تعاني أزمة في مديونياتها الخارجية والمحلية، وجدنا أن مليارات الدولارات عادت لتتدفق على البورصات الأوروبية، وأن 29.4 مليار دولار هربت من الأسواق الناشئة منذ بداية العام، وهي الأسواق التي كان الرهان عليها شديدا في جذب الاستثمارات العالمية الباحثة عن موطئ قدم، وأن 17 مليارا تم سحبها من هذه الأسواق في آخر شهر، وأن المليارات من هذه الأموال عادت لأسواق الأسهم الأوروبية عكس التوقعات السائدة بعدم جاذبية هذه الأسواق لأموال بسبب الظروف الاقتصادية التي تعيشها اقتصادات بعض دوله وتراجع اليورو أمام الدولار، وأن مستثمرين سحبوا 2.8 مليار دولار من الأسواق الناشئة الأسبوع الماضي.

وفي الوقت الذي توقع فيه البعض أن تمثل الأسواق الناشئة ملاذا آمنا للمستثمرين، وجدنا أن معنويات هؤلاء المستثمرين تجاه هذه الأسواق تتدهور بشكل سريع عقب الخسائر الكبرى التي منيت بها البورصة الصينية واحتمال رفع الفائدة الأميركية من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي" البنك المركزي الأميركي".

العالم .. اقتصاده وأمواله واستثماراته بات في حيرة، وبات المستثمرون يضربون أخماساً في أسداس لا يعرفون ماذا يفعلون بالضبط ولا يعرفون كذلك ما يخبئه لهم القدر من مفاجئات.


اقرأ أيضاً: بريق الذهب ينطفئ

المساهمون