قال مسؤول رفيع المستوى، لـ"العربي الجديد"، إن قيمة مبلغ الدعم الذي ستتكلفه الحكومة الكويتية بسبب تخفيض رواتب المواطنين بنسبة حوالي 35%، ستكون 700 مليون دولار.
وأكد المسؤول الكويتي، الذي رفض ذكر اسمه، أن هذا المبلغ سيغطي فجوة الرواتب في القطاع الخاص لمدة 6 أشهر.
ويأتي ذلك بعد أيام من الجدل بشأن موافقة الحكومة الكويتية على مضاعفة الدعم المقدم للمواطنين العاملين في القطاع الخاص، بسبب خفض رواتب جميع العاملين فيه (مواطنين ومقيمين)، جراء الخسائر التي تكبدتها الشركات والمؤسسات التجارية بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19". وحسب بيانات رسمية، يعمل في القطاع الخاص الكويتي أكثر من 72 ألف مواطن.
وقرر مجلس الوزراء الكويتي مضاعفة الدعم المقدم للعمالة الوطنية المسجلة على الباب الخامس لمدة 6 أشهر، فيما أكد أنه في حال تم تخفيض رواتب العمالة الوطنية المسجلة على الباب الثالث ستتحمل الدولة مقدار ما تم تخفيضه من خلال الدعم المباشر لأصحاب الأعمال، شريطة عدم تسريح الكويتيين والحفاظ على رواتبهم.
وتباينت ردود الأفعال بشأن إجراءات الحكومة الكويتية، حيث رحّب البعض بالخطوة التي ستحقق الاستقرار الوظيفي للعمالة الوطنية، فيما حذّر البعض الآخر من السابقة الأولى من نوعها، بعد أن قام مجلس الوزراء بمنح الضوء الأخضر لشركات القطاع الخاص بتخفيض رواتب العاملين.
من جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي الكويتي، أحمد الهارون، لـ "العربي الجديد"، إنه يعارض قرار الحكومة بتحمّل تكلفة تخفيض رواتب المواطنين في القطاع الخاص، فبدلا من قيام السلطات بمحاسبة الشركات التي تخالف القانون، قامت بدعم إجراءاتهم من خلال منحهم تعويضات يتم صرفها للكويتيين فقط.
وحذّر الهارون من أن يكون هدف الخطوة الحكومية هو دعم الشركات وأصحاب رؤوس الأموال وليس العمالة الوطنية.
وقال إن قرار مجلس الوزراء ينص على أن صاحب العمل هو من سيحصل على التعويضات بدلا من تسليمها إلى المواطنين الكويتيين مباشرة.
وتعرضت شركات القطاع الخاص الكويتي لخسائر كبيرة بسبب توقف الأعمال بقرار من السلطات منذ 12 مارس/آذار الماضي، حيث كشف تقرير لإدارة الاقتصاد الكلي التابع لمجلس الوزراء الكويتي، اطلعت عليه "العربي الجديد"، عن قيمة الخسائر التي تكبدها القطاع الخاص الكويتي خلال 3 أشهر، والتي بلغت قرابة 21 مليار دولار.
ويشير التقرير إلى أن الخسائر الكبيرة للشركات كانت ناجمة عن توقف الأعمال والإيرادات، في ظل استمرار المؤسسات التجارية في دفع رواتب العاملين، فيما لجأت عشرات الشركات إلى تخفيض رواتب موظفيها بنسب تصل إلى 50% في بعض الأحيان، في حين لجأت شركات أخرى إلى تسريح عامليها.
ويقول الخبير القانوني الكويتي، عادل العوضي، لـ "العربي الجديد"، إن ما قامت به شركات القطاع الخاص من تخفيض رواتب عامليها، يتعارض مع قانون العمل الحالي الذي يحمي أجور المواطنين والوافدين ويمنحهم كافة حقوقهم في حال إنهاء خدماتهم، واصفا الإجراء الحكومي بأنه محاولة لحماية رجال الأعمال من الملاحقات القانونية.
من جانبه، رحب أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، عبد الله الكندري، بقرار الحكومة بشأن حماية رواتب العمالة الوطنية في القطاع الخاص، لافتا إلى أن الدولة يجب أن يكون لها دور كبير في قضية الاستقرار الوظيفي والاجتماعي للمواطنين خلال الأزمة.
وأكد الكندري، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنه على الرغم من أهمية قرار تعويض العمالة ماديا، إلا أن الخطوة الأهم هي دفع عجلة الاقتصاد المنهار نتيجة أزمة كورونا، من خلال حزمة إصلاحات ودعم الشركات التي تصارع من أجل البقاء، لافتا إلى أن التعافي الاقتصادي هو الضمان الحقيقي للاستقرار الوظيفي في البلاد.
وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع قرار مجلس الوزراء، وأكدوا أن القرار خطوة جيدة لحماية حقوق العاملين الكويتيين في القطاع الخاص، وعدم المساس برواتبهم، وذلك بعد أيام من تدشين حملة على "تويتر" من خلال هاشتاغ "ممنوع تخفيض الرواتب" الذي حظي بتأييد كبير من المغردين ونواب مجلس الأمة الكويتي.
ورفضت اتحادات ونقابات العمال في الكويت المساس برواتب وحقوق العاملين في القطاعين الحكومي والخاص، حيث قال رئيس اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات، محمد الهاجري، لـ "العربي الجديد"، إنه عندما تمت صياغة قانون العمل كان هدف المشرع أن يضمن حق العمال من انتهاكات أصحاب الأعمال.
على جانب آخر، أشاد النائب في مجلس الأمة الكويتي أسامة الشاهين، بقرارات مجلس الوزراء الأخيرة بشأن صرف دعم عمالة إضافي للعاملين في القطاع الخاص، متمنيا أن يخفف هذا القرار جزءا من توقف أعمالهم.
وقال الشاهين إن هناك التباسا في القرار، لأنه مخالف لقانون العمل بالقطاع الأهلي الذي يمنع تخفيض الرواتب، وبالتالي يجب تعديل قانون العمل أولا.