ممثلات "كانّ" الـ70 يملأن الشاشات والـ"كروازيت": أداء جميل وحضور أنيق

30 مايو 2017
ديان كروغر(Getty)
+ الخط -
تكمن إحدى ميزات مهرجان "كانّ" السينمائي الدولي، المحتفل بدورته الـ 70، بين 17 و28 مايو/أيار 2017، بقدرته الدائمة على اكتشاف الجديد، أو على تقديم وجوه جديدة، أو غير معروفة كثيراً، قبل مرورها في "قصر المهرجانات"، القائم على شاطئ الـ "كروازيت".
سينمائيون كثيرون يصبون إليه، ونجومٌ يجدون في دوراته السنوية حيّزاً لمزيدٍ من النجومية والأضواء والاستعراض، وفنانون يأتون إليه كي يكسبوا منه سمته الدولية، فيُضيفون على "سِيَرهم الحياتية" فصلاً أساسياً يقول بمرورهم في إحدى دوراته، على الأقلّ.

ممثلات عديدات يأتين إلى "كانّ" بفضل أدوارٍ جديدة لهنّ، في أفلام تُعرض أمام نحو 1500 ناقد وصحافيّ سينمائي، من مختلف أنحاء العالم، سيكونون، في كلّ دورة، أول من يُشاهدونها، حتّى قبل العرض الافتتاحي الرسميّ لكلّ فيلم، مساء اليوم نفسه. هذا حاصلٌ في الدورة الـ 70 أيضاً، بكشف ممثلاتٍ مخضرماتٍ عن شيء إضافي من حيوية أدائهنّ، وجماليات شخصيات مركّبة أو مُصابة باضطرابات، أو ساعية إلى تحرّر وخلاص. وإلى جانبهنّ، هناك ممثلات شابات، يُقدّمن أدواراً ربما ستكون منعطفاً لهنّ في مساراتهنّ التمثيلية، الناشئة أو الحديثة.

ممثلات أدّين أدواراً جديدة لهنّ، في أفلامٍ مُشاركة في المسابقة الرسمية: الأسترالية نيكول كيدمان (جائزة العيد الـ 70) تُؤدي الدورين النسائيين الأساسيين في فيلمي "قتل الغزال المقدّس" لليوناني يورغوس لانتيموس، و"المخدوع" للأميركية صوفيا كوبولا
(جائزة الإخراج). وهذا الأخير يضمّ، إليها، كيرستن دانست وألْ فانينغ، في إطارٍ فني جمالي، يُمكن وصفه بلقاء 3 ممثلات منتميات إلى 3 "أجيال سينمائية". 

في الأول، تكون طبيبة عيون، يتوّرط زوجها (كولن فاريل)، الجرّاح المشهور، في عملية جراحية فاشلة، تؤدّي إلى مقتل رجل، سيخترق ابنه، لاحقاً، حياته وحياة عائلته، لتدميرهما. وفي الثاني، تكون مسؤولة عن مدرسة داخلية للفتيات، أثناء الحرب الأهلية الأميركية، قبل أن تجد نفسها في مواجهة تحدٍّ إنساني أخلاقي، بوصول جندي مُصاب بجروح (فاريل أيضاً)، ما يدفعها إلى خوض تجربة قاسية، هي والفتيات المقيمات معها.
وتظهر إيزابيل أوبير وجوليان مور وإيما تومبسون وتيلدا سوينتن في 4 أفلام مختلفة: "نهاية سعيدة" للنمساوي ميشاييل هانيكي، و"ووندرسترك" للأميركي تود هاينس، و"حكايات ميروفيتز" للأميركي نوا بومباك، و"أوكجا" للكوري الجنوبي بونغ جون هو؛ علماً أن بومباك يُقدِّم إليزابيت مارفل، أيضاً، في دور رئيسي.

وفي مقابل المشاركة التمثيلية الأولى للألمانية ديان كروغر في فيلمٍ ألماني، هو "التلاشي" للألماني التركي فاتح آكين، تُلفت الشابتان الفرنسيتان (1990) ومارين فاكت (1991) الانتباه، بفضل شخصيتين مضطربتين، في فيلمي "رودان" للفرنسي جاك دوايون، و"العشيق المزدوج" للفرنسي (أيضاً) فرانسوا أوزون.

