رائدات الإخراج في السينما المصرية

رائدات الإخراج في السينما المصرية

28 اغسطس 2017
فاطمة رشدي (فيسبوك)
+ الخط -
عرف العالم السينما لأول مرة في يوم 28 ديسمبر/ كانون الأول 1895، يوم عرض أول فيلم تجاري في باريس، فيما لم يتأخر العالم العربي طويلاً عن ذلك التاريخ، فبعد أسبوع واحد فقط، وفي أول يناير/ كانون الثاني، شهدت الإسكندرية عرض أول فيلم تجاري.

ولأكثر من ربع قرن تالية شهدت مصر محاولات سينمائية متعددة، قصيرة، وصامتة، ساذجة، كانت جميعها لمخرجين أجانب لم يزاحمهم أحد من المصريين إلا المخرج الرائد محمد كريم (1896-1972). وكانت من أوائل الأفلام الروائية المصرية، فيلمان قصيران لم يحققا نجاحاً، هما "شرف البدوي" و"الأزهار الميتة"، وقد أنتجتهما "الشركة الإيطالية المصرية". ويؤكد الناقد الفني سعد الدين توفيق، في كتابه "قصة السينما في مصر"، أن يوم 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 1927 شهد أول فيلم مصري حقيقي هو فيلم "ليلى"، وكان من إنتاج وبطولة وإخراج "عزيزة أمير"، وتكلف إنتاجه حوالي 1000 جنيه.

وهكذا وبفضل الفنانة المصرية عزيزة أمير (1901-1952)، واسمها الحقيقي مفيدة محمود غنيمي، خرج أول فيلم مصري روائي للنور. ثم توالت أعمالها السينمائية التي تجاوزت عشرين عملاً بين إخراج وتمثيل وإنتاج، وأسست شركة "إيزيس للإنتاج السينمائي"، حيث حصلت على لقب رائدة السينما المصرية.

ويذكر الناقد سعد الدين توفيق، أن تلك الفترة المبكرة من تاريخ السينما المصرية شهدت ظهور ثلاث مخرجات من رائدات السينما، هن عزيزة أمير وفاطمة رشدي (1908-1996)، وبهيجة حافظ (1908-1983)، إذْ قمن بإخراج بعض أعمالهن بأنفسهن. وهذه ظاهرة تستحق الانتباه، إذ إنّ السينما العالمية لم تعرف المرأة المخرجة إلا في أربعينيات القرن الماضي.

ويؤكد توفيق أن هذه الظاهرة لا تعود إلى أسباب مالية فقط، بل لأن هؤلاء المخرجات رأين أن عملية الإخراج ليست سوى عملية اجتهادية، فلا يشترط فيها دراسة أكاديمية، وباستثناء المخرج محمد كريم الذي رحل مبكراً إلى فرنسا لدراسة الإخراج السينمائي بعد عدة تجارب اجتهادية فاشلة، لم يحصل أحدٌ من مخرجي عصره على أي نوع من الدراسة المنهجية في الإخراج.

شهدت حقبة الثلاثينيات من القرن الماضي ثلاثة أفلام لهاتيك المخرجات، حيث أخرجت عزيزة أمير فيلم "كفري عن خطيئتك" (1933). أما بهيجة حافظ، والتي تعد أيضاً أول امرأة تقوم بتأليف الموسيقى التصويرية للأفلام في السينما المصرية، فقد أخرجت فيلم "الضحايا" (1932)، في حين قامت فاطمة رشدي بإخراج فيلم "الزواج" (1933).

وبالرغم مما حققته تلك الأفلام من تأريخ لدور المرأة المبكر في صناعة السينما المصرية، فقد فشلت تلك الأفلام، ولم يعد إلى الإخراج ثانية من المخرجات الثلاث سوى بهيجة حافظ، التي كررت التجربة بفيلمها التاريخي "ليلى بنت الصحراء" (1937)، الذي صُورت مناظره في ديكورات ضخمة أقامتها في استديوهات مصر، وبلغت كلفته حوالي 18 ألف جنيه. وحقيقة إخراجها لهذا الفيلم تتمثل في أنها قامت بإنتاجه، وكلفت المخرج ماريو فيلبي، ثم اختلفت مع المخرج الإيطالي، وقامت بنفسها باستكمال إخراج الفيلم الذي لاقى نجاحاً كبيراً، بالرغم من عدم كتابة اسم المخرج على تترات الفيلم. وقد عرض الفيلم في مهرجان برلين الدولي، كأول فيلم عربي ناطق، وحصل على جائزة ذهبية. يذكر أيضاً أن بهيجة حافظ قامت إلى جانب الإنتاج والإخراج والموسيقى التصويرية ببطولة الفيلم إلى جوار حسين رياض، وأيضاً بتصميم الملابس والأزياء.

دلالات

المساهمون