المركزي التركي: نستخدم كل أدوات السياسة النقدية لدعم الليرة

25 مارس 2019
الليرة بدأت تتعافى اليوم الإثنين (Getty)
+ الخط -
أكد البنك المركزي التركي، اليوم الإثنين، استمراره في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية وإدارة السيولة لدعم الاستقرار المالي في البلاد.

جاء هذا التأكيد وسط تعرض الليرة إلى ضغوط جديدة، في ظل بوادر توتر تركي ــ أميركي، واقتراب موعد الانتخابات البلدية الأحد المقبل. وزاد من الضغوط ظهور مؤشرات سلبية للاقتصاد التركي أحدثها بيانات معهد الإحصاءات التركي التي أظهرت، اليوم، أن معدل البطالة زاد إلى 11% في نهاية 2018، ارتفاعاً من 10.4% في نفس الفترة قبل عام. 

كما انكمش الاقتصاد التركي بوتيرة أكبر من المتوقع، بلغت 3% على أساس سنوي، في الربع الأخير من 2018، مسجلاً أسوأ أداء له في نحو عقد من الزمن، في إشارة واضحة إلى أن أزمة العملة في العام الماضي دفعته نحو الركود. 

ورغم تلك الضغوط، إلا أن الليرة التركية تمكنت، أمس الإثنين، من تعويض نصف خسائرها تقريباً التي مُنيت بها الجمعة، حين سجلت أسوأ أداء يومي منذ اشتداد أزمة العملة في أغسطس/آب. 

وجاء التحسن في أعقاب اتهام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمصارف محلية بالتلاعب بسعر الصرف وتحذيرها من أنها ستدفع ثمناً غالياً، وتعهّد المصرف المركزي التركي بمنع حدوث ضعف جديد في سعر الليرة. 

بيان البنك المركزي

"المركزي" أوضح في بيان صادر عنه اليوم، أن التقلبات التي تطرأ على الاحتياطي الأجنبي، ناجمة عن العمليات المعتادة والدورية، وأنه لا يوجد موقف لا يمكن التنبؤ به، مشيراً إلى أن مؤشرات الاقتصاد الكلي لتركيا، تشير إلى استمرار عملية التوازن مع تأثير خطوات السياسة المنسقة، بل إن البيانات الرائدة، بحسب بيان المركزي، تظهر انتعاشًا معتدلًا في الطلب المحلي خلال الربع الأول من العام الحالي.

وأكد البيان أن عملية الاستقرار الاقتصادي للسياسة النقدية تتماشى مع هدف استقرار الأسعار، وأن البنك المركزي يواصل سياسته المتمثلة في تعزيز احتياطياته، مؤكداً على الرقابة عن كثب على جميع التقلبات الملحوظة في الأسواق المالية والتذبذبات في أسعار الصرف.

وكانت الليرة التركية قد خسرت، يوم الجمعة الفائت، نحو 4% من قيمتها، إثر تراجع وصفه مراقبون بالمفاجئ، في حين أعلنت مصادر تركية أن لتقرير بنك الاستثمار الأميركي "جيه.بي مورغان"، دورا "تضليليا" بتهاوي سعر الصرف، ما دفع هيئة التنظيم والرقابة المصرفية التركية لفتح تحقيق بشأن شكاوى ضد البنك الأميركي وغيره من البنوك، بعد نشرها تقارير وصفت بأنها مضللة حول العملة التركية.

وسجلت الليرة التركية، اليوم الاثنين، تعافياً بسيطاً بتسجيلها 5.630 مقابل الدولار، و6.700 مقابل اليورو، في حين أقفلت آخر يوم دوام (الجمعة) على على 5.7549 ليرات مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى إغلاق منذ أكتوبر/تشرين الأول، ومنخفضة 5.3 بالمئة عن مستوى الإغلاق السابق(الخميس)، البالغ 5.4650.
ولم يستبعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأحد، ضلوع بعض المصارف التركية بتقلبات سعر الليرة التركية، وأكد خلال لقاء تلفزيوني مع قناتي "الخبر" و"التلفزيون الأبيض" المحليتين، أن بعض المصارف تقف وراء تقلبات سعر الصرف في تركيا، بل و"هنالك بعض الإملاءات للتلاعب بسعر الصرف، وللأسف بعض المصارف تقف وراء ذلك، ونحن نعلم بذلك".

وحسب الرئيس التركي، فإن بعض المصارف تشجع على سحب العملات الأجنبية من الأسواق التركية بهدف خفض قيمة الليرة التركية، لكن تركيا لن تسمح بذلك، وستضع حداً لتلك المصارف بعد انتهاء الانتخابات المحلية في نهاية مارس/ آذار الجاري.


وبيّن الرئيس التركي أن بلاده استقبلت في الربع الأول من 2019 ما قيمته 11 مليار دولار كتمويل من أسواق رأس المال العالمية، وهذا أمر لا يحصل في جميع البلدان، معتبراً أن "هذا تطور مهم جدا، والجهات المضاربة الممتعضة من هذا الأمر تحاول تضليل الأوساط المالية الدولية ومواطنينا".

كما تعهد أردوغان بحماية الليرة التركية ومعاقبة من يستهدفونها عبر المضاربات بقوله "نعلم من أنتم جميعا، وما تقومون به عشية الانتخابات.. ولتعلموا أننا سنجعلكم تدفعون ثمن هذا باهظا بعد الانتخابات"، مؤكداً خلال التجمع الجماهيري لتحالف الشعب في ميدان "يني قابي" بإسطنبول، أمس الأحد، أن "مؤسسة التنظيم والرقابة المصرفية" في تركيا بدأت باتخاذ بعض الخطوات في هذا الصدد.
وتباينت الآراء حول أسباب "الهبوط الكبير" لسعر صرف الليرة التركية يوم الجمعة، ففي حين رأى محللون أن لاقتراب موعد صفقة استيراد صواريخ "اس 400" من روسيا علاقة بذلك وأن موقف الرئيس التركي من تصريح الرئيس الأميركي بضم الجولان السوري المحتل لإسرائيل، سبب آخر فاقم من الاستهداف الخارجي لليرة، برر آخرون أن ثمة أسباباً اقتصادية مترافقة مع السياسية نتجت عن "الاستهداف الخارجي" والانتخابات المحلية التي تستخدم أحزاب المعارضة التركية فيها الليرة كورقة انتخابية بوجه حزب العدالة والتنمية الحاكم.

ويقول الأكاديمي التركي مسلم طالاس، لـ"العربي الجديد"، إن "عوامل اقتصادية إلى جانب الاستهداف الخارجي المعلن والواضح لليرة أدت لانخفاض قيمتها".
وأضاف طالاس أن "انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي بالمصرف المركزي، مترافقاً مع زيادة الدين الخارجي قصير الأجل لتركيا، بنسبة 1.5% مسجلاً 118 مليار دولار، بنهاية عام 2018، يعطي مؤشراً بأن ثمة ضغوطاً على الليرة، ويدفع الكثيرين للمضاربة، مستدلين بتكرار دفاع المركزي والساسة عن الليرة".

وتوقع الاقتصادي التركي استمرار تذبذب الليرة إلى أن تنتهي الانتخابات المحلية، لأن تعافي الليرة وعودة سعرها إلى ما دون 5 ليرات للدولار، بات مشكوك به، بعد البيانات الاقتصادية، سواء تراجع نسبة النمو أو الانكماش أو حتى تراجع انخفاض الاستهلاك بنحو 8% خلال الربع الأول من العام الجاري.

المساهمون