برامج الحوارات الفنية: دردشة أم غرف تحقيق؟

27 فبراير 2023
تقدم جيسيكا عازار برنامجاً يحمل اسم "فورتي" (MTV)
+ الخط -

لا يمكن تصنيف برامج الحوارات الفنية في لبنان بأنها مكتملة؛ إذ إن الغلبة فيها لأسئلة ليس لها علاقة بالفن، وتندرج في الأسئلة الشخصية التي لم تعد تهم المتابع.
لسنوات، ظلت برامج الحوار الفني تستقطب جمهور التلفزيون، سواءً في لبنان أو في العالم العربي، لكنها اليوم تحولت إلى حلبة صراع بين المقدم والضيف، إذ يتمحور معظمها حول أسئلة تدور في الفلك الشخصي للضيف، من قبيل خلاف قديم بين الضيف وزميل له، بإمكانه أن يعيد كرة النار بين الاثنين... كل ذلك يدخل في إطار لعبة "الريتنغ"، التي يحاول بعضهم الفوز فيها، لضمان جذب المشاهد، إن لم يكن عبر الشاشة الصغيرة، فبالطبع على منصّات التواصل، التي بدأت تعيد بث الأعمال التلفزيونية على المواقع البديلة.
يحاول المقدم رودلف هلال التغلب على ضيفه مساء كل سبت في برنامج "المجهول"، من خلال نوعية الأسئلة التي لا تروي حكاية نجاح أو أعمال فنية للضيف، بل تتجه إلى الخلافات الشخصية التي حصلت مع الضيف وطرف آخر، معتمداً على نوع من الإثارة والاستفزاز في رسم أسلوب الحوار المستغرب في هذا النوع من البرامج، التي تحولت نوعا ماً إلى موجات ردح على الهواء بين الفنانين أنفسهم ومن اختلفوا معهم.
ويطرح برنامج حواري فني آخر على محطة الجديد أسئلة تعود إلى سنوات طويلة، مثل سؤال الممثلة سلاف فواخرجي عن مشكلة حصلت ليلة زفافها، أي قبل اكثر من 25 عاماً، وكيف حاولت زميلتها كاريس بشار في تلك الليلة العمل على تخريب الزفاف، فيما التزمت سلاف فواخرجي الصمت طوال عقدين وقررت اليوم إعادة فتح الملف من بيروت وعلى الهواء، لتبدأ وسائل التواصل الاجتماعي بنشر الخبر وكيل الاتهامات والأسئلة لكاريس بشار، في قضية من الضروري الاعتراف بأنها لا تهم أحدا، ولا تزيد على رصيد فواخرجي وزميلتها بشار أي نجاح، بل على العكس، يطرح مثل هذا الاعتراف فرضية الغيرة والبغض التي يحملها بعضهم جراء موقف مضى عليه سنوات طويلة، وليس فتح هذه المواضيع إلا إعادة استجداء عاطفة الجمهور، والسؤال لماذا قامت كاريس بشار بما تحدثت عنه زميلتها، خصوصاً وأن بشار لم تكن مدعوة لحفل الزفاف، بحسب ما جاء على لسان زميلتها في المقابلة.

من ناحيتها، لا تبتعد جيسكيا عازار عن الدور نفسه في فرض أسئلة شخصية على ضيوفها ، في برنامج "فورتي" (يعرض مساء كل يوم أحد على شاشة MTV اللبنانية)، نشهد محاولة لنبش في تاريخ وعلاقات الضيف الفنية والاجتماعية، في اسئلة لا تجدي أو تفيد المشاهد، ولا تمثّل إلا نوعاً من الترفيه المكرر لأجوبة سمعناها مراراً من المغني ملحم زين الذي حل ضيفاً على "فورتي"،  قبل شهر وكانت إجاباته مكررة لأنها جاءت ردّاً على أسئلة لطالما طُرحت عليه، خصوصاً تلك الأسئلة التي تخص انفجار بيروت، فضلاً عن علاقته بالطبقة السياسية، ورؤيته للواقع المأزوم في لبنان.
تثبت هذه البرامج، يوماً بعد يوم، أنها تماشي الوضع الصعب للمحطات اللبنانية بحسب كلفة إنتاجها البسيطة، والتي لا تمكن مقارنتها بما كان عليه حال برامج الحوارات الفنية منذ سنوات، وكيف أصبحت مرجعية غنيّة بالمعلومات للمتابعين.

المساهمون