في أسواق العاصمة الجزائرية، على غرار سوقي "علي ملاح" و"كلوزال"، بدت الحركة بطيئة جدا، وأحيانا منعدمة، مقارنة بالأسابيع الماضية، في المقابل تظهر لافتات الأسعار أكثر رحمة بجيوب المواطنين من تلك التي كانت معروضة خلال الفترات السابقة، حيث انخفض سعر الطماطم إلى 50 ديناراً (الدولار = نحو 119 ديناراً) مقابل 90 قبل شهر من اليوم، فيما تراوح سعر البصل ما بين 40 و55 ديناراً.
نفس المنحنى التنازلي سلكته أسعار الفواكه، التي يتفق الجميع على نوعيتها الجيدة ووفرتها الكبيرة هذه السنة، إذ انخفض سعر الكرز ليصل إلى 300 دينار بعدما وصل سعره في شهر رمضان الماضي إلى 1000 دينار، كما تراجعت أسعار الخوخ والمشمش والبطيخ وغيرها.
أسعار يراها تجار في حديثهم لـ"العربي الجديد" منخفضة بنسبة 50 بالمائة أو أكثر مقارنة بأسعار شهر رمضان أو الأسعار خلال نفس الفترة من السنة الماضية، فيما يراها المواطنون متوسطة بالنظر إلى نسبة الإنتاج التي حققت ارتفاعا كبيرا هذا الموسم.
يربط محمد أوجلال، تاجر فواكه في سوق "علي ملاح" وسط العاصمة، انخفاض أسعار الخضر والفواكه خلال الأيام الأخيرة بالتراجع الكبير في معدل البيع والشراء في الأسواق، موضحا أن "فترة الضغط المالي التي مر بها المواطنون خلال شهر رمضان وبعده عيد الفطر، أثرت كثيرا على قدرتهم الشرائية".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "اقتراب عيد الأضحى يزيد من حذر الجزائريين فيما يتعلّق بمصاريفهم هذه الأيام، ما أدى إلى تراجع كبير في معدل البيع والشراء وبالتالي الانخفاض الملموس للأسعار".
من جانبه يؤكد تاجر الخضروات عبد المجيد أوبراهيم أنه "لم يسبق للسوق أن شهد فترة ركود مماثلة منذ سنوات، فالأسعار هذه السنة انخفضت بقرابة النصف مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، وذلك راجع لسببين، أولهما وفرة الإنتاج والثاني تراجع نسبة الشراء".
وخلافا لتفسيرات ومبررات التجار حول التطورات الجديدة بالأسواق، فإن الانخفاض الذي مس مختلف المواد الاستهلاكية لاقى استحسان المستهلكين، وربط المواطنون بطريقة ساخرة هذا الانخفاض بإيداع ما سموهم "العصابة" السجن، إذ قال المواطن سمير ليمام لـ "العربي الجديد" معلقاً على انخفاض الأسعار "كيف لا تنخفض الأسعار ورئيس العصابة أحمد أويحيى (رئيس الوزراء السابق) الذي استخسر فينا تناول "الياغورت" (الزبادي) في سجن الحراش، العصابة أكلت كل شيء ومن المنطقي أن تعود "رحمة الله" إلى الأسواق عندما تصفد العصابة".
وبين تخوّف التجار ومن خلفهم المزارعين من كساد سلعهم، وبين استبشار الجزائريين بتهاوي الأسعار، يرى مراقبون أن حال السوق وما يشهده من انخفاض بأسعار السلع ينذران بتواصل حالة الركود، إذ يقول رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار إن "ما تعيشه الأسواق يحمل مؤشراً غير إيجابي، والمتضرر الأساسي من هذا الوضع هم المنتجون".
ويوضح بولنوار في حديث مع "العربي الجديد" أن "نسبة الإنتاج الكبير التي تم تحقيقها من قبل المزارعين هذا الموسم ستنعكس عليهم سلباً، وذلك بسبب انخفاض الأسعار التي لا تخدم سوى التجار، ولذا يجب مراجعة خطة الإنتاج وسلسلة التوزيع في الجزائر بالشكل الذي يضمن عدم تضرر المنتجين من انهيار الأسعار".