%130 ارتفاعا في ديون مقاولات تونس

01 ابريل 2016
الركود يضرب سوق البناء في تونس (فرانس برس)
+ الخط -
ازدادت المخاوف في الأوساط الاقتصادية من أن يلحق القطاع العقاري التونسي بنفس مصير السياحة في ظل حالة ركود واسعة تحاصر الأسواق، وذهبت توقعات محللين وشركات متخصصة إلى أن تراجع الإقبال الشرائي الحاد سيؤدي إلى انخفاض الأسعار بنسبة كبيرة العام الجاري.
وتهدّد هذه الأزمة بمزيد من الضغوط على اقتصاد تونس المنهك حيث يرجح محللون، أن يتسبب ركود العقارات في تراجع نسبة مساهمته في الناتج المحلي البالغة حالياً 9% بالإضافة إلى تهديد مستقبل نحو 400 ألف عامل في القطاع.
وتوقعت شركة "ألفا مينا" المختصة في التحليلات الاقتصادية، تراجع أسعار العقارات في تونس العام الجاري بنسبة لا تقل عن 15% مع إمكانية تواصل التراجع في السنوات المقبلة.
وأكدت الشركة أن الدراسة التي أنجزتها حول القطاع العقاري أثبتت أن شقة من بين كل ثلاث شقق لا تجد مشترياً، كما ارتفع حجم ديون الشركات العقارية المدرجة بالبورصة لدى البنوك إلى 130% مقارنة بقيمة رأس مالها المتداول في السوق المالية.
وتقول الدراسة، والتي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، إن القطاع العقاري مقدم على أزمة نتيجة تراجع المبيعات، ما قد يشكل خطرا كبيرا على البنوك الممولة.
ويخشى المهتمون بالوضع الاقتصادي من أن يلقى القطاع نفس مصير السياحة، رغم أن العقارات ظلت إلى وقت قريب من أكثر القطاعات صلابة وقدرة على جلب الاستثمارات. وتثير هذه الأزمة مخاوف الاقتصاديين، نظرا لأهمية قطاع الاستثمار العقاري وتداعيات دخوله في مرحلة الركود على الاقتصاد.
وحسب إحصائيات رسمية، يساهم القطاع وفروع نشاطاته الاقتصادية الدائرة في فلكه، بنسبة 9% من تكوين الناتج المحلي، كما تمثل استثماراته إجمالاً 14% من الاستثمارات العامة بالبلاد، وهو ما يعادل تقريبا قيمة استثمارات القطاع الصناعي.

ويعتبر مدير البحوث في شركة "ألفا مينا"، قيس قريعة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الأزمة التي يمر بها القطاع العقاري متوقعة منذ سنة 2014، مشيراً إلى أن ارتفاع العرض مقابل تراجع الطلب ولد فائضا كبيرا في المشاريع غير المستغلة، لافتا إلى أن تراجع الطلب هو نتيجة حتمية لحالة الانكماش الاقتصادي التي تمر بها البلاد.
وقال قريعة إن البنوك ستضيق الخناق على المستثمرين العقاريين في الفترة المقبلة لدفعهم نحو سداد الأقساط المستحقة، ما قد يجبر العديد منهم على خفض الأسعار لتوفير السيولة الكافية لسداد القروض. وتوقع أن تؤثر أزمة العقارات على القطاع البنكي عموما لافتا إلى أن البنوك العمومية الثلاثة الأكثر تمويلا للمشاريع العقارية تمر بأزمة، ما استدعى تدخلا حكوميا وضخ قرابة مليار دولار لإعادة رسملتها.
وتقوم العديد من شركات العقارات في الفترة الأخيرة بحملات ترويجية مكثفة على شبكات التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية مع تقديم تخفيضات وعروض متنوعة لتشجيع التونسيين على اقتناء المساكن، غير أن هذه الحملات لا تؤتي أكلها وفق ما أكده الأمين العام جمعية المستثمرين العقاريين نور الدين شيحة، لـ"العربي الجديد".



وقال "عندما تأثر القطاع السياحي بفعل العمليات الارهابية سارعت الحكومة لترميم جراحه، وحث البنوك على جدولة ديون المستثمرين لكنها تقف اليوم مكتوفة الأيدي أمام أزمة القطاع العقاري".
وشهدت أسعار العقارات في تونس خلال السنوات الخمس الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق حيث تقدر نسبة الارتفاع في سعر المتر المربع بأكثر من 100% في بعض الأحياء المحيطة بالعاصمة، حسب بيانات غير رسمية، قدّرت الارتفاع السنوي لأسعار العقارات، بأكثر من 20%، ما أدى إلى دخول القطاع في دوامة التضخم خصوصا في ظل ارتفاع المواد الأولية المستوردة من الأسواق الدولية وضعف المخزون من الأراضي.

ويذهب العديد من المراقبين للشأن الاقتصادي إلى أن الحديث عن أزمة في القطاع العقاري أمر مفتعل، معتبرين أن انخفاض الأسعار سيدفع العديد من التونسيين نحو المسارعة إلى اقتناء مساكن، ما من شأنه أن يدفع العجلة من جديد.
ودعت جمعيات مدنية تهتم بوضع المستهلكين إلى عدم الانجرار وراء هذه الحملات المبطنة بأهداف ربحية، وأكدت على أن مقاطعة شراء العقارات ستجبر المستثمرين على مراجعة الأسعار المعمول بها حاليا والاكتفاء بنسب أرباح معقولة.
وتعود بوادر تعثر القطاع العقاري وفق الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، إلى العشرينية الماضية عندما راهنت المؤسسات المالية من مؤسسات قرض وشركات إيجار مالي على مردودية القطاع، وضعف المخاطرة فيه باعتبار توفر الرهون الكفيلة بتغطية أي عجز قد يطرأ على المعاملات؛ وهو ما أدى إلى بناء أحياء بالكامل دون طلب فعلي عليها.
ويرى الحطاب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن خيارات المستثمرين العقاريين في انتهاج سياسة تسويقية انتقائية ترتسم ملامحها العامة في الاستثمار في السكن الراقي، أدت إلى عزوف التونسيين عن اقتناء المساكن التي تتجاوز قدراتهم الشرائية بكثير.
وطالب الحطاب الجمعيات المهنية للمطورين العقاريين في تونس بإحداث ثورة في طرق وأدوات تمويل العقارات من قبل المصارف التجارية، معتبراً أن الشروط التي تضعها المصارف لتمويل شراء المساكن غير مناسبة.
وتتكتم الجمعيات المهنية للمستثمرين العقاريين عن الحجم الحقيقي للشقق والمباني غير المسوّقة، كما لم تتمكن الجهات الرسمية من حصرها، في حين تؤكد أطراف غير رسمية أنه يفوق 300 ألف شقة.




المساهمون