أوروبا وأميركا الشمالية تصعدان معركتهما ضد "تيك توك"

أوروبا وأميركا الشمالية تصعدان معركتهما ضد "تيك توك"

02 مارس 2023
تجذب "تيك توك" أكثر من مليار مستخدم حول العالم (بافلو غونتشار/ Getty)
+ الخط -

أكد البيت الأبيض، الثلاثاء، انفتاحه على المزيد من الإجراءات التي تهدف إلى السيطرة على "تيك توك"، بعدما بدأ التشريع الذي يحظر هذه المنصة في الولايات المتحدة بشق طريقه عبر الكونغرس.

"تيك توك"، المملوكة لشركة بايتدانس الصينية، لديها أكثر من مليار مستخدم حول العالم، بينهم أكثر من مائة مليون مستخدم في الولايات المتحدة.

وقالت نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض، أوليفيا دالتون، إن إدارة الرئيس جو بايدن تعمل على إحباط "مساعي" الصين ودول أخرى "لاستغلال التقنيات الرقمية وبيانات الأميركيين بطرق تشكل تهديداً غير مقبول للأمن القومي". وأضافت دالتون: "سنواصل النظر في الإجراءات التي يمكننا اتخاذها في هذه القضية، وتشمل التعاون مع الكونغرس".

كان من المقرر أن تصوت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الثلاثاء على التشريع الذي قدمه الجمهوريون، ومن شأنه أن يمنح بايدن سلطة حظر "تيك توك" تماماً في الولايات المتحدة. لاحقاً سيعرض مشروع القانون على التصويت الكامل في مجلس النواب حيث من المحتمل إقراره.

أمر البيت الأبيض، الاثنين، الوكالات الفيدرالية بأن تحظر في غضون 30 يوماً "تيك توك" على هواتفها وأجهزتها، بسبب أخطارها على الأمن القومي الأميركي. واستُهدفت المنصة من قبل المشرّعين الأميركيين الذين يعتبرونها تهديداً للأمن القومي، وحظروا استخدامها على أجهزة موظفي الخدمة المدنية في قانون صدر أواخر كانون ديسمبر/ كانون الأول. اتخذ مكتب الإدارة والميزانية، التابع للبيت الأبيض، قراره بهذا الشأن بالاستناد إلى القانون الذي صادق عليه بايدن في أوائل يناير/ كانون الثاني الماضي. وأمرت مديرة المكتب، شالاندا يونغ، في مذكّرة، مختلف الوكالات والإدارات والأجهزة التابعة للحكومة الفيدرالية بأن "تزيل وتحظر تنزيل" المنصة على الأجهزة التي تمتلكها أو تديرها، وأن "تمنع الاتّصال عبر الإنترنت" بين هذه الأجهزة والمنصة.

ولا ينطبق الحظر على الكيانات الأميركية غير الفيدرالية أو ملايين الأفراد الذين يستخدمون "تيك توك". لكن الاتحاد الأميركي للحريات المدنية استنكر القانون الجديد، معتبراً أنه يرقى إلى مستوى "المنع الفعلي" لـ"تيك توك". وقالت كبيرة المستشارين السياسيين للاتحاد، جينا ليفينتوف، في بيان: "يجب ألا يفرض الكونغرس رقابة على منصّات ويحرم الأميركيين من حقّهم الدستوري في حرية الخطاب والتعبير". وأضافت ليفينتوف: "لدينا الحق في استخدام تيك توك وغيرها من المنصّات، لتبادل أفكارنا وآرائنا مع الأشخاص في أنحاء البلاد وحول العالم كافة".

ورأت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الثلاثاء، أن الحظر الذي فرضته الحكومة الأميركية على التطبيق "يكشف عن مخاوف واشنطن الخاصة، ويشكل إساءة لاستخدام سلطة الدولة"، وأضافت، في إيجازها الصحافي اليومي، أن حكومة الولايات المتحدة "أفرطت في توسيع مفهوم الأمن القومي وإساءة استخدام سلطة الدولة. إلى أي مدى يمكن للولايات المتحدة، أكبر قوة عظمى في العالم، أن تخشى من التطبيق المفضل لدى الشباب؟".

كما حظرت الحكومة الكندية، الاثنين، منصة تيك توك على كل هواتفها وأجهزتها، مشيرة إلى مخاوف على صعيد حماية البيانات. وجاء في بيان للحكومة أنّه اعتباراً من الثلاثاء "ستحذف تيك توك عن الأجهزة المحمولة التي تمنحها الحكومة. كما سيمنع مستخدمو هذه الأجهزة من تنزيل المنصة في المستقبل". وأضافت الحكومة أنّ كبير مسؤولي الاتصالات في كندا "خلص إلى أنّ التطبيق ينطوي على مستوى غير مقبول من الأخطار التي تتهدّد الخصوصية والأمن". وعلى الرغم من عدم وجود دليل على حدوث انتهاكات للبيانات الحكومية المرتبطة بالتطبيق، فإن الحكومة الكندية حذرت من أنّ "أساليب جمع البيانات في تيك توك تتيح الوصول بشكل واسع إلى محتويات الهاتف".

