يعد الجامع الأزهر متحفاً مفتوحاً للفنون الإسلامية، وذلك بما تضمنه من مدارس وأروقة فنية تنتمي إلى عصور مختلفة. فمنذ افتتاحه للصلاة في 7 رمضان سنة 361 هـ، وكل عصر من العصور يضفي عليه من سماته الوظيفية والمعمارية بما يختلف عن غيره.
بناه جوهر الصقلي من بين إنشاءات العاصمة الجديدة التي أنشأها ذلك القائد لاستقبال الخليفة الفاطمي الأول المعز لدين الله، وقد سماه تيمناً باسم السيدة فاطمة الزهراء، ويعدّ الأزهر أول مساجد القاهرة الفاطمية، وفاتحة هذا الفن المعماري الذي انتشر في المحروسة حتى سميت القاهرة بمدينة الألف مئذنة.
المبنى الأصلي للجامع يبلغ طوله 85 متراً وعرضه 69 متراً ويتألف من ثلاثة أقواس تحيط بالفناء، وفي الجنوب الشرقي للفناء بنيت قاعة الصلاة الرئيسية الأصلية ولها سقف على أعمدة وخمسة ممرات.
ويبلغ طول الممرات 79 متراً وعرضها 23 متراً، ويميل جدار القبلة بالمسجد قليلاً عن الزاوية الصحيحة. والأعمدة الرخامية الداعمة للأروقة الأربعة التي تشكل قاعة الصلاة جرى جلبها من المواقع الأثرية الفرعونية والرومانية القديمة. وتظهر العمارة العباسية والقبطية والبيزنطية على السطح الخارجي المجصص للمسجد.
في العصر المملوكي جرت عدة توسعات وتطورات بالجامع، وأظهر حكام مصر آنذاك الكثير من الاحترام للمسجد وقدموا له أشكالاً متنوعة من المساعدات المالية، سواء للدراسة أو الصيانة. وأعيدت صلاة الجماعة في الأزهر في عهد السلطان المملوكي بيبرس عام 1266 ميلادية.
أدى زلزال عام 1302 إلى إلحاق أضرار بالأزهر وعدد من المساجد الأخرى في جميع أنحاء الدولة المملوكية. وقد انقسمت مسؤولية إعادة الإعمار بين أمراء السلطنة ورئيس الجيش الأمير سالار، الذي كُلف بإصلاح الضرر.
وبعد سبع سنوات، تم بناء مدرسة متخصصة، وهي مدرسة الأقبغوية، على طول الجدار الشمالي الغربي للجامع، وأزيلت أجزاء من جدار المسجد لاستيعاب المبنى الجديد. وتم إجراء تحسينات وإضافات من قبل السلطان قايتباي والسلطان قنصوه الغوري.
وكان من الممارسات الشائعة بين سلاطين المماليك بناء المآذن، التي تعد رمزاً للسلطة والطريقة الأكثر فعالية لترسيخ المكانة في القاهرة. وكان السلاطين يرغبون في إقامة علاقة جيدة مع الأزهر ذي المكانة الشعبية المرموقة.
ومع الضم العثماني لمصر عام 1517، وعلى الرغم من قتالهم الشديد للسيطرة على مدينة القاهرة، فإن الأتراك أبدوا احتراماً كبيراً للأزهر، وعلى الرغم من توقف الرعاية الملكية المباشرة، حضر السلطان سليم الأول، أول حاكم عثماني لمصر، صلاة الجمعة به، لكنه لم يتبرع بأي شيء لصيانته. ثم حضر الأمراء العثمانيون لاحقاً صلاة الجمعة فيه بانتظام، ولكن نادراً ما قدمت إعانات لصيانة المسجد، على الرغم من أنهم قدموا في بعض الأحيان رواتب للطلاب والمعلمين. وعلى النقيض من التوسعات والإضافات التي تمت خلال السلطنة المملوكية، لم يهتم العثمانيون بالأزهر في بدايات حكمهم.