ما هو حيوان الديكنسونيا؟

24 سبتمبر 2018
يعثر على مواد عضويّة تابعة للديكنسونيا للمرة الأولى (Getty)
+ الخط -
كانت مخلوقات غريبةً، وكائنات نادرةً، سكنَت كوكبنا، وساهمت في بنائه ونهضته، قبل حوالى 558 مليون سنة. كانت تمتلكُ أجساماً بيضويّة مقسمّة إلى شرائح تشبه الأضلاع من الأعلى إلى الأسفل، وكان طولها يبلغ تقريبًا حوالي 1.4 متر. سمّاها الباحثون ديكنسونيا، وأكّدوا بأنّها كانت قادرة على النموّ. ومع ذلك، فإنَّ سماكتها كانت قليلةً للغاية، وكانت تقدَّر فقط ببضع ميليمترات. 
توصَّل الباحثون إلى معلومات حول هذا الكائن الحيّ، من خلال الحفريات الجارية في أنحاء كثيرةٍ من العالم. لكن العلماء لم يتمكّنوا من الإجابة عن سؤال واحد، بحيث يكون الجواب دقيقاً ومؤكّداً لا لبس فيه: "ما هي بالضبط تفاصيل هذا الشكل من الحياة؟". اليوم، يقوم فريقُ بحثٍ دولي، بمحاولة الإجابة عن هذا السؤال الكبير. وذلك بتحليل الدهون القديمة، والتي يعتقد بأنها تتبع لهذه الكائنات. بداية، أكّد فريق الباحثين المؤلّف من علماء من أستراليا وروسيا وألمانيا، بأنَّ ديكنسونيا هي أقدم حيوانات معروفة حتّى الآن في تاريخ نشأة الكون. نشرت نتائج الدراسة في مجلّة "العلوم" Science العلميّة المحكّمة.

وقد لعبت ضربة حظٍّ مفاجئة، دورًا كبيرًا في توضيح المزيد من المعلومات الدقيقة حول ديكنسونيا. إذ تمكّنت باحثة علوم الأحياء، إيليا بوبروفسكي، من الجامعة الوطنيّة الأسترالية، من جمع أحافير كائنات ديكنسونيا، أثناء وجودها بالصدفة على البحر الأبيض، وهو بحر جانبي من المحيط المتجمّد الشمالي، في الجزء الأوروبي من روسيا. وكانت تلك الأحافير، لحسن الحظ، تحتوي على بقايا بعض المواد العضويّة لهذا الكائن الغامض. وقد أكّد الباحث المشارك في الدراسة من معهد "ماكس بلانك" للكيمياء الحيوية في يينا، بينجامين نيترسهايم، بأنَّ هذه هي المرة الأولى التي يتمُّ فيها العثور على مواد عضويّة تابعة للديكنسونيا. وقامت بوبروفسكي وزملاؤها في المختبر، بتحليل كل المواد العضوية الموجودة في المختبر، واكتشفوا جزيئات من الدهون، تحتوي على الكوليسترول المعقّد. وهذا الكوليسترول، لا يوجد في الأنماط العليا من الكائنات الحيَّة، والتي ينحدر منها البشر. وقد أدّى هذا الاكتشاف إلى حقيقةٍ صارت واضحة بالفعل: ديكنسونيا ليست نباتات أو أشنيات أو طحالب، بل لها نوع شحمي مختلف عن الشحوم النباتيّة.



وحول سؤال كيفية قدرة الكوليسترول على الاستمرار والبقاء في أحافير ديكنسونيا لمئات ملايين السنين، يقول الباحث في التاريخ الطبيعي في مركز سينكنبرغ جامعة فرانكفورت، جيرالد ماير، بأنّ الدهون تستطيع أن تبقى لفترةٍ زمنية طويلة في البرد. وفي العام الماضي، وجد العلماء أقدم دهون مكتشفة، كانت تعود إلى طيور الديناصور، وكان عمرها 48 مليون عام. لكن عمر دهون دكنسونيا يبلغ 558 مليون عام، ووصف ماير الاكتشاف بأنّه مدهش للغاية.

عادة، تقوم الكائنات الحية الدقيقة التي تتغذى على الجثث، بأكل كل دهون الكائن الميّت. وتترسب هذه الدهون تحت الأرض وتتشكل حولها طبقات كثيرة من الرواسب، مع مرور الوقت، وبتعرُّضها للضغط العالي والحرارة المرتفعة، تُدمّر جزيئات الدهون وتُخرّب. وليس لدى العلماء أي جواب، لماذا لم تُدمر الدهون التي عثر عليها مصادفة على شاطئ البحر الأبيض.
المساهمون