تدهورت العلاقات بين الصين وكندا بشكل حادّ في السنوات الأخيرة

واستغرب متحدث باسم "تيك توك" القرار الكندي بحظر المنصة، معتبرا أنه اتّخذ "من دون ذكر أي مخاوف أمنية محددة" أو التشاور مع الشركة.

تدهورت العلاقات بين الصين وكندا بشكل حادّ في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد توقيف أوتاوا، بناء على طلب القضاء الأميركي، مسؤولة كبيرة في شركة هواوي عام 2018، وردّ الصين على الخطوة بتوقيف مواطنَين كنديّين. والأسبوع الماضي، فتح مفوّض الخصوصية الكندي تحقيقاً يستهدف "تيك توك" على خلفية جمع واستخدام المعلومات الشخصية للمستخدمين.

كما أعلن البرلمان الدنماركي، الثلاثاء، أنه طلب من أعضاء البرلمان وجميع موظفيه إزالة "تيك توك" من الأجهزة المحمولة التي يوفرها بسبب "خطر التجسس". وجاء هذا الإعلان بعد توصيات من مركز الأمن السيبراني الدنماركي، تطلب من الموظفين الحكوميين إزالة "تيك توك" من هواتفهم، بعدما حظرت المفوضية الأوروبية التطبيق على الأجهزة التي توفرها من أجل "حماية" المؤسسة.

في اليوم نفسه، قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن البرلمان الأوروبي قرر حظر "تيك توك" على هواتف موظفيه لأسباب أمنية. وأوضح أن الحظر سينطبق أيضاً على الأجهزة الخاصة المتصلة بالبريد الإلكتروني للبرلمان الأوروبي وشبكاته الأخرى، مضيفا أنه من المتوقع الإعلان عن القرار قريباً، وفقاً لما نقلته وكالة رويترز.

وحظرت المفوضية الأوروبية ومجلس الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي "تيك توك" أيضاً على هواتف الموظفين. وفي النرويج، وهي ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، اضطرت وزيرة العدل إلى الاعتذار هذا الشهر لعدم كشفها عن تحميل "تيك توك" على هاتفها الخاص بالعمل. والشهر الماضي، طلبت الحكومة الهولندية من المسؤولين الابتعاد عن المنصة، بسبب المخاوف الأمنية نفسها.

لم تتخذ السلطات البريطانية أي إجراءات بعد بحق المنصة

أما في أستراليا، فقد أكد وزير الخزانة جيم تشالمرز، الأربعاء، أن بلاده لم تتلق نصيحة من وكالاتها الأمنية لتحذو حذو الولايات المتحدة والبرلمان الأوروبي وكندا لحظر "تيك توك" من الأجهزة الحكومية.

وفي المملكة المتحدة حيث يستخدم 23 مليون شخص "تيك توك"، لم تتخذ السلطات أي إجراءات بعد بحق المنصة الصينية. لكن زعيم حزب المحافظين السابق، إيان دنكن سميث، وصف المنصة بأنها "حصادة بيانات للحكومة الصينية"، في حين حذرت رئيس لجنة الشؤون الخارجية، أليشا كيرنز، من أن المنصة تسمح لبكين "باستغلال نقاط الضعف لدينا".

و"تيك توك" من التطبيقات الصينية الممنوعة في الهند منذ العام 2020. ولكنّه يعدّ سادس أكثر منصّة اجتماعية استخداماً، بوجود أكثر من مليار مستخدم في أنحاء العالم كافة، وفقاً لتقرير التطور الرقمي الأخير الصادر عن وكالة وي آر سوشال، في يناير.

وكانت "تيك توك" قد أقرت، في نوفمبر/ تشرين الثاني، بأنّ بعض الموظفين في الصين يمكنهم الوصول إلى بيانات المستخدمين الأوروبيين، كما اعترفت، في ديسمبر، بأنّ موظّفين استخدموا هذه البيانات لتعقّب صحافيين. ولكن المجموعة تنفي أي سيطرة للحكومة الصينية أو قدرة لها للوصول إلى البيانات. وقالت متحدثة باسم المنصة لـ"بي بي سي"، الأربعاء، إن بيانات التطبيق كافة "تتماشى مع الممارسات المعهودة في الصناعة". وأكدت أن الشركة مستقلة تماماً، و"لم تقدم بيانات المستخدمين إلى الحكومة الصينية، ولن تفعل إذا طُلب منها ذلك" وأشارت إلى أن الشركة وجهت، منذ الصيف الماضي، بيانات المستخدمين الأميركيين عبر خوادم مقرها الولايات المتحدة، وأنها بصدد إنشاء مخازن بيانات في أنحاء العالم كافة، بما في ذلك في أيرلندا حيث تعالج الآن بيانات المستخدمين البريطانيين.

المساهمون