حذر تقرير حكومي كويتي، من نفاد الاحتياطي العام للدولة خلال 4 أشهر فقط، في حال استمرت الحكومة في السحب منه، جراء أزمة تفاقم عجز الموازنة بسبب تراجع الإيرادات وتوقف الأعمال نتيجة الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا وهبوط عائدات النفط.
وكشف التقرير الصادر عن إدارة الاقتصاد الكلي التابعة لمجلس الوزراء، والذي اطلعت عليه "العربي الجديد"، عن أن الحكومة ستواجه أزمة سيولة حقيقية مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بعد انهيار الاحتياطي العام الذي هوى إلى 7 مليارات دولار خلال الأشهر القليلة الماضية، بينما بلغ بنهاية العام 2019 نحو 39.9 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع مجلس الأمة (البرلمان) بشأن آلية تمويل عجز الموازنة، فلن يتمكن مجلس الوزراء من دفع رواتب العاملين في الجهات الحكومية، وقد يضطر إلى تسييل (بيع) أصول في الخارج كأحد الخيارات المتاحة.
وكان مصدر حكومي قد قال لوكالة رويترز، يوم الأحد الماضي، إن الحكومة تعتزم وقف استقطاع حصة صندوق الأجيال القادمة من إجمالي الإيرادات الفعلية للموازنة لتوفير موارد مالية. وتستقطع الكويت حاليا، بحكم القانون، ما لا يقل عن 10% سنوياً من إيراداتها لصالح احتياطي الأجيال القادمة، الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار (الصندوق السيادي).
وقال المصدر، إن وقف الاستقطاع سيوفر أكثر من مليار دينار (3.25 مليارات دولار) في السنة المالية الحالية وحدها (بدأت بحلول إبريل/نيسان)، والتي وصفها "بالاستثنائية" في ظل تفشي كورونا وهبوط أسعار النفط الخام.
وفي وقت سابق من يونيو/حزيران الجاري، قال رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح، إنه ليس لدى الحكومة سيولة لدفع رواتب خلال الأشهر المقبلة، مشددا على أهمية إقرار قانون الدين العام الذي يسمح بالاقتراض، حتى لا تتجه الحكومة إلى تسييل أصول الدولة في الخارج.
وبحسب بيانات وزارة المالية، فإن بندي رواتب العاملين في الجهات الحكومية والدعوم المقدمة للمواطنين، يشكلان أكثر من 50% من موازنة السنة المالية الحالية 2020/2021، بقيمة 51 مليار دولار.
وتواجه الحكومة أزمة مالية مزدوجة، تتمثل في انخفاض أسعار النفط من ناحية وتوقف الأعمال والأنشطة الاقتصادية من ناحية أخرى، ما أدى إلى تفاقم عجز الموازنة حيث تشير التقديرات إلى بلوغه مستويات غير مسبوقة، ليصل إلى 62 مليار دولار، الأمر الذي دفع مجلس الوزراء إلى تخفيض ميزانية هذه السنة بنحو 20%.
ويقول الخبير الاقتصادي، حجاج بوخضور لـ"العربي الجديد" إن الحكومة مجبرة على اتخاذ إجراءات حتمية لمواجهة الأزمة، مشيرا إلى أن نفاد الاحتياطي العام سببه الفشل والتقاعس عن اتخاذ القرارات والحلول المناسبة لمعالجة العجز المستمر منذ سنوات.
وطالب بوخضور الحكومة بتأجيل تحويل حصة الـ 10% إلى صندوق الأجيال بدلا من وقفه نهائياً، قائلا إن "التوجه للمساس بصندوق الأجيال دليل على عجز الدولة عن تقديم الحلول الاقتصادية، فيما تلجأ إلى معالجة الأزمة بأخطاء فادحة ستؤثر على مستقبل الأجيال المقبلة".
وكان البنك الدولي قد توقع أن يسجل اقتصاد الكويت أكبر نسبة انكماش خلال العام الجاري بواقع 4.5%، تليها البحرين بنسبة 4.4%، ثم الإمارات 4.3%، وسلطنة عُمان 4%، والسعودية 3.8%، وأخيراً قطر 3.5%.
وفي إبريل/نيسان الماضي، قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية، إن الاعتماد شبه الكامل في الكويت على الإيرادات النفطية، يجعلها معرضة بشدة لانهيار أسعار الخام الناتج عن انخفاض الطلب العالمي، مشيرة إلى أن العجز المالي سيسرع من استنفاد الأصول السائلة لصندوق الاحتياطي العام.
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، محمد الهاجري، لـ"العربي الجديد" إن غياب التوافق بين الحكومة ومجلس الأمة يزيد صعوبة الموقف الحالي، مضيفا أن "الأزمة تتطلب التعاون بين السلطتين من أجل مواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة ووضع حلول طويلة الأمد لمعالجة أوجه الخلل بالاقتصاد الذي يعتمد على الطابع الريعي بدلا من الإنتاج وتنمية الموارد وتنويع مصادر الدخل".