فالأولى تؤدّي شخصية النحّاتة كاميل كلوديل (شقيقة الشاعر بول كلوديل) ومساعدة النحات أوغست رودان، التي تتحوّل إلى عشيقته، قبل أن تنفصل عنه، إثر علاقة صعبة ومعقّدة ومرتبكة ومليئة بالمشاعر المتوقّدة والمتناقضة؛ والثانية تؤدّي شخصية شابّة مُصابة باضطراب نفسي، يقودها إلى إقامة علاقة مع طبيبها النفسي أولاً، الذي سيُصبح زوجها، ومع شقيقه التوأم ثانياً، في مسار تدميري حادّ وعنيف.

تقول مارين فاكت، الممثلة بإدارة أوزون نفسه في "شابّة وجميلة" (2013) ـ بلغ عدد بطاقاته المُباعة في عروضه التجارية الفرنسية، حينها، 712 ألفاً و767، وعروضه الأوروبية مليوناً و283 ألفاً ـ إن أوزون أراد، بتصويره العلاج النفسي على الشاشة عبر كسر الرتابة، "إخراجاً طليقاً، بطريقة نفقد أنفسنا فيها أحياناً. كان يتسلى بتصوير وجوه الممثلين بلقطات قريبة جداً، بعضها من البعض الآخر، كما بالتكرار وبشاشات مقسَّمة". أضافت أنها مثلت كل شيء، بالدرجة الأولى، ملتزمةً "واقعية الحالات".

أما إزيا هيجُلان، التي تأتي إلى "كانّ" للمرة الأولى في حياتها التمثيلية الحديثة، فتقول إن كاميل كلوديل كانت "واثقة من نفسها للغاية، وواثقة من عبقريتها. لكن ما من أحدٍ، تقريباً، كان يؤمن بها (العبقرية)، باستثنائها هي"، مضيفةً أنه، بالنسبة إلى فنان، لا شيء أسوأ من ألاّ يكون معروفاً، وألاّ تكون "قيمته الصافية والحقيقية معروفة". وأشارت إلى أنها، لغاية اليوم، "حتى بعد أن أصبحت معروفة بعد وفاتها، لا تزال تعيش في ظلّ رودان. فحين يتم الحديث عنهما، تُذكر هي باسم كاميل، بينما يُذكر هو باسم عائلته، رودان".

إلى ذلك، تقول الأميركية صوفيا كوبولا ـ التي تعاونت مع كيرستن دانست في "انتحار العذروات" (1999)، ومع ألْ فانينغ في Somewhere (2010) ـ إنها سعيدةٌ برؤية الممثلتين في مرحلة متطوّرة في حياتهما المهنية: "كانت ألْ في الـ11 من عمرها عندما التقيتها للمرة الأولى، في حين أن دانست كانت في الـ17. شعرتُ أنه مهمٌّ جداً لي اختيار فانينغ في دور المراهقة، في "المخدوع"، بينما لم أشاهد دانست (لغاية الآن) في دورٍ يكون نقيض شخصيتها الحقيقية. كتبتُ الدورين لهما. إنهما تبدوان، لي، شقيقتين صغيرتين. أشعر بواجب حمايتهما، ولديّ رغبة في مرافقتهما".

ألْ فانينغ نفسها تصف مخرجة "المخدوع" بأنها شقيقة لها، أيضاً: "كنا نبحث عن مشروع سينمائيّ جديد نتعاون فيه معاً، بعد Somewhere. عندما قرَّرَت تحقيق نسخة ثانية من "المخدوع" (الأولى للأميركي دون سيغال، أنجزه عام 1971 مع كلينت إيستوود) بهذه الأناقة كلّها، فكَّرتَ بي مباشرة. كان يهمّها أن تُشاهدني في هذا الدور". أضافت فانينغ أنها سعيدةٌ للغاية بلقائها كيرستن دانست، أيضاً.

الألمانية ديان كروغر ـ المتوَّجة، مساء الأحد 28 مايو/أيار الجاري، كأفضل ممثلة، في المسابقة الرسمية، عن دورها المهمّ في "التلاشي" ـ لم تتمالك نفسها عن التأثّر الواضح، في حفلة توزيع الجوائز، فذرفت بعض الدموع، وهي تشكر فاتح آكين، واصفةً إياه بـ "الشقيق". أما دورها، فيتمثّل بكونها امرأة تدعى كاتيا، تفقد، في لحظة واحدة، زوجها وابنهما الوحيد، إثر اغتيالهما بتفجير عبوة ناسفة، تكشف التحقيقات ضلوع "نازيين جدد" فيها. لكن المحكمة تُبرّئهما، لعدم كفاية الأدلة، ما يدفعها (كاتيا) إلى خوض رحلة الثأر، في صراعٍ مع الذات وكوابيسها وارتباكاتها.
المساهمون