تهاوي أسعار الخضروات يكبّد مزارعي غزّة خسائر بالغة

28 مارس 2016
تسويق الخضروات في الخارج ينعش القطاع الزراعي (Getty)
+ الخط -


شهدت أصناف عديدة من الخضروات المعروضة في أسواق غزة التجارية، انخفاضا ملحوظا في أسعار بيعها، مقارنة بأسعارها مع مطلع العام، التي طرأ عليها ارتفاع كبير، اضطرت وزارة الزراعة حينها إلى إيقاف تصدير الخضار إلى الخارج لعدة أسابيع.

وتسببت الأسعار المتدنية، غير المتوقعة، بخسائر مالية لمزارعي الخضروات، خصوصا للذين يزرعون محاصيلهم داخل الدفيئات الزراعية كالطماطم والخيار، نظرا لارتفاع كلفة الزراعة المغلقة مقارنة بالزراعات المكشوفة أو الصيفية.

وأرجع البائع علاء فارس سبب تدني أسعار بيع الخضروات إلى زيادة الكميات المعروضة في أسواق قطاع غزة التجارية، بالتزامن مع تراجع معدلات الطلب أو استقرارها عند مستويات ضعيفة في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

وأوضح فارس لـ"العربي الجديد"، أن أسعار الخضروات كان قد طرأ عليها ارتفاع كبير في الأشهر الماضية، الأمر الذي شجع المزارعين على زراعة الطماطم بكميات كبيرة بهدف تحقيق الربح، ولكن المزروعات نضجت وعرضت في السوق بوقت واحد، ففاق العرض الطلب، ما أدى إلى انخفاض الأسعار في الوقت الحاضر.

ولفت البائع علاء إلى أن القيود المشددة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على تصدير المنتجات الزراعية إلى الأسواق الخارجية عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، ساهمت بشكل مباشر في تدني أسعار البيع محليا وتكبيد المزارعين خسائر مالية باهظة.
وسمح الاحتلال بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، صيف عام 2014 ولأول مرة منذ فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع منتصف عام 2007، بتصدير 15 صنفاً من الخضروات إلى أسواق الضفة الغربية، وذلك وفق إجراءات وشروط معقدة قيّدت عمليات التصدير.

أما المزارع عطية حمودة، فقال لـ"العربي الجديد"، إن أكبر المتضررين من الانخفاض المفاجئ لأسعار بيع غالبية أصناف الخضروات، هم مزارعو الطماطم والخيار، وذلك لحاجتهما إلى رعاية خاصة وتكاليف مالية عالية، مشيرا إلى أن التغيّرات المناخية تهدد بإتلاف المحاصيل الزراعية المكشوفة.
وبيّن حمودة أن سعر كيلوغرام من أفضل أصناف الطماطم وصل لشيكلين، بينما كانت تباع الكمية ذاتها في نهاية العام الماضي بـ7 شواكل، في حين تباع باقي الخضروات، كالخيار والبطاطا والبصل والكرنب، بأسعار منخفضة لا تكاد تزيد عن ثلاثة شواكل لكل كيلوغرام، (الدولار يعادل 3.85 شواكل).

ولفت حمودة، الذي يشرف على خمسة دونمات مزروعة بمحصول البصل، في بلدة بيت لاهيا، شمال القطاع، إلى أن التغيّرات الجوية التي حدثت في الأسابيع القليلة الماضية دفعت المزارعين إلى حصد مزروعاتهم وتسويقها مبكرا، موضحا أنه رغم انخفاض أسعار الخضروات إلا أن الحركة الشرائية للمواطنين ضعيفة، نظرا لتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية داخل غزة.

ونجح القطاع الزراعي في غزة خلال السنوات السابقة بتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من أصناف الفواكه والخضروات، لكن الحروب الإسرائيلية الثلاث التي شُنّت على القطاع في السنوات الماضية والاعتداءات العسكرية المتكررة، أرجعت معدلات الاكتفاء إلى نقطة الصفر بعد تخريب وتجريف مئات الدونمات الزراعية.


وخلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، استهدفت صواريخ الاحتلال وقذائفه من البر والجو وعبر الزوارق الحربية من البحر مئات الأراضي المزروعة بالخضر والفاكهة، وفور انتهاء العدوان الذي استمر لـ51 يوما، اشتكى عدد من المزارعين من تراجع القدرات الإنتاجية لأراضيهم، خصوصاً في المناطق الحدودية.

من جانبه، ذكر المدير العام للإدارة والتسويق في وزارة الزراعة بغزة، تحسين السقا، لـ"العربي الجديد"، أن سبب انخفاض أسعار غالبية أصناف الخضروات، ناجم عن بدء فترة ذروة الإنتاج المحلي للخضروات، متوقعا أن تبقى الأسعار منخفضة بشكل واضح حتى منتصف العام الجاري.

وأوضح أن الخضروات التي زُرعت داخل الدفيئات الزراعية المغطاة خلال شهري أكتوبر/ تشرين الأول، ونوفمبر/ تشرين الثاني، قد نضجت مع بدء درجات الحرارة بالارتفاع تدريجيا، الأمر الذي أدى إلى زيادة العرض في الأسواق وانخفاض أسعار الخضر، وتحديدا الأساسية منها، مثل الطماطم والخيار والبطاطا.

وأشار المدير العام للإدارة والتسويق إلى أن موسم زراعة الخضروات يمتاز عن غيره بالندرة في أشهر محددة وبالذروة في فترات أخرى، مؤكدا على أهمية زيادة معدلات عمليات التصدير إلى الأسواق الخارجية، والتي تلعب دورا هاما في دعم المزارعين وتسويق فائض منتجاتهم.

وبيّن السقا أن قطاع غزة تمكن منذ مطلع العام الجاري 2016 من تصدير قرابة خمسة آلاف طن من الخضروات إلى أسواق الضفة الغربية والأردن وإسرائيل، في حين بلغ حجم التصدير خلال العام الماضي نحو 13 ألف طن، موضحا أن معبر كرم أبو سالم الحدودي لا يصلح لتصدير المنتجات الزراعية.

وتكمن أهمية التسويق إلى الخارج في إحداث انتعاش اقتصادي في الأوضاع الداخلية وتصدير فائض الخضروات، بجانب تشغيل أكبر قدر ممكن من الأيادي العاملة، بعدما كان القطاع الزراعي يشغّل قبل عام 2007 نحو 44 ألف عامل.


اقرأ أيضا: تصدير أول شاحنة فراولة من غزة إلى الضفة الغربية
المساهمون