عقارات أوروبا تسحر المستثمر الخليجي بعوائدها وضماناتها

عقارات أوروبا تسحر المستثمر الخليجي بعوائدها وضماناتها

15 اغسطس 2014
شارد تجمل أفق لندن بالقرب من لندن بريدج (Getty)
+ الخط -

 من بناية شارد التي أصبحت أطول برج تجاري في أوروبا، وإلى برج "كناري وورف" شرقي لندن تدفقت مئات مليارات الدولارات العربية في عقارات استرتيجية باتت تشكل الأفق المعماري في العاصمة البريطانية. فالعرب يعشقون لندن ولندن تتزين بعباءاتهم وجلساتهم في فنادقها الفاخرة التي باتوا يملكون منها الكثير مثل السافوي و"جميرا تاور".
لقد أستثمر العرب بكثافة في العقارات التجارية الأوروبية في الأعوام الأخيرة وحققوا أرباحاً طائلة من هذه الاستثمارات. وحتى الذين لم يحققوا أرباحاً كبيرة فإنهم  تمكنوا من المحافظة على قيمة ثرواتهم، في وقت تبخرت فيه ترليونات الدولارات من المصارف العالمية الكبرى على جانبي الأطلسي. وهذا يحسب لصالح المستثمر العربي كما يقول العقاري وليام بيلي الذي يتعامل مع المستثمرين العرب في أحدى تعليقاته لـ" العربي الجديد".

وفيما تعم الفوضى والحروب الأهلية العديد من الدول العربية وتضيق القنوات الاستثمارية في السعودية ودول الخليج العربي، تواصل دولارات النفط التي تراكمت لتصل ترليونات تتدفق على أوروبا. وهذه الأموال العربية الفائضة التي تبحث عن فرص استثمارية تتجه إلى العقارات الأوروبية.
وحسب التقرير الأخير الذي نشرته شركة "سي بي آر اي" للاستشارات العقارية والمالية التي يوجد مقرها في مدينة لوس أنجلوس، استثمرت الصناديق السيادية الخليجية ومليارديرات عرب حوالى 45 مليار دولار بالعقارات التجارية الأوروبية منذ الأزمة المالية وحتى نهاية العام الماضي.
وهذا عدا الاستثمارات التجارية الأخرى في الشركات وأسواق المال التي فاقت مئات المليارات. فالصندوق السيادي القطري وحده يقدر أن يكون قد استثمر في بريطانيا وحدها 65 مليار دولار في مجالات متنوعة تراوحت بين العقارات والفنادق وحصص الشركات. وتقدر الاستثمارات العقارية الخليجية بحوالى 20 مليار دولار خلال العامين الماضيين فقط.

ويشير تقرير "سي بي آر اي"، الأخير إلى ان مستثمري الشرق الأوسط يخططون لاستثمار 180 مليار دولار في العقارات التجارية العالمية خلال العقد المقبل. ومن المؤمل أن تأخذ أوروبا حصة الأسد من هذه الاستثمارات العقارية، حيث يقدر نصيبها بحوالى 145 مليار دولار أو حوالى 80% من هذه الاستثمارات.
وكالعادة فإن العقارات التجارية البريطانية، خاصة في مدينة لندن عاصمة المال والأعمال تأخذ الحصة الأعظم من الاستثمارات العقارية الخليجية، حيث تقدر الشركة الأميركية في تقريرها أن تبلغ هذه الاستثمارات الخليجية في العقارات التجارية البريطانية حوالى  85 مليار دولار خلال العقد المقبل.
ويلاحظ أن العرب ينظرون إلى حي المال البريطاني ك"ضمان وملاذ آمن" لاستثماراتهم العقارية التجارية مقارنة بالعواصم الأوروبية الأخري. فحي المال البريطاني، من ناحية، يعد سوق المال الأكبر إلى جانب نيويورك، ومن ناحية يجمع الشركات المالية العالمية الكبرى والبنوك متعددة الجنسيات.
ومن هذا المنطلق، فإنه يوفر من ناحية، عائداً ثابتاً بالنسبة للاستثمار في العقارات المكتبية وعقارات بيع القطع مثل مراكز التسوق. ومن ناحية أخرى يمنح مثل هذا السوق فرصة للمستثمر في البنايات الضخمة للتخلص السريع من العقار في حال الحاجة إلى سيولة، حيث يوجد طلب عالمي، ووفرة من المليارديرات في لندن مقارنة بأية عاصمة مالية أخرى في العالم جاهزون لاقتناص الفرص. يضاف إلى هذه العوامل المغرية، أن نسبة الإشغال المكتبي مرتفعة في البنايات الاستراتيجية القريبة من سوق المال ، حيث تتركز المصارف الاستثمارية وشركات المحاماة الكبرى. وكذلك بمنطقة "دوكلاند" شرقي لندن التي باتت تشكل حي مالي جديد في بريطانيا. وهذا الطلب المرتفع يجعل من فرص الحصول على مستأجر وبسعر يناسب العائد المطلوب أمراً سهلاً.

ولكن يلاحظ أن المستثمر الخليجي بات ينظر إلى الأسواق الأوروبية الأخرى في الآونة الاخيرة ، حيث من المتوقع أن ترتفع  الاستثمارات العربية الجديدة في المدن التجارية  الاوروبية الاخرى. ومن المتوقع أن ترتفع هذه الاستثمارات الى  60 مليار دولار.
ومن بين المدن الجديدة التي يضع رأس المال الخليجي عينه عليها، باريس وبرلين وفرانكفورت وزيورخ. وهذه المدن المالية الاوروبية باتت تجذب المستثمرين في الآونة الاخيرة، حيث تتوفر فيها بنايات تجارية بأسعار معقولة مقارنة بالغلاء العقاري في بريطانيا.
ورغم المخاطر العالية، إلى حد ما، في عقارات هذه المدن، إلا أن مصرف "جي بي مورغان" يعتقد أن الاستثمار في أوروبا يستحق المخاطرة لأنه يحقق عوائد عالية. وما يرفع من جاذبية العقارات المكتبية في أوروبا، أن المصارف الأوروبية تعرضت لهزة مالية مرتين، إحداها في أزمة المال والرهونات العقارية الفاسدة في أميركا، وثانيها في أزمة اليورو الأخيرة.
هاتان الهزتان أجبرت البنوك الأوروبية على التخلص من عقارات تجارية بمناطق استراتيجية وبأسعار رخيصة حتى تتمكن من تقوية جداولها المالية وتحسين نوعية موجوداتها لتلبية شروط اتفاقية بازل الثالثة. وبالتالي فهنالك فرص لشراء عقارات بأسعار رخيصة في ظل هذه الظروف المالية الضاغطة.

وما يدعم توقعات شركة"سي بي آر اي" لتدفقات رأس المال العربي على العقارات التجارية العالمية، حجم السيولة التي تراكمت لدى صناديق الاستثمار السيادية العربية من مبيعات النفط والمتاجرة في الموجودات خلال السنوات الماضية. حيث تقدر موجودات الصناديق السيادية بدول الخليج وحدها بحوالى 2.3 ترليون دولار. ويلاحظ أن معظم استثمارات الصناديق الخليجية استثمارات طويلة الأجل، وبالتالي فهي تحصل على إعفاءات وامتيازات من الدول الأوروبية الباحثة عن مستثمر ثابت واستثمارات طويلة الاجل.

 

المساهمون