متى يجب البدء بتعليم الأطفال الموسيقى؟

11 نوفمبر 2016
لا تناسب آلة الكمان الطفل غليظ الأصابع (Getty)
+ الخط -
لا يبدو أن الإقبال على أماكن تعليم الموسيقى صار مقتصراً على أبناء مدينتي القاهرة والإسكندرية، فالظاهرة التي تستحق الانتباه، أن إقبالاً مماثلاً تشهده المحافظات الأخرى لأبناء الطبقات الوسطى نحو تعلّم الموسيقى والعزف. وتبدو فرق الشوارع وأغاني الشباب، أحد العوامل التي تحفّز هؤلاء الشباب على تعلم الموسيقى باعتبارها وسيلة للتعبير، بعد أن كانت ممارسة أرستقراطية مقتصرة على فئات اجتماعية بعينها. الاتجاه المصاحب لذلك أيضاً، هو إعادة الاعتبار للموسيقى في حياة الأطفال من أجل انتشال الصغار من براثن الصخب الشعبي المتدني، بألحانه المستنسخة وكلماته الهابطة، ومحاولة زرع ذائقة موسيقية مختلفة ونوعيّة في نفوس الأطفال.

كان رحيل أحد قدامى الموسيقيين وهو الحاج عبد الوهاب السفوري، منذ عدة سنوات، صدمة كبيرة للدارسين وعشاق الموسيقى من الشباب. ففي بيته المتواضع في محافظة الشرقية، كان يستقبل الشباب والمراهقين الذين يتعلمون على يديه المقامات الموسيقية، ومبادئ العزف على الآلات المختلفة.

خالد سالم، هو أحد من تعلموا العزف على آلة العود على يد الحاج عبده، وهو الآن يحاول أن يعلّم طفلته، عهد، ما تعلمه بالأمس، مُستنكراً إهمال المؤسّسات التعليميّة مادّة الموسيقى. فيما تتساءل سارة حسين عن مكان يمكن أن يحصل فيه ابنها آدم ذو الأربع سنوات على مبادئ الموسيقى، وما إذا كان سنّه مناسباً للبدء في ذلك أم لا.
وهنا يكون السؤال الأهم: متى ينبغي أن أبتدئ في تعليم طفلي العزف بإحدى الآلات الموسيقية، وأيُّها أصلح وأنسب له في هذه السن، إذا ظهرَ له ميل إلى الموسيقى؟

لا يوجد سنّ محدد لتعلم الموسيقى؛ لكن تتّفق غالبيّة الآراء على أن سن الثامنة هو الأنسب مع آلة كالبيانو، فإن الذي يتحصّل عليه الطفل قبل هذا السن يكون ضئيلاً. ويرى آخرون، أنّ السنّ الأنسب لمعظم الآلات الوترية هو الثانية عشرة. وإن كان للبدء المبكر أيضاً ميزة كبرى، تتمثّل في أنّ للنشأة في بيئة موسيقية فوائد لا حصر لها.

حسام مغاوري، مُدرّس موسيقى، ينبّه إلى أن الوالدين قد يخطِئان في اختيار الآلة التي يخصّصانها للطفل، وقد يحكمان بعد ذلك على الطفل بعدم توافر الاستعداد الموسيقي فيه، أو بضعف موهبته الفنية، ولا يكون ذلك إلا نتيجة هذا الخطأ في الاختيار الذي لا ذنب للطفل فيه.

التركيب الجسماني للطفل، وحالته النفسية، وطباعه الشخصية، هي العوامل الأوليّة في تعيين الاختيار. فإذا لوحظ في أية فرقة موسيقية سرعة تحكم العازف بآلة الفلوت مثلاً، أو الكلارنيت، بأصابعه ومهارته في استخدامها؛ فإنه يتعين عدم اختيار مثل هذه الآلات لطفل بطيء الحركة قليل النشاط، وفي هذه الحالة يمكن أن تكون آلة الأبوا بديلاً، وهي نوع من المزامير ذات الأصوات الحلوة، إذ يجد هذا الطفل في امتداد أصواتها وبطئها ما يتفق وطبيعته. والعكس صحيح، فالطفل سريع الحركة لا تناسب طبيعته هذه الآلة. وبالرغم من سهولة العزف على الآلات النحاسية، وقربها من عالم الطفل؛ فإنها لا تعطي الطفل المزايا الموسيقية والطاقات الفنية التي يمكن أن يحصل عليها من تعلم الآلات الأخرى.

ويضيف مغاوري: "ينطبق ذلك أيضاً على جميع الآلات، فآلة الكمان لا يناسبها طفل غليظ الأصابع، بل يناسبها طفل تكون مساحة كفه واسعة. هذه السعة، أيضاً، مهمة في آلة البيانو، فمن النادر أن يكون الإنسان قصير الكف مجيداً في العزف عليها. وخلو الفم من الأسنان، أو وجود عيب في ترتيبها وانتظامها، قد يكون سببا وجيهاً في عدم اختيار آلات النفخ للطفل".
كذلك، فإنّ هناك بعض الآلات تحتاج إلى تدريب مُكَثّف ومتواصل ليصل إلى نتيجة مرضية، ومن العبث أن توجّه إليها طفلاً ليس لديه الاستعداد والصبر والوقت الكافي لذلك، مثل آلات النفخ تليها الآلات الوترية. أما آلة البيانو، مثلاً، فيكفي أن يجد الطفل في العزف بها لذة واستمتاعاً، يدفعانه إلى العودة إلى المران مرة أخرى.

المساهمون