الأردن يستنجد بالمغتربين لإنعاش الاقتصاد

25 يونيو 2015
مدخرات المغتربين تنعش التجارة الداخلية (Getty)
+ الخط -
تترقب السوق الأردنية ما يعرف بموسم عودة المغتربين، لتنشيطها وكسر حالة الجمود، التي سيطرت على العديد من القطاعات الإنتاجية والتجارية، بسبب انحسار الصادرات بفعل اضطرابات المنطقة.
وغالباً ما تشهد هذه الفترة من العام رواجاً في بعض السلع والخدمات، والتي تمتد حتى نهاية أغسطس/آب، حين يعود عشرات الآلاف لقضاء إجازاتهم السنوية، ما يساهم في تنشيط الاقتصاد وزيادة الإقبال على المحلات التجارية والذهب والمجوهرات والمطاعم وشراء العقارات.
وتشكل مدخرات المغتربين وتحويلاتهم محركا للاقتصاد الأردني، إذ تعد أحد الروافد المالية المهمة للاقتصاد، وتساهم في تعزيز احتياطيات المصرف المركزي من العملات الأجنبية، والتي تجاوزت 13.6 مليار دولار مع نهاية الربع الأول من العام الحالي.
وبحسب المصرف المركزي، فإن تحويلات المغتربين الأردنيين بلغت خلال الربع الأول من العام الحالي 888.58 مليون دولار، بزيادة بلغت نسبتها 3.2% عن نفس الفترة من العام الماضي. وقال رئيس نقابة المواد الغذائية، عضو غرفة تجارة الأردن، خليل الحاج توفيق، لـ "العربي الجديد"، إن موسم عودة المغتربين الأردنيين، يساهم في تحريك القطاع التجاري بشكل عام، حيث ترتفع مبيعات التجار من مختلف السلع، بما في ذلك المواد الغذائية.
وأضاف توفيق أن الإقبال يرتفع أكثر على المولات (المراكز التجارية الكبرى)، لأن المغتربين اعتادوا التسوق من هذه المحلات في الخارج، خاصة في دول الخليج العربي، مشيراً إلى ارتفاع الطلب بنسبة تصل إلى 10%، وكذلك على المطاعم بنسبة تقدر بحوالي 25%.
وبحسب دراسة حديثة لغرفة تجارة عمان، فإنه بالرغم من الدور الذي لعبته مدخرات وتحويلات الأردنيين في دعم الاقتصاد، إلا أنه لم يتم توظيفها بقطاعات ذات قيمة مضافة عالية، مثل الصناعة والزراعة والتصدير، بل تركت للمغتربين إدارتها بالصورة التي يرغبون فيها.
وذكرت الدراسة أن الأموال التي يجنيها المغتربون تتجه أساسا نحو السلع الاستهلاكية والمعمرة كالسيارات والأثاث والخدمات الشخصية والترفيهية والتعليم والعلاج. وأشارت إلى أن جزءاً من أموال المغتربين يتجه نحو قطاع العقارات ما يكون له أثر إنمائي على هذا القطاع، دون غيره من القطاعات الأخرى، ما يساهم في تنشيطه وخلق فرص عمل مرتبطة به، لافتة إلى أن عدد الأردنيين العاملين في الخارج يقدر بحوالي 350 ألفا يعمل غالبيتهم في دول الخليج العربي.
وقال مسؤول نقابة منتجي وتجار الأثاث، شرف الهياجنة لـ "العربي الجديد"، إن المغتربين يلعبون دوراً مهما في تحريك السوق كل عام، خاصة في فترة الصيف. وأضاف أن مبيعات الأثاث ترتفع بنسبة تتراوح بين 30% و40% بسبب مشتريات المغتربين، موضحاً أن حجم المبيعات يصل إلى حوالي 366 مليون دولار من الأثاث سنوياً، بينما بدون المغتربين لا يتجاوز 225.6 مليون دولار.
ويعتبر قطاع الذهب من المجالات، التي تنشط سنوياً أيضا في الأردن مع عودة المغتربين، حيث قال رئيس نقابة أصحاب محلات الذهب والمجوهرات، أسامه امسيح، لـ "العربي الجديد"، إن حركة المبيعات تنشط مع عودة المغتربين، والتي تتزامن في الغالب مع مواسم الزواج والمناسبات الاجتماعية، بينما تشهد المحلات ضعفا في الطلب باقي فترات السنة.

