دول على أبواب اضطرابات اجتماعية بسبب كورونا

15 ابريل 2020
كورونا يساهم في زيادة أعداد الفقراء حول العالم (Getty)
+ الخط -
قال صندوق النقد الدولي في تقرير، اليوم الأربعاء، إن موجات جديدة من الاضطرابات الاجتماعية قد تحدث في بعض البلدان إذا اعتبرت التدابير الحكومية للتخفيف من تداعيات جائحة فيروس كورونا غير كافية أو منحازة للأثرياء.

ورغم إنفاق الحكومات بالفعل ما يقرب من ثمانية تريليونات دولار لمكافحة الجائحة والتخفيف من تداعياتها الاقتصادية، لكن الصندوق قال في تقريره "الراصد المالي" نصف السنوي إن الأمر سيتطلب المزيد من إجراءات التحفيز الاقتصادي بمجرد أن تهدأ الأزمة.

وقال إن الزيادة في الإنفاق ستؤدي إلى زيادة حادة في العجز المالي، إذ من المتوقع أن يرتفع الدين العام العالمي 13 نقطة مئوية ليتجاوز 96 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020.

وتأتي تحذيرات صندوق النقد، وسط توقعات بزيادة ضخمة في أعداد الفقراء حول العالم. وكانت منظمة أوكسفام الخيرية الدولية أكدت، الخميس الماضي، أن تداعيات انتشار فيروس كورونا الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص والفوضى التي أحدثها في اقتصادات العالم، قد تدفع نحو نصف مليار شخص نحو الفقر

وتوقع صندوق النقد أمس الثلاثاء، أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة ثلاثة في المائة خلال العام الجاري بفعل الجائحة، لكنه لفت إلى أن توقعاته تكتنفها "ضبابية شديدة" وأن النتيجة الفعلية قد تكون أسوأ بكثير.

وأدت الجهود الرامية لوقف انتشار المرض إلى توقف قطاعات كبيرة من الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن تكون الاقتصادات الناشئة والدول النامية الأشد تضررا.

وقال فيتور جاسبر، مدير قسم الشؤون المالية بالصندوق لرويترز، إنه رغم استبعاد وقوع احتجاجات جماهيرية أثناء سريان القيود المشددة على حركة الناس، إلا أنه يُتوقع أن تزداد الاضطرابات عندما تظهر مؤشرات على أن الأزمة أصبحت تحت السيطرة.

وأضاف أنه لتفادي المزيد من الاضطرابات في أعقاب وقوع احتجاجات عديدة في أنحاء كثيرة من العالم خلال السنة الأخيرة، يتعين على صناع السياسات التواصل مع الفئات التي تضررت من الأزمة من أجل كسب التأييد للإجراءات الخاصة بمكافحة الفيروس.

وقال: "هذه مسألة شددنا عليها، من الضروري توفير دعم للأسر والشركات التي أصابتها الأزمة بالضعف ... الهدف هو دعم وحماية الأشخاص والشركات الذين تضرروا من إجراءات العزل العام".

يتجلى التوتر بالفعل مع تعطل عمال اليومية، وأعداد كبيرة من العمالة غير الرسمية عن العمل وصعوبة حصولهم على الغذاء.

ففي مدينة مومباي، العاصمة التجارية للهند، تظاهر آلاف المهاجرين العاطلين عن العمل أمس الثلاثاء، في محطة سكك حديدية وطالبوا بالسماح لهم بالعودة إلى بيوتهم في الريف بعد أن مدد رئيس الوزراء ناريندرا مودي القيود المفروضة على حركة السكان البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة.

وقال مركز متابعة الاقتصاد الهندي، وهو مركز أبحاث خاص، إن معدل البطالة تضاعف تقريبا إلى نحو 14.5 في المائة بالهند منذ سريان القيود في أواخر مارس/ آذار.

وفي الهند وغيرها أدت القيود إلى نزوح ملايين العمال، ممن يعملون في صناعات صغيرة وقطاع الخدمات بالمدن للعودة إلى قراهم.

ويقول مسؤولون من البنك الدولي إن العاملين بأجور يومية هم الأكثر حساسية، ويضطر كثير منهم بالفعل إلى إلغاء وجبات.

وقالت جيتا جوبيناث، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد، إن الأزمات والكوارث السابقة دعمت التكاتف المجتمعي، غير أن النتيجة قد تختلف هذه المرة.

وقالت لرويترز: "إذا أسيئت إدارة هذه الأزمة واعتبرت غير كافية لمساعدة الناس، فقد ينتهي بك الحال إلى اضطرابات اجتماعية".

وأضافت أن من الضروري لتجنب أي اضطرابات مستقبلية أن يلعب المجتمع الدولي دورا داعما للدول الأكثر فقرا، من خلال التمويل الميسر وتخفيف أعباء الديون.

وقال تقرير صندوق النقد إن الإنفاق الحكومي حتى الآن شمل إنفاقا مباشرا قدره 3.3 تريليونات دولار وضخ قروض ورأسمال للقطاع العام بما قيمته 1.8 تريليون دولار، بالإضافة إلى ضمانات والتزامات أخرى مشروطة قيمتها 2.7 تريليون دولار.

وتوقع التقرير انخفاض الإنتاج، وقال إنه من المتوقع الآن أن تكون الإيرادات الحكومية أقل بنسبة 2.5 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عنها في تقديرات شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وامتدت تأثيرات كورونا الاجتماعية إلى مصادر رزق سكان العالم، إذ توقفت مكائن مئات المصانع الكبرى وعشرات آلاف المشروعات الصغيرة والمتوسطة في أنحاء العالم، الأمر الذي خلف ملايين من العاطلين عن العمل، ويهدّد بتفاقم الفقر إلى مستويات قياسية.

ووفقاً لمنظمة العمل الدولية، فإن تأثيرات كورونا غير المسبوقة يمكن أن تؤدي إلى تضرر أكثر من مليار عامل وتعرضهم لخطر خفض الأجور أو فقدان وظائفهم. وحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ، فإن منظمة العمل الدولية تؤكد أن 38% من عمال العالم معرضون للخطر.


(العربي الجديد، رويترز)

المساهمون