واندلعت شرارة الأزمة المالية الجديدة

08 يوليو 2015
الأزمة لن تنطلق هذه المرة من أميركا (Getty)
+ الخط -

ربما من المبكر أن نقول، إن العالم دخل، فعلاً، في أتون أزمة اقتصادية ومالية جديدة وعنيفة، لكن ما يحدث هذه الأيام في الاقتصادات المتقدمة والناشئة على حد سواء، وفي أسواق المال والبورصات والعملات الكبرى يقول، إن العالم مقبل، فعلاً، على أزمة من هذا النوع قد لا تقل في حدتها عن الأزمة المالية التي اندلعت في الولايات المتحدة في أغسطس عام 2008، وقد تفوق خسائرها كثيراً أزمة الكساد العظيم التي شهدتها الولايات المتحدة أيضاً في العام 1929.

الأزمة لن تنطلق هذه المرة من أميركا كما جرى الحال في العامين 1929 و2008، وإنما ستنطلق من منطقة جنوب أوروبا، حيث قنبلة على وشك الانفجار اسمها اليونان، وستمتد سريعاً إلى دول جنوب شرق آسيا، حيث تقع الصين واليابان، وفي وقت متزامن ستمتد إلى دول جنوب أوروبا، حيث تقع إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفرنسا، وهي الدول المرشحة لتكرار السيناريو اليوناني بها، حيث تعاني موازناتها من مشاكل كبيرة أبرزها زيادة حجم الديون المحلية والخارجية وتباطؤ معدل النمو الاقتصادي.

وبعدها ستنطلق الأزمة إلى باقي أسواق العالم، وفي مقدمها الولايات المتحدة وروسيا وبورصات منطقة الخليج، ولن تقتصر تداعياتها هذه المرة على القطاع المالي والمصرفي والعقاري كما حدث في أميركا في العام 2008 ثم في أوروبا في عام 2010، بل ستستهدف كل القطاعات الاقتصادية الحيوية وعلي رأسها الصادرات.

تطورات الأيام الماضية تنبئ بقرب اندلاع الأزمة العالمية الجديدة التي لن تكون أزمة مالية فقط، بل أزمة اقتصادية أيضاً، فتطورات أزمة ديون اليونان والإنذار الذي وجهه زعماء منطقة اليورو الأربعاء لحكومة أثينا اليسارية، يشي بأن الأزمة في طريقها إلى التعقيد لا الحل، وأن دولاً أوروبية كبري بدأت تنفض يدها من حل الأزمة، كما أن الهزة التي يتعرض لها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو الاقتصاد الصيني، والهبوط الحاد للبورصات الصينية وتكبدها خسائر تجاوزت 3.2 تريليونات دولار وحالة الذعر الجماعي التي تسيطر عليها وفقدان أسهمها المتداولة 30% من قيمتها منذ أن بلغت الذروة في منتصف شهر يونيو/حزيران الماضي يصب في هذا السيناريو أيضا.

عنوان الأزمة المقبلة هو "قنبلة السيولة الموقوتة" التي ستدفع إلى انهيار اقتصادي حسب مقال نُشر الاثنين في جريدة الجارديان البريطانية لأستاذ الاقتصاد في جامعة نيويورك، نوريل روبيني، وهو باحث اقتصادي معروف بتوقعاته الدقيقة التي تستبق عادة الكوارث المالية والاقتصادية الكبرى في العالم، وبينها ركود عام 2008، ويلقب بـ "دكتور الكوارث" لتوقعاته المرتبطة بأزمات، وبينها تنبؤه بالأزمة الاقتصادية التي اندلعت في العام 2008.

السؤال المطروح هنا: هل تمتلك البنوك المركزية العالمية الكبري، خاصة المركزي الأوروبي ومجلس الاحتياط الفيدرالي " المركزي الأميركي" وبنك أوف انجلاند " المركزي البريطاني"، السيولة الكافية التي تمكنها من تكرار تجربة برامج "التيسير الكمي" التي وفرت من خلالها سيولة بمئات المليارات من الدولارات للبنوك والشركات المالية المتعثرة وخففت من تداعيات الأزمة المالية التي جرت في العام 2008 وجعلت الأسواق المالية قادرة على الاستمرار رغم حالات التعثر العنيفة وعدم السقوط في فخ الإفلاس؟

وبغض النظر عن هذا السؤال فإن المؤشرات الاقتصادية تقول إن العالم مقبل علي أيام صعبة قد تفوق في حدتها ما حدث في أغسطس 2008 وما تبعها من تطورات كارثية.

المساهمون