اقرأ أيضا: هواجس "التفخيخ" تعلق تجارة الأردن إلى العراق

وبحسب رئيس جمعية الصرافين، علاء ديرانية، فإن قطاع الصرافة تنتعش الحركة فيه مع موسم العودة من الخارج، لارتفاع الطلب على العملة الوطنية "الدينار" وزيادة معدلات العملة الأجنبية.

ويشدد خبراء الاقتصاد على ضرورة الاستفادة من مدخرات المغتربين في تحريك عجلة الإنتاج في مختلف القطاعات، وعدم اقتصارها على السلع الاستهلاكية والكمالية، مشيرين إلى ضرورة أن تكون هناك خطة حكومية لاستقطاب هذه الأموال أو تشجيع أصحاب المدخرات على الاستثمار في أدوات آمنة تعزز نشاط الاقتصاد الأردني بشكل حقيقي.
وقال وكيل وزارة المالية الأردنية، عز الدين كناكرية، لـ "العربي الجديد"، إن هناك العديد من المجالات الاستثمارية المتاحة أمام المغتربين الأردنيين لتوظيف أموالهم بشكل يحقق عائدا مجزيا لهم، خاصة الاستثمار في بورصة عمان، مضيفا أن المغتربين يميلون عادة للاستثمار في قطاعات لا تتطلب إشرافا مباشرا من قبلهم.
ولتعظيم العائد على الاقتصاد من تحويلات العاملين في الخارج، والتي تتجاوز 5 مليارات دولار سنوياً، قال كناكرية إنه سيتم توجيههم للاستثمار في السندات الحكومية، التي تطرح من حين لآخر من خلال المساهمة في المحافظ الاستثمارية، التي تقوم بإنشائها المصارف، وكذلك الاستثمار في الصكوك الإسلامية، التي يعتزم الأردن طرحها قريبا وتتيح للأفراد المشاركة فيها.
وأشار إلى أن هيئة الاستثمار لديها برامج لتوجيه المغتربين الأردنيين للاستفادة من الفرص المتاحة وتوظيف مدخراتهم في مشاريع إنتاجية وخدمية تحقق عائدا أفضل لهم وللاقتصاد.
ويعاني الاقتصاد الأردني من تراجع صادراته بسبب اضطرابات المنطقة، لا سيما بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على المنافذ الحدودية في سورية والعراق والمشتركة مع الأردن.
وكان تقرير لدائرة الإحصاءات العامة الأردنية (حكومية)، ذكر الأسبوع الجاري، أن صادرات البلاد الكلية التي تشمل المنتجات المحلية والمعادة تصديرها انخفضت خلال الثلث الأول من العام الحالي ( يناير/كانون الثاني حتى نهاية أبريل/نيسان) بنسبة 12.1%، حيث بلغت 2.42 مليار دولار، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وأكد التقرير أن قيمة الصادرات المنتجة محلياً خلال الثلث الأول من العام، بلغ 2.05 مليار دولار، بانخفاض نسبته 13.7% مقارنة بنفس الفترة من عام 2014.
وبلغت قيمة الكميات المعاد تصديرها 369.8 مليون دولار خلال نفس الفترة بانخفاض نسبته (2.2%) مقارنة بنفس الفترة من عام 2014.

اقرأ أيضا: "داعش" يجني نصف مليون دولار يومياً من منافذ العراق

المساهمون