105% ارتفاع أسعار الأدوية بالسودان... وشكاوى المواطنين تتزايد

30 أكتوبر 2017
سياسة تحرير أسعار الدواء تزيد من معاناة المواطن (Getty)
+ الخط -
لم يمنع قرار توطين صناعة الدواء في السودان من تجدد أزمة زيادة أسعار العقاقير في البلد الذي يأمل فيه المواطنون في الحصول على علاج في متناول اليد وبالسعر المناسب.

ففي الوقت الذي زادت فيه أسعار الأدوية المستوردة بنسبة تفوق 105% خلال الأيام الأخيرة، ارتفعت أيضاً الأصناف المنتجة محلياً بنسبة 40% عما كانت عليه في آخر زيادة شهدتها الأسعار العام الماضي.

ويستورد السودان سنوياً أدوية تتجاوز قيمتها 200 مليون دولار، وفق إحصاءات صادرة من المجلس القومي للأدوية والسموم الحكومي، بينما تغطي الصناعة المحلية 40% فقط من حاجة السوق.

ويبلغ عدد المصانع العاملة في صناعة الأدوية نحو 27 مصنعاً، تُنتج نحو 232 صنفاً، من بينها أدوية الضغط والسكري والأزمات القلبية والمضادات الحيوية بأنواعها ومخفضات الحرارة، وأدوية الملاريا.

وطاولت الزيادة الجديدة الأدوية والعلاجات المنقذة للحياة، إلى جانب أدوية السكر والضغط وأمراض القلب والشرايين وغيرها من الأدوية.

هذا الارتفاع غير المتوقع في الأسعار، أثار استياء العديد من المواطنين، كما وصف صيادلة رفع الشركات الأسعار بالفوضى، لافتين إلى عدم اهتمام الجهات المختصة بالوضع الذي وصل له الدواء.

وأكد مختصون أن سياسة تحرير أسعار الدواء تزيد من معاناة المواطن، وتشكل خطراً عليه، مطالبين بضرورة تفعيل القوانين المنظمة لهذه السوق.

وحمّلت الجمعية السودانية لحماية المستهلك، وزارة المالية وبنك السودان، مسؤولية ارتفاع أسعار الأدوية، لعدم التزامهما بتوفير العملة الأجنبية بالسعر الرسمي لمستوردي ومصنعي الأدوية مما فاقم من الارتفاع.

وهذه ليست المرة الأولى التي يشهد فيها السوق زيادة في الأسعار، فقد سبق أن ارتفعت الأسعار بنسبة 50% العام الماضي، ما أثار غضب السودانيين.

وعزا عدد من الصيادلة أسباب الزيادة الجديدة في الأسعار إلى ضعف العملة الوطنية أمام العملات الصعبة، إضافة إلى عجز الحكومة عن كبح ارتفاع أسعار مختلف السلع، والتي بات يتحملها المستهلك بشكل ملحوظ.

وقال الصيدلي إبراهيم أحمد، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "الزيادة في الأدوية أصبحت مثلها مثل الزيادات التي تحدث في أسعار المواد الغذائية، حيث لا يوجد فرق بين سلعة وأخرى الآن".

مرضى السكرى ظلوا يشكون أمام الصيدليات لعجزهم التام عن الحصول على الدواء، وقال أحد المواطنين: "فوجئنا بالزيادة في علاجات السكري بنسبة 130% وهذا أمر خطير وفوق طاقتنا".

وينفي الصيادلة عن أنفسهم تهمة الاستفادة من زيادة الأسعار. وقالت مسؤولة عن إحدى الصيدليات في وسط العاصمة الخرطوم: "لسنا الجهة المعنية بالأمر، للأسف الدواء أضحى قابلاً لزيادة الأسعار من دون مراعاة لظروف المرضى الاقتصادية".

لكن الصيدلي حمزة أبو العباس، اعتبر الارتفاع في الأسعار طبيعياً، لانخفاض العملة المحلية وتحرير سعر الدواء، دون أن تجدى الحلول، والتي تحدثت عنها الحكومة، مشيراً إلى أن الزيادة جاءت متزامنة مع أحد الحلول وهي توطين صناعة الدواء.

وقال أبو العباس لـ" العربي الجديد": "نتوقع أن تشهد الفترة المقبلة نقصاً في العديد من الأصناف سواء المستوردة أو المصنعة محليا، ما يتطلب دعم الصناعة المحلية دعما حقيقيا وليس بالكلام فقط". وتعاني المصانع المحلية مشاكل عدة، تمثلت في عدم توفير الكهرباء والمياه، وفق جهات ممثلة للمصنعين.

وطالب صلاح علي، رئيس اتحاد المستوردين، بشمول جميع الأدوية في الدعم المخصص بالدولار، مشيرا إلى أن استثناء الدوية من هذا الدعم يعني استمرار الارتفاع في الأسعار.

وقال إنه في مقابل دعم الدولار المخصص لاستيراد الأدوية، ينبغي تقديم الشركات ضمانات تتعلق بعدم التصرف في المبالغ الممنوحة لها، وتوجيهها إلى أنشطة أخرى، مضيفا أنه لابد من مراجعة أنشطة شركات الدواء العاملة في السوق المحلية وتوفيق أوضاع بعضها من أجل تعزيز الصناعة.

وتستهدف الحكومة السودانية إعادة تشغيل مئات المصانع المتوقفة، في أعقاب رفع جزئي للعقوبات الأميركية في وقت سابق من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وذلك عبر خطة جديدة لإزالة العقبات، ومنها ضعف التمويل وترهّل البنية التحتية.

وقال وكيل وزارة الصناعة السودانية، بلال يوسف، في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد"، إن 40% من المصانع من جملة 6660 مصنع في البلاد متوقفة.
دلالات
المساهمون