"بلاك بيرد"... القاتل وتاجر المخدرات وسباق الحرية

17 اغسطس 2022
بول والتر هوسير في دور لاري هول (آبل تي في+)
+ الخط -

في منتصف التسعينيات، ألقي القبض على شاب يُدعى جيمس كين في الولايات المتحدة، بتهمة الاتجار بالمخدرات، وإخفاء أسلحة من شأنها أن تهدّد الأمن المجتمعي. زُجّ به في السجن، وحُكم بعشرة أعوام. بعد مرور بضعة أشهر على محكوميته الطويلة، مرّ به فيدراليون، وعرضوا عليه الآتي: أن يُنقل إلى سجن آخر، ذي حراسة مشددة، ويؤوي عدداً من أخطر المجرمين في الولايات المتحدة.

هناك، عليه أن يتقرّب من شخص يُدعى لاري هول، مشتبه بارتكابه سلسلة جرائم قتل واغتصاب بحق عدد من الفتيات. على جيمي كين أن يصبح صديقاً للاري هول، ويستدرجه ليحصل منه على معلومات، تتلخّص بمواقع دفن الفتيات اللواتي قتلهنّ.

وقائع هذه القصة الحقيقية، نتعرّف إليها في مسلسل "بلاك بيرد" (Black Bird)، الذي بثته أخيراً منصة آبل تي في +.

بعد مفاوضات مع والده، يوافق كين (تارون إغيرتون) على العرض الذي اقترحه عليه مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي). والده، جيمس الأب (الراحل راي ليوتّا)، شرطي سابق، وكان فاسداً، لكنه طوال حياته سعى إلى أن يكون أباً جيداً؛ فأفسد ابنه بدلاله له، ليصبح الطفل شابّاً زير نساء، متعدد العلاقات، وتاجر مخدرات.

تبدأ المغامرة، التي استمرت على مدار ست حلقات، بعد انتقال كين إلى ذلك السجن، ويبدأ بالتقرّب من القاتل المتسلسل، لاري هول (بول والتر هوسير). وهناك نرى تلك الثنائية التي جمعت النقيضين؛ شاب وسيم مُحبّ للنساء، وآخر قبيح المظهر، غريب الأطوار، وقاتل للنساء.

لماذا اختار "إف بي آي" جيمس كين لإنجاز هذه المهمّة، التي إن نجح فيها سيصبح حرّاً؟ لأنهم لاحظوا أنه استطاع بناء علاقات جيدة بين المساجين الذين أمضى أشهره الأولى معهم، كما أنه يمارس عدة فنون قتالية، وقادر على الدفاع عن نفسه في حال تورّط في عراك ما. والسبب الآخر، والأهم، هو عجز المؤسسة الاستخباراتية الأمنية عن إثبات شيء ضد القاتل. الأخير كان سيتقدّم بالتماس، وكان من المرجّح أن يكسبه لأنّ الأدلة التي جمعتها المؤسسة الأمنية لم تكن كافية لإدانته. لذا، على جيمس كين استخراج منه ما يستطيع من المعلومات الكافية لإدانته.

يضيء لنا المسلسل على ضعف المؤسسة الأمنية، وبيروقراطيتها، ما قد يؤدي إلى أن يفلت مجرم من العقاب، وعودته إلى حياته "الطبيعية"؛ حيث سيعود ليتعقّب الفتيات ويقتلهنّ. إضافة إلى أن لاري هول مُتلاعب من الطراز الأول. بالنسبة إلى من يعرفه، هو شاب خجول، ويرغب في أن يُسلّط عليه الضوء، بأن يشعر أنّ حياته ذات أهمية للآخرين. فنجدهم يبرّرون له غرابة أطواره، وحتى أنهم لم يصدّقوه حين اعترف بجريمتين كان قد ارتكبهما، وأخلوا سبيله.

وعلى الرغم من هذه الاعترافات، فإنهم لم يُشكّكوا بأمره نهائياً، وتركوه حرّاً. لكن أدلّة ظرفية كانت كافية لوضعه في السجن، لفترة مؤقتة، كان على جيمس كين خلالها أن يستخرج منه المعلومات. مؤسسة أمنية بكل عتادها وتقدمها، لم تستطع أن تتثبت مما ارتكبه القاتل، واستعانت بشاب وسيم وذي كاريزما لافتة حتى يساعدها.

تجربة كين في ذلك السجن لم تقتصر على علاقته الغريبة بالقاتل، لاري هول. أحد مأموري السجن كشف أمره، وعرف أنه يعمل بمهمّة خاصة تتمثل، بالنسبة للمأمور، بالوشاية بأحدهم. هكذا، أخذ المأمور يبتزّ كين؛ إذ عرف أن الشاب كان يعيش حياة رفاه وثراء في الخارج؛ فطلب منه أن يؤمّن له 10 آلاف دولار، مقابل عدم الوشاية به وتبليغ السجناء عنه، ما قد يؤدي إلى مقتله.

بهذا، أصبح على جيمس كين أن يُسرع في إنجاز مهمّته، والحصول على أي معلومات قد تُدين لاري هول، من جهة، وتنقذه هو الآخر من من القتلة في السجن، ومن عقوبة السجن السابقة. استطاع أن يكسب ثقة القاتل المتسلسل. لكن الأخير متلاعب، يسرد قصصاً عمّا ارتكبه لكنها تظل موضع شك، فكل مرة يتراجع عنها، ويقول إنها محض قصص وخيال. إلا أنه، خلال سرده، مرّر معلومتين حول موقعين لجريمتين ارتكبهما، لا يعرفهما أحد سواه، إلى جانب "إف بي آي". هاتان المعلومتان كانتا كافيتين لمنح الحرية لجيمس كين، وإبقاء هول في السجن مدى الحياة.

المساهمون